ماذا تريدون من المعلم .. ؟

mainThumb

08-03-2010 12:00 AM

سليمان ابو شلذم

تذهبون إليه بأرجلكم وتطلبون منه أن يربي أبناءكم ثم تغضبون إن ارتكب ولو هفوة بسيطة في حقهم وتقيمون الدنيا ولا تقعدونها وتنعتونه بأقبح الألفاظ وأرذلها وتنسون أنكم بشر وان كل البشر خطاءون. إذا أخطأ ثارت الدنيا عليه وإذا أحسن أو أجاد كان الجندي المجهول الذي لا يذكره أحد. هل تريدونه أخرس لا يتكلم أم جلمودا يضرب به عرض الحائط وتنهال علية المعاول والمطارق دون أن يئن أو يتألم. أليس هو بشر أيضا؟

لا ينتظر منكم أجرا ولا شكرا ولا يطلبها منكم وهو عفيف النفس إذا عرضت عليه المساعدة منكم لأن نفسه أبية عزيزة. يعمل ويطلب الأجر من الله أما أجره من الدنيا فلا يكاد يسد عوزه ومع ذلك يصبر ويتألم في صمت وكبرياء وإذا شاهد أبناءكم داخل الصف هش لهم وبش واعتصر الألم في داخل نفسه واحتسب أن لا ذنب لهم في سوء حاله وان أجره على الله.

تغضبون من سوء سلوك أبنائكم معكم وتغضون الطرف عنهم وتعللون النفس بحسن سلوكهم بعد الذهاب إلى المدرسة وتنسون أن اصل الشجرة بذرة وأن الشوك لا يعطي عنبا وتطلبون من المعلم أن يتولى تصحيح ما فشلتم به في تربية أبنائكم فإن لم توافق طريقته هواكم ثرتم وقلبتم عليه ظهر المجنٌ.

أعطيتموه الكرت الأصفر والأحمر والأخضر وكل ألوان الطيف لكي يشهرها في وجه أبنائكم ويتعامل مع سوء سلوكهم فلم تنفعه بل زادت الطين بلة وقللت من هيبته وألغت شخصيته وجعلت منه مهزأة أمام من لم يبلغ الحلم ولا يعرف ما يضره أو ينفعه.
تجرأتم عليه قولا وفعلا وأظهرتم الشماتة فيه وفي حاله وكأنه عدوكم الأول ، فلماذا استأمنتم عليه فلذات أكبادكم؟ هل تريدونه حارسا يحافظ عليهم وليس مربيا ينصح لكم ولهم أو معلما ينير ظلمات عقولهم؟ تشدقتم بالقول " من علمني حرفا كنت له عبدا " حتى إذا طالت الفأس براعم أشجاركم نسيتم الحرف والعبد وأصبحتم أسياد الأرض وجاهرتم بعداواتكم ضد من ادعيتم له بالفضل عليكم.
تارة تنعتونه بالف
اشل وتارة بالجاهل وفي داخلكم تقرون بفضله عليكم وتعرفون انه أكثر معرفة من الكثير منكم. أليست تلك صفات المنافقين؟ لماذا لا تتمتعون بالشفافية والجرأة وتقولون بصراحة ماذا تريدون من المعلم؟

إن رياح التغيير التي طالت سلوك المعلم لم تمر عليه وحد بل هي عامة شاملة فسلوك أبنائكم أيضا قد تغير وانتم أيضا هب عليكم هجير الأيام فحميت نفوسكم فلا تنفثوا نار التغيير على المعلم وحده وتنسون من تسبب في تغيير سلوك أبنائكم.

أيها الناس أناشدكم الرحمة بالمعلم وإلا فإنكم الخاسرون. فأرزاق الناس جميعا على الله ولن يضيع الله أحدا. ولن يموت المعلم إن ترك مهنته بل ستموت عقول كثيرة إذا غطاها الظلام نتيجة تعسفكم بحق من له شئتم أم أبيتم الفضل عليكم. الم تكونوا طلابا يوما وما زلتم تذكرون أيامكم وكيف تتفاخرون بها أمام أبنائكم ؟ ألا تريدون أن يحمل أبنائكم نفس الذكريات عن معلميهم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد