لو عندي ولد

mainThumb

06-11-2008 12:00 AM

لو عندي ولد مازلت أذكر مالك ماضي وهو يشدو بأغنية ( لو عندي ولد لعمر بلد) , وما زلت أذكره يغني بصدق , ليشحذ الهمم ويقوي عزيمة الأبناء ? ولكنّ الولد يا سيد مالك في النوم قد خلد , وعلى المتاعب ليس له ?جلد , فكيف بالله عليك يعمر البلد؟ خاب رجاؤك , وامتلأت بيوتنا تلبية لندائك بالأولاد , وتذمرنا ألف مره كلما رزقنا الله بالبنات , فنحن بحاجة إلى سواعد الأبناء , أمّا سواعد البنات فلا تقوى إلا على حمل الأساور , مع أنّ الواقع أثبت غير ذلك .

أمّا جمعيات تنظيم الأسرة , فلم يعد أحد يطرق أبوابها , وحبوب المانع أصبحت ملعونة , فكما يتضح من سياق الأغنية أنّ تحديد النسل متعارض مع إعمار البلد , الذي يقوم على إعماره حاليا العمال الوافدون , الذين أعطوا لبلدنا الكثير من جهدهم وعرقهم , ولكنها مرحلة انتقالية إلى أن يشتدّ ساعد الولد .

لقد طال الإنتظار يا ولدي , ولا أرى معولا في يديك , بل الخلوي يغفو في كفيك , وأرى العلكة تداعب خديك , وقد أبدلت كراديش جدك بالكيك , ولم أسمعك تقل لنداء الواجب : لبيّك .

قم يا ولدي , فغبار الورشة على شعرك أحسن من الجلّ , ومن نصايح أبوك يا إبني لا تملّ , ناطرين نشوفك رجّال , مش من طلقة خرطوش تفلّ , ترى عمايلك يا فلذة كبدي بتعلّ قم يا ولدي , واسمع نداء الشاعر حين قال : يافا تئن , أما سمعت أنين حيفا ؟ وشممت عن بعد شذى الليمون صيفا ؟ تبكي فإن لمحت وراء الأفق طيفا , سألته عن يوم الخلاص متى وكيفا ؟ هي لا تريدك أن تمضي العمر ضيفا .

في يوم زواجي يا ولدي , كان اللحم عزيزا وغائبا عن موائد الضيوف , وحتى الأيادي كانت تعجز عن طرق الدفوف ? فهذا أقصى ما يقدمّه من كان غداؤه ملفوف , في أحشائه رزّ بلا لحم , ورقاب دجاج بين الصفوف .

وقد قلت للضيوف عبر السماعات أننا سنرد العرفان بالعرفان? فقد حضروا وشاركوا . فقال قائل ? ولماذا لا ترد العرفان بالخرفان؟ عذرا يا ولدي , فقد استعجلت قدومك لإعمار البلد , ولم أنتظر حتى يتوفر معي ثمن الخرفان . وعلى كل حال , فقد دعا الحاضرون لي وبقايا الجاتو في الصحون تشهد , بأن يعطينا الولد?

فرحت بدعائهم , وجئت يا ولدي , وبدلا من إعمار البلد عمرّت المقاهي وأبواب الدكاكين , وبعت ما تبقىّ من أرضي من فدادين . إنّني أستصرخ الهمم في جوفك يا ولدي ألا تجعل الرجاء في نفس مالك ماضي يشيخ , ولا تجعل الزمان بنا يعيب , ولا تكن في بلدك غريب , فالسلاحف أكثر معرفة بالطرقات من الأرانب , ولا أملك في الختام إلا أن أقول لك يا ولدي : الله يهديك .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد