"إبن الوزير وزير وابن الراعي راعي " إلى متــى ؟!!!

mainThumb

18-02-2009 12:00 AM

المقولة السّابقة لا تزال تتردّد عل ألسنة الكثير من أبناء المجتمع الأردني رغم الحراك الإجتماعي الكبير الذي طرأ على البناء الإجتماعي الأردني لأسباب سنوردها في سياق هذا البحث ، ولكن قبل الحديث عن هذا الموضوع بالنفي أو بالتأييد لا بُدّ من توضيح معنى الحراك الإجتماعي ، الذي يعني :

عملية تعديل مستمر من الداخل والخارج للنظام الاجتماعي ، تترابط من خلاله التغيرات الاجتماعية والثقافية فيما بينها ارتباطاً وثيقاً بحيث يستدعي احدهما الاخر في الكثير من الاحيان.

من التعريف السابق نستنتج بأن عملية الحراك الاجتماعي تعني الانتقال للافراد والجماعات من مكان لاخر داخل البناء الاجتماعي ، وغالباً ما تكون عملية الحراك الاجتماعي هذه ايجابية، ومن امثلتها:

انتقال الفرد من طبقة فقيرة إلى طبقة غنية لاسباب عديدة منها العلم أو الزواج من فتاة غنية أو بنت مسؤول كبير ، أو فوز شخص في الانتخابات النيابية .

كما يمكن ان تكون عملية الحراك الاجتماعي ظاهرة سلبية مثل تراجع الغنى في اسرة ما والتحول بها إلى حالة الفقر وما يترتّب عن ذلك من مشاكل اجتماعية .

مما لا شكّ فيه أنّ رياح التغيير هبّت على الكثير من المجتمعات في العالم ، وساهم الوضع الجديد في تغييرنمط الهرمية الإجتماعية لدى هذه المجتمعات ، فالنجاح ( بغض النظر عن نوعه وسببه) حرّك بعض الأفراد من طبقة دنيا إلى طبقة أعلى (الرئيس أوباما مثال واضح )، والمقولة( عنوان المقال) تنطبق تماماً على المجتمعات المغلقة المنعزلة فعلى سبيل المثال يوجد في الهند طبقية مقيتة ، فطبقة المنبوذين فيها (لاحظ الإسم) رغم تعدادها المليوني إلاّ أن الدولة لا تسمع بل لا تسمح لأحدٍ من أبناء هذه الطبقة بأخذ دور أو منصب بسيط ومهما بلغ أحدهم من العبقرية والنجاح ، إذاً لماذا لا زلنا نسمع في الأردن مثل هذه المقولات أو مقولات مشابهة مثل : توريث المنصب او الوزارة أو غيرها .

الأردن من أكثر الدول التي هبّت عليها رياح التغيير الإجتماعي وأصبحنا نسمع عن وزير من القرية الفلانية وعن أمين عام من البلدة العلانية وعن نائب أوعيْن من هنا وهناك في الريف والبادية ، إلاّ أن حجم الحراك الإجتماعي لا يزال دون المستوى المطلوب ، بل يمكن القول بأنّ العشائرية استقوت على ظاهرة الحراك ، وما نشاهده في التشكيلات أو التعديلات الوزارية خير شاهد على ذلك ، وفي هذا المجال يُمكننا إجمال عوامل الحراك الإجتماعي في الأردن وضمن مشاهداتنا بما يلي :

- المرونة والسهولة في تغيير الموقع الاجتماعي للفرد: ويعتمد ذلك على نوع النظام الاجتماعي كونه يقبل بالحركة ام لا، هذا من جهة كما يعتمد على نوع النظام السياسي الذي يسمح بحرية الحركة ام لا من جهة اخرى ، والمجتمع الأردني من اكثر الانظمة انفتاحاً وتيسيراً امام الأفراد لتغيير مواقعهم وادوارهم الاجتماعية.

- العِلْــم : وهو العامل الرئيسي في الحراك الاجتماعي داخل المجتمع الأردني، فعلى سبيل المثال كثيرة هي الامثلة التي تشير إلى أنّ كثيراً من أبناء الطبقة الفقيرة إجتماعياً ومادياً ومعنوياًوالمسحوقة تاريخياً (مع احترامي الشديد لهذه الطبقة ) وصلوا مراتب عالية في المجتمع الأردني واحتلوا مواقع مرموقة، ونقلوا اسرهم وعشائرهم احيانا إلى مواقع اعلى ، وكثيراً ما نسمع على السنة هؤلاء مقولة "كنت راعي وك?Zبّ?Zرْ ني ذراعي"، اذْ تُلاحظ الكثير من أمثلة هؤلاء حصلوا على شهادات عليا واحتلوا مناصب قيادية في الجامعات، أو احتلوا مناصب وزارية بجهودهم وعلمهم وتقدير الدولة لهم بان وضعتْهم في المناصب التي تتناسب وتخصصاتهم وشهاداتهم العلمية بغض النظر عن طبقاتهم واحوالهم.

كما نلاحظ ان كثيراً من هؤلاء العلماء وصلوا إلى قبة البرلمان لثقة شعبية لعلْمهم لا بمواقفهم وإرثهم الاجتماعي ( الصعب طبعاً) ، وفي انتخابات مجلس النواب الرابع عشر، اظهرت الانتخابات فشل كثير من المرشحين التقليديين من ابناء شيوخ العشائر والذين اعتادوا على الترشيح دوماً، ونجح آنذاك اشخاص مستقلين من حملة الشهادات العلمية العالية، وهذه الفئة الفائزة اعادت انتاج نفسها بشكلٍ مختلف ومتميز وبطريقة ديمقراطية حضارية، وهنا نرى انه من الضروري إستثمار هذه الظاهرة واستغلالها في معادلات النجاح والانجاز والاستقرار السياسي لتوجهات الدولة الأردنية.

ومن الأمثلة البارزة على ذلك هو نجاح ثلاثة اطباء مستشارين في تخصصات طبية هامة على دائرة بدو الوسط ، وقد كانت هذه مفاجاة كبيرة تحمل الكثير من معاني ومضامين الحراك والتغير الاجتماعي في المناطق النائية وفي البادية خصوصاً، وهذه بداية لمرحلة اجتماعية وسياسية تشكل نمطاً جديداً من الحراك الاجتماعي والثقافي النوعي في البادية الأردنية، كما نجح أشخاص بل تفوّق أشخاص عاديون ومن عشائر ومجتمعات بسيطة على أبناء عائلات من الذوات الكبيرة في المنطقة نفسها ( كما حدث في العديد من مناطق الأردن ، في الأغوار على سبيل المثال) .

- عمليات التحديث في المجتمع الأردني : ان انتقال المجتمع الأردني من مرحلة التحديث النسبي إلى مرحلة الابتكار والتميّز والإبداع يقتضي اعادة بناء الشخصية الاجتماعية الخلاقة بصورة تضمن تحقيق التوازن بين القديم والحديث, وترتكز على احداث نظريات الإدارة لخلق اقتصاد يمثل مُر?Zكبّاً فنياً وثقافياً واجتماعياً قادر على نقل الأردن(افراد وجماعات) نحو التحديث الكامل الآمن.

إن عملية التحديث كي تؤتي ثمارها ينبغي ان تسير في خطوط متوازنة ومتزامنة في القطاعات المختلفة داخل المجتمع الأردني , إذ تقتضي الحاجة بناء استراتيجية تأخذ في اعتبارها مراجعة الانظمة السياسية والتربوية والثقافية والاعلامية, وإعادة رسم الأسس التي ينبغي ان تقوم عليها المناهج الجامعية ومكوناتها ومحتوياها وسياساتها وآليات وضعها, وتطوير أعضاء هيئة التدريس , وإتاحة الفرص امام الشباب للانفتاح على العالم وفهم ثقافتة, واحتلال مواقع متقدمة في المجتمع ( باعتماد معيار الكفاءة) , وإطلاق الحريات للابداع من اجل ان يتضح وعي الشباب في مناخ يمهد الطريق امام النهوض الوطني الكبير.

أعزّائي القرّاء : سؤال أتمنّى أن تجيبوا عليه بصراحة وشفافية وتعليق مُقنع ، السؤال : هل المناصب العليا في الأردن ( الوزارات خاصّة) هي حِكْر على فئة معينة بغض النظر عن الكفـاءة ؟ لمــاذا ؟!!وكيف ؟!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد