أقوال بلا أعمال

mainThumb

26-01-2010 12:00 AM

رياض الربابعة

لعل من ينتقد الآخرين ولا يرى الا عيوبهم وينسى أو يتناسى نفسه وما فيها من عيوب هو أسوأ ما قد يواجهك من الناس؛ فهذا الصنف أغرب من الغرابة نفسها؛ اذ أنه يفترض السذاجة في الآخرين وبأنهم أعجز من أن يروا عيوبه وتقصيره غير المحدود في مجالات الحياة برمتها؛ مثله في ذلك مثل النعامة التي تضع رأسها في الرمال فلا ترى أحدا وتظن أنها بذلك تخفي نفسها عن الآخرين.
هذة الفئة من الناس تنصّب من نفسها حكماء لغيرهم؛ يتقنون تتبع الأخطاء والهفوات وينبرون للنقد والتجريح وتقديم النصائح الجاهزة جاعلين من أنفسهم المثال والنموذج والقدوة؛ وبأنهم مختلفون عن غيرهم وبأنهم أكبر من أن يخطئوا.
لا أحد يكره النصيحة الصادقة من الآخرين ؛ ولكن أن يتحول النصح الى نقد وتجريح ونيل من كرامة الآخرين فهذا لا سبيل لقبوله. ومن يقدم النصيحة عليه الألتزام بها قبل غيره.
وللنصيحة آداب ينبغي أن يتذكرها الجميع فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرى أخطاء بعض من صحابته رضوان الله عليهم ؛ فيخاطب الجميع بقوله صلى الله عليه وسلم : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا؛ دون تشهير بمن أخطأ لأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان كما وصفه ربنا جعل جلاله " وأنك لعلى خلق عظيم".
وأما اليوم فمن المؤسف أن نرى كثيرا من الناس لا يشهرون بالأخطاء فحسب بل ويتناولون غيرهم بالكذب والتلفيق وألصاق الباطل بهم جزافا دون وازع من ضمير أو رهبة أو خوف من مردود أفعاله وأقواله عليه وعلى من استهدفهم بالقول أوالعمل.
واذا ما أردت أن أكون مقنعا فيجب أن أكون مقنعا لنفسي أولا قبل غيري؛ كما ويجب أن أطلب من الناس ما ينبغي أن أتمثل به ؛ ولا أنهاهم عن أمور أقترفها كل يوم من أيامي.
لن أكون مقنعا لأبني مثلا في نهيه عن التدخين وأبراز مساوئه وأنا أضع سيجارة في فمي؛ وعليّ أن انتظر سؤاله الذي يجب أن يواجهني به : ولماذا أنت؟
ولن أشتري دواء للصلع مثلا من صيدلي أصلع لأن الدواء بلا شك سيكون مضيعة للمال وأن لو كان هذا الدواء نافعا لاستخدمه هذا الصيدلي قبل غيره.
والطبيب العليل أحوج بالتداوي أكثر ممن يداويهم من المرضى؛ ومن يسرق أو يكذب لن يكون مقنعا في نصح الآخرين بالصدق والأمانة.
النصيحة تجسيد لحب الخيرولأمره تعالى بأن نتواصى بالحق دون الأساءة والتجريح والغمز واللمز؛ وأما العزوف عن قبول النصيحة من الكثيرين فمرده الأساسي للطريقة والأسلوب التي تم فيها نصحه لأنه لا يرى في ناصحه قدوة ولا مثالا ولا نموذجا صالحا للأتباع.
يقول الشاعر المتوكل الليثي:
يا أ?Zيُّها الر?Zجُلُ المُع?Zلِّمُ غ?Zير?Zهُ ه?Zلا لِن?Zفسِك?Z كان?Z ذا الت?Zعليمُ
ت?Zصِفُ الدّ?Zواء?Z لِذي السّ?Zقامِ و?Zذي الضّ?Zنا كيما ي?Zصحّ بِهِ و?Zأ?Zنت?Z س?Zقيمُ
و?Zت?Zراك?Z تُصلِحُ بالرشادِ عُقول?Zنا أ?Zب?Zداً و?Zأ?Zنت?Z مِن الرّ?Zشادِ ع?Zديمُ
فابدأ بِن?Zفسِك?Z فانه?Zها ع?Zن غ?Zيِّها ف?Zإِذا اِنت?Zه?Zت ع?Zنهُ فأنت?Z ح?Zكيمُ
ف?Zهُناك?Z يُقب?Zلُ ما ت?Zقولُ و?Zي?Zهت?Zدي بِالق?Zولِ منك و?Zينف?Zعُ التعليمُ
لا ت?Zنه?Z ع?Zن خُلُقٍ و?Zتأتي?Z مِثل?Zهُ عارٌ ع?Zل?Zيك?Z إِذا فعلت?Z ع?Zظيمُ



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد