الصين مزيد من الإنجازات .. مزيد من الجدل

mainThumb

22-12-2008 12:00 AM


في سبتمبر الفائت بثت معظم الفضائيات صوراً لرائد الفضاء الصيني جاي جيانج وهو يلوح بعلم بلاده في إعلان عن نجاح التجربة الصينية في ارتياد الفضاء وإطلاق مركبات فضائية مأهولة لتصبح الصين الدولة الثالثة بعد الاتحاد السوفيتي (سابقاً) والولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال، ورغم التكتم الكبير على تفاصيل وحجم الإنفاق والطموحات المستقبلية إلا أن الجميع يدرك أن تكاليف غزو الفضاء وما يصاحبها من أبحاث تخص المجالين العلمي و العسكري تتطلب نفقات وجهود ضخمة لا تتوفر إلا للدول التي تمتلك ما يؤهلها للانخراط في برامج غزو الفضاء، كما يأتي هذا الحدث في الوقت الذي يثار فيه جدل كبير حول فعالية وقوة النظام الاقتصادي في الصين الذي يعد اليوم أسرع اقتصاديات العالم نموا حيث تشير الأرقام إلى نمو اقتصادي غير مسبوق (11.4%) ولكن ما يثير الاستغراب ويدفع نحو مزيد من الجدل أن هذه الانجازات التي تحققت في مجالات متعددة لم تنعكس على رفاه المواطن ومستوى الخدمات التي يتمتع بها، فلا يتسنى لنسبة كبيرة من الشعب الصيني الانتفاع بنظام الرعاية الصحية والتعليم الحكومي والخدمات الأساسية مما يثير تساؤلا كبيرا حول الغاية من برنامج غزو الفضاء وأثر هذه الانجازات في بلد يبلغ معدل دخل الفرد السنوي فيه 700 دولار وهو رقم متواضع إذا ما قيس بمتوسط دخل الأفراد في دول العالم المتقدم أو حتى النامي .

في هذا الصدد يشير الخبراء في الشأن الصيني إلى توفر عدة دلالات تعزز الفكرة التي تقول أن الصين تحرص على أن تكون دولة ذات حضور قوي على الساحة العالمية كلاعب رئيسي، فهي تعمل بكامل طاقتها لتصبح قوة ذات شأن على المستوى الدولي وفي ذات الإطار يرى البعض أن الصين ربما لن تجني الكثير من وراء هذا الإنجاز المثير على المدى القصير لكنها بالتأكيد وعلى المدى الطويل سوف تحصد كل يوم ثمرة من وراء ارتفاع قيمتها كدولة و كصناعة تحظى بتقدير كل من يتعامل معها للمستوى التكنولوجي وقدرتها التنافسية المكتسحة لمعظم أسواق العالم ويمنح منتجاتها ثقة أكبر لدى المستهلك.

يطرح البعض وجهة نظر تناقض الفكرة السابقة تشير إلى أن الإنجازات التي تتحقق اليوم على الصعيد الاقتصادي والعلمي في الصين ما هي إلا فقاعة صابون سرعان ما تتلاشى والدليل أن المنجزات لم تسير بموازاة تغيرات واضحة على الرفاه الاجتماعي أو الحرية السياسية بل نلحظ أتساعا في الفجوة بين طبقات الشعب وانتقال معظم الطبقة المتوسطة إلى طبقة عاملة وبدخول قليلة فلقد أشار تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2008 إلى أن ثمن النمو الاقتصادي في الصين أو ما يسميه البعض بالمعجزة الاقتصادية هو ثمن إنساني، مما يؤكد أن الصين تعمل لصالح الشركات العالمية التي تستفيد من الأيدي العاملة ذات الأجور الرخيصة إضافة إلى توفر المواد الخام، وأفضل ما يطلق على هذا النوع من الاستثمارات أنها استثمارات عابرة.

خلاصة القول أن الأنظار تتجه الآن وبتركيز شديد إلى الصين كنظام اقتصادي في ظل تصاعد وتيرة الشكوك في جدوى فعالية الأنظمة الرأسمالية بعد الهزة العنيفة التي أصابتها مؤخرا، ويأتي هذا التوجه في محاولة للتوفيق بين نقاط القوة في النظامين الرأسمالي والاشتراكي بغية الوصول إلى نظام اقتصادي يوازن بين تدخل الدولة في السوق ورفاه الأفراد.


moha_r70@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد