الملامح العامّة لسياسة الإسكان والإعمار في الأردن

mainThumb

28-02-2009 12:00 AM

من أبرز الأهداف التي يسعى التخطيط الإقليمي والعمراني إلى تحقيقها هو إيجاد التوازن في توزيع السكان على كافة مساحة الدولة ما أمكن إلى ذلك سبيلا ، والدولة المثالية هي التي تُراعي هذه القاعدة ، وهذا الوضع لا يتم إلاّ إذا تحققّت العدالة في توزيع الخدمات (الإدارية والتعليمية والصحية والأمنية والإسكانية والبيئية ... الخ) على كافة أقاليم ومناطق الدولة ، وتطبيق هذا الأمر في غاية الصعوبة لأن مناطق الدولة متفاوتة في أهميتها الجغرافية ( وخاصة موارد الثروة الطبيعية ) والتاريخية والإجتماعية من جهة ، وضعف وغياب سياسات تخطيط المكان وتنميته (spatial planning) في كافة الأقاليم من جهة أخرى ( مثلاً الغور أوالمرتفعات الجبلية أو البادية في الأردن ) .

إنّ من أهمّ الفوارق بين الدول الحديثة والدول النامية يتمثّل في دقّة التخطيط للموارد واستغلالها بشكل أمثل ( optimum) ، وفي دقة عدالة توزيع الخدمات ، ولذلك تقلّ الفجوة التنموية The developmental gap بين الريف والمدن كما هو في حالة الدول الحديثة ( حيث تجد ريفها أجمل من مدنها ) ، امّا في حالة الدول الناميةunder develop countries فتختلف الفجوة التنموية الحضارية في درجة إتّساعها من دولة إلى أخرى ، وتشتدّ هذه الحالة في الدول المتخلّفة ( التي تأتي في المراتب الأخيرة بين دول العالم ) ، حيث يكون من أبرز مواصفات وزير التخطيط فيها أن يفهم بكل شيء ( نعم بكل شيء) ما عدا التخطيط وهنا الكارثة .

إذاً أين نحن من هذه المعادلة ؟؟!!

حقيقةً – وبكل شفافية – نفتخر نحن في الأردن بأنّ لدينا دقّة بل ومرتبة رائعة في أنواع كثيرة من التخطيط ، وفي مُقدّمتها التخطيط التربوي ( التعليمي) ، والتخطيط الصحّي ، والتخطيط الإقتصادي ،حيث تشير إلى ذلك العديد من التقارير العالمية ( الأمم المتحدة مثلاً) وبلغة الأرقام والمراتب ranks ، وبالمقابل فإنّ مرتبة تخطيط المكان لدينا ( الريفي rural والحضري urban والبدويbedwin ) هي دون طموحنا وتطلّعاتنا ، ولذلك تورّمت لدينا بعض المدن ( عمان والزرقاء وإربد ) وتراج?Zع?Z النمو الطبيعي لبعضها الآخر ( عجلون والطفيلة ومعان ) ، وت?Zوازن?Z نمومدن أخرى طبيعيّاً لا تخطيطياً ( الكرك والمفرق والعقبة والسلط ومادبا وجرش) ، وذلك بسبب ما يُسمّى : الصراع الطبيعي لنمو المدن ، واعتمد حجم التورّم لمجموعة المدن الأولى والتراجع لمجموعة المدن الثانية على حجم ظاهرة الهجرة الوافدة ( للمجموعة الأولى) والمغادرة ( للمجموعة الثانية ) .

وفي الحالة الأردنية وفي سياسة الإسكان والإعمار يمكن القول تحديداً وبإيجاز :

بدأت مشكلة الإسكان تبرز على الساحة الأردنية منذ منتصف القرن العشرين وذلك على اثر هجرة اللاجئين الفلسطينيين وإقامة مخيماتهم قرب المدن الرئيسية مثل عمان و الزرقاء واربد ، ولم نستفد من هذخ التجربة فتكرّر الامر نفسه بعد حرب 1967، وفي منتصف السبعينيات من القرن العشرين ( أزمة لبنان ) ، وفي عام 1990 ( أزمة الكويت ) وآخرها احتلال العراق ، وبغض النظر عن كيفية مداهمة هذه الظروف للأردن فإنّها للا تشفع للمخطط الأردني ، ولا تعفيه من المسؤوليّة .

وبسبب غياب السياسات الاسكانية ( تحديداً) أصبحت العاصمة عمان منطقة جذب سكاني ومدينة مُهيمنه حضرياً(urban primacy)على كلّ الأردن بمعنى الكلمة ،ليس لأنّها العاصمة (وللعواصم بريق ولمعان كبيريْن) بل لأن المشاريع والمؤسسات الرئيسة أقيمت في هذا الموقع وفي هذا الواقع المرير ، ممّاجعل حوالي نصف سكان الأردن يسكنون ويعيشون في المستطيل الذي يمتد طولة من شرق حدود بلدية الزرقاء إلى غرب حدود بلدة صويلح ، وعرضه من حدود مخيم البقعه شمالاً وحتى حدود القويسمه جنوباً , بعبارة أخرى في مستطيلٍ مساحته 1600 كم2، وبما أنّ مساحة الأردن 89287كم2 فإن حوالي نصف سكان الدولة يعيشون على حوالي 2% من مساحتها( في المستطيل المذكور) ، وقد أجبرنا هذا الواقع مثلا على سحب المياة من منطقة الازرق ومن دير علا ومن وادي الوالة والموجب , وفي المستقبل من الديسة ومن أماكن أخرى إلى عمان والزرقاء , بدلا من ان يتم نقل السكان إلى تلك المواقع لإحيائها من خلال انشاء المشاريع في تلك المناطق أو قريبا منها.

ما ينطبق على عمان والزرقاء كبؤرٍٍٍ متورّمة إسكانياً في الاقليم الاوسط ، ينطبق على مدينة إربـد كبؤرة متورمة في اقليم الشمال ، ويمكن ان ينطبق على الكرك في المستقبل القريب , إن لمثل هذا الواقع الإسكاني عواقب خطيرة اجتماعياً وسياسياً وأمنياً وأخلاقياً ، لذلك فإن المصلحة الوطنية الأردنية تقتضي وضْع سياسة إسكانية بحيث تُعيد توزيع السكان على جميع مناطق الدولة من خلال تطوير مشاريع جاذبة للمواطنين في هذه المناطق .

أعزائي القُراء :

1- ما رأيك بما قرأته أعلاه ؟!!

هل يقلّل دمج البلديات من هذه الظاهرة ؟!! أم يزيدها حدّةًً وتعقيداً؟!! وكيف؟!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

استقرار أسعار الذهب في السوق العالمي

استقرار أسعار النفط قبيل محادثات تجارية بين أميركا والصين

رئيس الوزراء مهنئا الملك بعيد الجلوس الملكي: دمتَ ذخراً لهذا البلد الأصيل

قرار من ترامب بشأن مواطني 12 دولة يدخل حيز التنفيذ

عودة أولى قوافل الحجاج الأردنيين عبر المدورة

رئاسة الوزراء تهنئ الملك بعيد الجلوس الملكي

الأردن يواجه العراق الثلاثاء بتصفيات كأس العالم

الملك يصل الى موقع انعقاد المؤتمر الثالث للأمم المتحدة للمحيطات في نيس الفرنسية

الليمون والموز يتصدران قائمة الأغلى سعرًا في سوق عمان المركزي

الاحتلال يُصدر تحذيرًا عاجلًا لسكان شمال غزة ويدعوهم للإخلاء الفوري

الديوان الملكي يهنئ الملك عبدالله الثاني بعيد الجلوس الملكي

سوريا .. الجهات الأمنية تطلق سراح عشرات الموقوفين في اللاذقية

28 مصابًا بقصف إسرائيلي استهدف نقطة مساعدات وسط غزة

الحالة الجوية ودرجات الحرارة المتوقعة الإثنين

رونالدو: لو اضطررت لكسر ساقي لفعلت ذلك