متى يتحرك الضمير العربي

mainThumb

22-06-2025 01:46 AM

ما يزال الشرق الأوسط يغلي فوق صفيحٍ ملتهب، تنقله أقدام الحروب من عاصمة إلى أخرى، ومن دولة إلى دولة، ضمن مشهد دموي متسلسل بدأ باجتياح غزة، مرورًا بقصف لبنان، فاستهداف سوريا، ثم اليمن، وها هي اليوم إيران تتصدر مشهد التصعيد. السؤال المرعب الذي يفرض نفسه بإلحاح: من الدولة العربية التالية؟

إن ما يجري ليس سلسلة أزمات منعزلة، بل خطة ممنهجة تُنفّذها أذرع الكيان الصهيوني بغطاء كامل من الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وهم أنفسهم حلفاء العرب على الورق، ولكنهم في الحقيقة داعمون لماكينة الحرب والقتل والدمار.

لقد آن الأوان لأن تستفيق الأمة العربية من غفلتها الطويلة. فسياسة الشجب والاستنكار لم تعد تساوي الحبر الذي تُكتب به، والموقف الرمادي لم يعد له مكان في مواجهة التغول الوحشي الذي يستهدف الإنسان العربي، والهوية العربية، والسيادة العربية.

حان الوقت لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، لا شعارًا سياسيًا، بل أداة حقيقية لردع المعتدي وحماية الأمة من التفكك والسقوط. فلم يعد مقبولًا أن تظل العواصم العربية في موقف المتفرّج، تراقب الكيان الصهيوني وهو ينفرد بكل ساحة عربية على حدة، بينما تقف الأمة، بكل ما تملك من ثقل جغرافي واقتصادي وبشري، عاجزة.

الدول العربية يجب أن تكون خطًا أحمر. لا يجوز الاقتراب منها أو المساس بسيادتها دون ردّ واضح وحازم. ولأجل ذلك، ينبغي إنشاء تحالف عربي صادق، لا شكلي، تحالف يُبنى على الإرادة السياسية الحرة، والاستقلال عن المحور الأمريكي المنحاز للكيان الصهيوني.

كما أن تنويع مصادر السلاح، من الشرق والغرب، بات ضرورة استراتيجية لا خيارًا، للخروج من هيمنة من يصدرون السلاح بشروط سياسية تُكبّل الإرادة الوطنية.

في ظل هذا الواقع، علينا أن نتساءل بجدية:
هل العرب اليوم يفكرون بما جرى ويجري؟
هل يدركون أن أمامهم كيانًا استعماريًا يقتل الأطفال، ويهدم البيوت، ويضرب كل مفاصل الدولة، ويحلم بإعادة شعوبنا إلى عصر ما قبل الدولة؟

لقد فشلت كل المنظمات الدولية، وكل القوى الكبرى، وكل الوساطات، في وقف آلة الحرب الصهيونية على غزة منذ اندلاعها حتى اللحظة.

فماذا ننتظر؟
هل ننتظر أن تقع كارثة جديدة في عاصمة عربية أخرى؟
أم أننا سنمتلك أخيرًا شجاعة القرار العربي المستقل، ونحمي شعوبنا، وحدودنا، ومستقبلنا؟

إن اللحظة تستصرخ الضمير العربي قبل أن يُكتَب عليه دور الضحية القادمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد