إلى من افتقده القرطاس والقلم (الدكتور محمود عبد الرحيم)

mainThumb

09-11-2009 12:00 AM

الدكتور حسن فالح البكور

عشرة أعوام مضت، جمعتنا خلالها موائد أُلفة ومحبة، ومجالس صداقة وموّدة، وزيارات أسرية أخوية، وملتقيات علمية تحمل في عناوينها براءات نقيّ?Zة وتعلو هاماتها ابتسامات قلبية، وتنتهي بقبلات عفوية ,منسوجة من عباءات مطرّ?Zزة بتحيات رحمانية.

أخي وقرّ?Zة عيني وأنيس فؤادي ورفيق دربي، مهما خطّ قلمي من كلمات التبجيل والتعظيم بحقك، فإن مداده سينضب ويجفّ?Z، فعذراً وألف عذر لأن قلبي الناطق باسم قلبي حائرٌ في الأمر، وربما لم يصدق ما جرى لقرّ?Zة العين.وحينما تناهى إلى سمعي الخبر ,بكيتك دمعاً لو عانق ربيع الأرض احترق، ولو طوته جوانجي ولم يظهر للملأ لاستحال فؤادي شعله نار لا تنطفىء، ستبكيك يداي اليتيمتان اللتان غمرتهما يداك بالدفء والأمل، ستبكيك أذناي اللتان اعتادتا شجيّ?Z صوتك الحسن، سيبكيك لساني الذي تتلمذ على نطقك بدرر الألفاظ على مدى الزمن، فهل أحبتي من يلومني على فقدي أنيسي وجليسي في الأشهر الحرم، وباقي الشهور على مدى العام فهل من مدّكر.

أخي وقرّ?Zة العين وحبيب القلب الدكتور محمود عبد الرحيم ( أبو ماهر ) رحمك الله, بالأمس القريب كنا نحتسي الشاي والقهوة في مكتبي، ونحل?Zّق معاً في الآفاق طرباً وفرحاً، نقتل ساعات الملل معاً، وندفع عن بعضنا غباراً يكاد يلتصق على جدران القلوب، فأنّى له الصمود بين عزيمتك القاهرة، نداوي جراحات بعضنا ببلسم الكلام كدواءٍ يشفي بفعاليته الجروح وعللاً استعصت على الطب?Zّ وعصر العولمة ,كنت جاري، كنت زائري، كنت رفيقاً، واليوم طواك – يا أعز صديقٍ – القدر، فاختارك البارىء الى جوره للأبد,، من سيكون جاري بعد رحيلك يا أنبل الأحباب من البشر، اعتدت حلاوة لسانك وبراءة القلب، والأجمل من هذا وذاك حينما أقترح عليك فكرة تقول لي : أنا حاضر، أنت تأمر، وأنا خدّامك فهل من متواضعٍ بمواصفاتك يا عزيزي أجد، لا والذي خلق السماوات بغير عمد، ما أجد سواك مهما طال العمر أو قصر الزمن.عذراً أيها الصّ?Zديق الصّدوق، فالمُصاب جلل، ومهما كتبت أو نظمت فسيظل قلمي قاصراً عن الوفاء بحقك، ومهما عبّ?Zرت عن ألمي وحزني وصدمتي، فلن يُترجم الورق حقيقة لهب الحسرة والوجع التي أصابت بسناها جوارحي فما عادت تنبض إلا بالجرح والألم، واريناك التراب فكانت لحظة تدبُّر وتفكّ?Zر، وإيمان عميق بأن البداية للكل فضاء رحبٌ ,والنهاية متران مضروبان في متر فهل من معتبر ؟

أخي وصديقي العزيز الدكتور " أبو ماهر " كلُّ من أحبّ?Zك بكاك بدمعٍ منهمر، بكاك زملاؤك وأخوانك في القسم, فلامست دموعهم التراب الذي غطى جسدك الطاهر، لعلّها تكون رسالة وفاء تعانق لحدك فتأنس بها، يا من كنت أنيسنا عند اشتداد المحن. بكاك نشامى القسم من تلاميذك الذين سالت دموعهم أنهاراً من أعلى التلال إلى قبرك, فامتزجت معاً لتشك?Zّل إكيلاً ينبض بالحبّ والاخلاص لروحك الطاهرة، بكاك القرطاس والقلم، فمن لك بعد اليوم يا قرطاس ويا قلم، غادرك الفارس الشّهم إلى مكانٍ لا رجعة منه إلى ميادين العلم والأدب، ستظلّ يا قرطاس ويا قلم يتيمين بلا عمل.

ولأسرتك الكريمة عزائي ودعائي لها بالصبر والسلوان، وعظم الله الأجر. وأنت أخي الدكتور أبو ماهر، أسأل الله ان يمدّ لك في قبرك وأن يجعله روضه من رياض الجنّة، ويتقبلك بقبول حسن، وأن يغفر لك ويرحمك ويلطف بك، وأن يغسلك من خطاياك بالماء والثلج والبرد، وأن يباعد بينك وبين النار كما باعد بين المشرق والمغرب، إنّه غفور رحيم.

* جامعة الحسين بن طلال



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد