زمن الباطنية

mainThumb

02-01-2010 12:00 AM

صفة قديمة قدم التاريخ، تظهر في الأفراد والجماعات، واتخذت على مدى التاريخ العربي والإسلامي داعما لمعتقدات دينية، واتقت وراءها جماعات على مدى قرون، وهي ببساطة تتلخص "كفكرة" في أن الإنسان إذا اصطدم بالقوة، إما أن يقف في وجهها وتسحقه أو ينحني أمامها ويبقى حيا ويحافظ على معتقداته داخله " في بطنه"! ولا يجهر بها إلا إذا شعر أنه بعيد عن عين السلطة.

وحتى أن بعض الباطنيين لا يعلّم أبناءه الصغار معتقداته، ويبقيهم على معتقدات المجتمع الذي يعيشون فيه حتى يشتد عودهم ويؤتمنون على السر الباطني فيطلع على المُخبّأ.

وليس شرطا أن يكون المعتقد الباطني صحيحا، المهم هو يعبر عن ما يراه صاحب المبدأ الباطني انه صحيح ويخفيه عن الآخرين وخاصة السلطة " التي ترى غير ما يراه" حتى يحافظ على استمراريته، ولا يحاول الباطني مناقشة سلوكه حتى بينه وبين نفسه، لأنه لا يريد أن يتخلى عن هذا السلوك ولا يرى عيوبه أو قصوره.

أنا لست في صدد محاكمة أصحاب الاتجاهات والأهواء والمعتقدات الدينية، ولكنني سأناقش الموضوع من زاوية اجتماعية واقعية تتلبس بها المجتمعات العربية هذه الأيام، من ناحية سياسية وليس من ناحية المعتقدات الدينية، وبشكل فردي إذ هو سلوك فردي، وإن كان تعدد الأفراد الذين يتخذون هذا السلوك في ازدياد، حتى بلغوا درجة الإجماع، وقد تتخذ هذا السلوك جماعات سياسية وأحزاب وتجمعات.

في المجتمع لا تجد من يجهر بالحق إلا القليل، حتى لو كان في وجه شخص لا يملك سلطة أو سطوة ولا يخيف أحدا، ولا يقول رأيه في الشخص إلا في حالة غيابه عن عينه، وقد يكون مجلس كامل يتخذ رأيا ويفيض في الحديث فيه، وفي لحظة ما عند دخول أحدهم ينقلب الرأي رأسا على عقب ويبدل الكل الحديث حتى ينسجم مع ما يريد الداخل، أو حسب ظنهم أنه يوافق هواه.

وترى الباطني علما وطنيا ويتباكى على الوطن وعلى خدمته، ولا يتوانى لحظة إذا خلا الى نفسه والى من ينتمون اليه أو ينتمي اليهم، في خدمة باطنيته وإعلائها، حتى لو سحقت الوطن، وأفقرت المواطنين، وقد يخدع في باطنيته الجميع حتى يختار للخدمة عدة مرات!.

وهذا ليس في جانب واحد، بل لا يوجد سمت واحد لهذه الباطنية، فقد يريد الحاكم أمرا معينا في الصالح العام، فيحشد له من الباطنيين الكثير ظنا منه أنهم يخدمون الوطن والمواطن، ولكنهم يحورون أنفسهم على إرضاء الحاكم إذا حضر، وإذا تولى عمل كل لنفسه ولباطنيته ونسوا الوطن ومصلحته، وإذا تحدث أحدهم على العامة تراه من أكثر الناس حرصا على المصلحة وأفعاله تقول غير ذلك، وهذا للأسف يكون في جميع القطاعات وعلى كل المستويات، ولذلك يمر المصلحون الباطنيون ولا يحدث الإصلاح، ويتكرشون ليجوع الوطن، ويمارسون لوك

الكلام لإرضاء الحاكم والناس وللاستهلاك الإعلامي، وأفعالهم باطنية ...

لن نتقدم خطوة في الاتجاه الصحيح - كما يقول البعض في وسائل الإعلام- ما دمنا باطنيين أفرادا وجماعات ومؤسسات حكومية ومدنية ووسائل اعلام!!.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد