القليل القليل عندما يشفي الغليل

mainThumb

09-01-2009 12:00 AM

بالأمس امتلأت نفوس الكثير من أبناء الامة العربية الاسلامية وقلوبهم بالعزة والكبرياء والشموخ، بالرغم ما في النفس والقلب من حسرة وحرقة وغصة جراء المحرقة الصيونية الحاقدة ، التي يتعرض لها الأهل والأحبة في غزة هاشم.

اقول امتلأت أنفسنا عزا وكرامة بسبب تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان المعبرة ،والناطقة بلسان حال الكثير من أبناء الامة العربية الاسلامية, وبسبب إعلان فنزويلا وعلى لسان رئيسها المناضل أوغو تشافيز ولسان وزير خارجيته مادورو طرد السفير الاسرائيلي من كراكاس وقوله :إن كرامته لا تسمح ببقاء السفير الاسرائيلي في بلاده في ضوء المحرقة الصهيونية التي يتعرض لها أهل غزة, ونعتهم الدولة الصهيونية بأنها دولة حاقدة جبانة وأن على العالم أجمع محاكمة قادتها على اعتبار أنهم مجرمو حرب , وأن جرح غزة علامة سوداء في جبين الانسانية جمعاء.

فرح اشراف العرب والمسلمين كثيرا بما قاله رئيس وزراء تركيا, وفرح اشراف العرب والمسلمين بطرد السفير الاسرائيلي من فنزويلا، على الرغم من أن العدوان الصهيوني آخذ في التصاعد, و أعداد الشهداء في تزايد, و المواقف العربية آخذة في الفرقة والتباعد.

إن هذا الفرح و الشعور بالنصر يعكس حالة الانفصام القائمة بين الشعوب العربية الاسلامية وبين حكوماتها ,مما جعل الكثير من أبناء الامة الاسلامية العربية ينظرون بعين التقدير والاحترام والفرح والرضى لمثل هذه التصريحات والأفعال ، والتي - كما قلت سابقا - لم تغير شيئا في الواقع الماسوي المرير الذي يعيشه أهل غزة.

إن الشعوب العربية تعيش حالة من الانكسار والضعف ، وإلا لما سعدت كل هذه السعادة بهذه التصريحات والافعال ، وتعيش أيضا حالة من الاحتباس النفسي العاطفي -إن جاز التعبير- وإلا لما فرحت كل هذا الفرح بهذه الانتصارات اللفظية المعنوية ، كما تعيش حالة من الذل والهوان وحالة من التعطش للنصر والكرامة ، وإلا لما رأت في هذا الانجاز انجازا عظيما.

لقد كتبت المقالات الكثيرة التي امتدحت الموقف التركي الرائع ، والموقف الفنزويلي الشجاع ، وأحسسنا بالخجل نحن العرب والمسلمين من تقصيرنا وخذلاننا وعجزنا، حينما نسمع هذه التصريحات والافعال الشجاعة.

لقد اعلنت المقاومة الشجاعة المنتصرة بإذن الله في غزة ومنذ بداية المحرقة الصهيونية أنهم لا يريدون ولا يتوقعون شيئا من الاشقاء العرب, لقد قالوا صراحة أنهم لا يريدون ولا يتوقعون أن تحارب الجيوش العربية معهم, لقد قالوا صراحة أنهم قد فقدو الامل والرجاء بالعرب منذ أمد بعيد.

إنها لصورة مؤلمة ،وتوقعات محزنة مخزية بحق كل الحكومات العربية. لقد كان كل ما طلبته المقاومة الباسلة من العرب الاشقاء هي وقف التآمر ضد المقاومة, ووقف التحالف مع العدو ضد الأخ.

ومما يؤسف له حقا أن هذا المطلب الاخوي البسيط لم يتحقق للمقاومة.

لقد بادر الاردن الكبير ومنذ بداية العدوان الغاشم على غزة بدعم الاشقاء قيادة وحكومة وشعبا ، وكان الدعم الاردني متناسبا مع امكانات الأردن والاردنيين مع أننا لا زلنا نأمل في طرد سفير الحقد من عمان التاريخ والعروبة ،وأن يترجم تلويح الحكومة إلى تصريح بين, هذا مع ملاحظة كيف تعمل بعض الحكومات العربية على قمع شعوبها ومنعها من التعبير عن رفضها لهذ العمل العدواني الجبان,فتمنع التظاهر للتنديد بالعدوان.

أنه لموقف مخز عندما يتامر الشقيق على شقيقه, إنه لموقف مخز حين يبيع الاخ اخاه, إنه لموقف مخز حين يخنق الأخ أخاه, إنه لموقف مخز حين يهون الأخ على أخاه.

يا حكومات أمتنا العربية الاسلامية استفيدوا درسا بسيطا من هذا, واعلموا أن الشعوب العربية المسلمة شعوب خيرة طيبة, شعوب تمتلئ كرامة وهمة وعزما. وأنها تنتظر منكم ا مثل هذه المواقف الشجاعة , فلا تجعلوها تنتظر طويلا ولا تجعلوها تنظر إلى غيركم, ولا تجعلوها تتوقع النصرة من غيركم .تذكروا أن تكونوا سباقين مبادرين لا متاخرين مقلدين, تذكروا أن تكونوا قادة لا تابعين,و تذكروا يا قادتنا ويا زعمائنا أن الشعوب العربية المسلمة ترضى بالقليل القليل عندما يشفى الغليل

. abdallahazzam@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد