قراءة في العلاقة بين المعلم والطالب

mainThumb

04-10-2009 12:00 AM

الأصل في العلاقة بين المعلم والطالب أنها علاقة ايجابية ودية, قائمة على الاحترام المتبادل والثقة المشتركة, وأي نظرة أو اعتبار أو شكل أخر لهذه العلاقة مرفوض وغير مقبول. ما يطفوا على السطح التربوي حول طبيعة العلاقة القائمة بين هذين الطرفين المهمين في العملية التربوية يعكس خلالا واضحا في طبيعة هذه العلاقة والأسس التي ينبغي أن تقوم عليها.
المعلم الجيد ثروة لا تقدر بقيمة, فهو مهندس المستقبل وراسم حدود بنيانه ورافع قواعده وأسسه, والطالب على الوجه الآخر مادة المستقبل ومداده الذي نخط به دروب التقدم والنجاح ونلون به الغد المشرق. كيف ينبغي إن تكون العلاقة إذن بين المعلم والطالب؟ ولماذا تعتري هذه العلاقة الكثير من الشبهات ويكتنفها الغموض أحيانا؟
الأصل كما قلنا في العلاقة إنها علاقة ايجابية قائمة على المودة والمحبة والاحترام المتبادل بين الطرفين والأطراف الأخرى ذات العلاقة فما الذي أدى إلى هذا التحول؟
وهنا لا بد من الاعتراف بان نظرة المجتمع الأردني والعربي بشكل عام قد تغيرت نحو المعلم والتعليم, ليس من باب أن الاهتمام بالتعليم قد تراجع أو أصبح اقل, بل من باب ما الذي ينبغي أن يتعلمه الطالب وكيف؟ وما القيم التي ينبغي على الطلبة اكتسابها جنبا إلى جنب مع المعارف المختلفة التي يدرسها الطلبة في المدارس والجامعات. كما تغيرت نظرة المجتمع إلى المعلم وتراجع دوره وفقد كثيرا من مكانته واحترامه من أولياء الأمور, مما انعكس على احترام الطلبة له.
المعارف المختلفة التي تحرص الجهات المسئولة على إكسابها للطلبة على أهميتها لا يمكن أن يكون لها قيمة أو معنى دون حافظة ووعاء قيمي يحفظها ويوجهها ويسيرها في الاتجاه المناسب. التركيز على التعليم القيمي أو تدريس القيم والأخلاق ينبغي أن يسير جنبا إلى جنب مع تدريس المعارف والعلوم المختلفة, لا بل ويقدم عليها كما باتت تفعل الكثير من الدول.
السياسات التعليمية, وهنا سأورد مثالا واحد يتعلق بنسب النجاح والرسوب الذي تعتمده وزارة التربية والتعليم الأردنية, والذي يعده الكثير من المعلمين واحدا من الأسباب التي تقلل من الشأن القيمي الأخلاقي, ويجعل العلاقة بين المعلم والطالب علاقة غير طبيعية, وغير متكافئة أو قائمة على أسس مقبولة. نسب الرسوب التي تسمح الوزارة بها لا تمكن المعلم من ممارسة رسالته في التعليم والتقييم والتشخيص, وتشجع الطالب على عدم احترام معلمه بطرق مختلفة مباشرة وغير مباشرة.
المراهنة على وعي الطالب في ممارسة أصول التعامل مع معلميه مراهنة على جواد خاسر ولن تقود إلا إلى مزيد من التأزم في هذه العلاقة المهمة جدا. كما أن المراهنة على صبر المعلم وحلمه ووعيه في التعامل مع الطالب المتمرد على كل الأنظمة والأعراف مراهنة خاسرة أخرى لن تقود إلا إلى المزيد من الشحناء والبغضاء والاختلاف.
أولياء الأمور وهم أصحاب سلطة معنوية واجتماعية على أبنائهم أصبحوا يعانون من طبيعة ومسار وشكل العلاقة القائمة بينهم وبين أبنائهم, مثلهم في ذلك مثل المعلمين تماما, وهذا يشير كما أسلفت سابقا أن هناك خلالا قيميا في العملية التعليمية, وفي القيم التي ينبغي إكسابها للطلبة إلى جانب المعارف المختلفة في الرياضيات والعلوم واللغات وغيرها. كما أن العلاقة بين ولي الأمر والمعلم لا تقل أهمية عن علاقة الطالب والمعلم بل هي علاقة مكملة لها.
وزارة التربية والتعليم مطالبة بإعادة النظر في كثير من الأنظمة والتعليمات التي تؤسس وتنظم العلاقة بين المعلم والطالب لأنها أيضا تؤسس للعلاقة بين المعلم وولي الأمر وتنعكس على طبيعة العلاقة بين المعلم والطالب قبل أن تنهار هذه العلاقة وتتغير عن مسارها الصحيح ويعاني أطرافها من الانفصام لا قدر الله. كما أن وزارة التربية والتعليم مطالبة بزيادة رواتب المعلمين وإتباع سياسات تربوية تعيد للمعلم احترامه ومكانته التي يستحقها حتى يبقى دائما صانع أمجاد الوطن وصانع رجاله.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد