المؤتمر الوطني الأول للإعلام ..

mainThumb

17-04-2010 10:09 AM

تابعت باهتمام بالغ ما بثه التلفاز الأردني عن المؤتمر الوطني الأول للإعلام، فحمدت هذه التظاهرة الإعلامية الأردنية؛ لأنها بحق تظاهرة فريدة تستحق التقدير والاحترام، فهي الأولى التي يتم من خلالها مناقشة الأبرز والأهم من قضايا الإعلام المرئي، والمسموع، والإلكتروني. وخاصة في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها المنطقة.

    فقد أدلى المشاركون كلٌّ برأيه، وقدم وجهة نظره، فانصبَّ معظم الحديث على أن الصحافة المكتوبة ستبقى بخير، أو سوف تبقى بخير، في ظل التزاحم والتنافس الشديدين مع المولود الجديد (الصحافة الإلكترونية). فعلى الرغم من التطمينات التي تفضل بها المشاركون، إلا أن هذا النمط من التطمين يكشف عن حالة من القلق والخوف على مستقبل هذه الصحافة التي دخلت مضمار السباق مع (الصحافة الإلكترونية)، و ستبقى الصحافة الورقية في المرتبة الثانية إذا بقي القائمون عليها يستظلون تحت أوراقها. ويقبعون تحت أعمدتها، ويستندون إلى الوهم الذي يمنيهم باستمراريتها.



    ومن وجهة نظري المستقبلية، فإن هذا النوع من الصحافة سيقع تحت تأثير عجز مالي كبير؛ نتيجة للكلف الباهظة التي تنوء بحملها، ككلف الورق والطباعة، ومخصصات كتّاب الأعمدة، والمراسلين والمخرجين والمنتجين، فضلا عن كلفة الإدارات والمباني. مما سيؤدي إلى توقف التوزيع، وعدم الإقبال على نشر الإعلان المزود الأكبر لكلفة هذه الصحف، فضلا عن ضعف إقبال القراء، ومن ثم وقف المخصصات المالية التي تقدمها المؤسسة الرسمية لبعض الصحف الورقية.



    لقد تناسى أنصار الصحافة الورقية في المؤتمر العتيد أن ما يربو على 80% من القراء لا يقرؤون إلا العناوين البارزة، وأبراج الحظ، ويفتشون عن إعلانات التوظيف، وأخبار الرياضة، ومنهم كبار السن الذين لا يطلعون إلا على قائمة الوفيات. وما تبقى من النسبة قد يطالعون مقالات الكتاب على اختلاف مستوياتها.


    إن جيل العصر هو جيل إلكتروني بامتياز، يعشق الحاسوب، ويجالسه بشغف، فهو خير جليس وأنيس له، فما الدور الذي سيبقيه جهاز (iPad) الحديث للصحافة الورقية....؟؟ ، هذا الجهاز الذي طرح مؤخرا، وبيع منه أكثر من ثلاثمائة ألف جهاز في أول عرض له في الأسواق الأمريكية، ولمَّا يدخل الأسواق العالمية بعد!!.



    فالصحافة (الإلكترونية)، هي صحافة قليلة الكلفة، وسريعة الانتشار، ومفتوحة الفضاء للكثير من الكتاب والمعلقين الذين كشف عدد كبير منهم عن قدرات عالية في الكتابة والطرح والتحليل. فلو تقدم هؤلاء للكتابة في الصحف الورقية، فهل سيعطون المساحة نفسها التي أعطتها لهم الصحف المحوسبة؟؟!! بالتأكيد لا.



    لقد دفنت الصحافة الورقية الكثير من القدرات والمواهب عبر مساحة الزمن المنصرمة؛ نتيجة لسيطرة نفر نصَّبوا أنفسهم سدنة على الكلمة، وحراسا على الرأي، فحال ذلك دون تقدم نفر من الجيل نحو المشاركة والإبداع، فأُوصدت أمامهم الأبواب، وغُلّقت النوافذ، فخسرهم الوطنُ والإعلامُ، وكانت النتيجة هذا الاندفاع، والتزاحم الضخم على نوافذ وأبواب هذه الصحف المحوسبة من داخل الوطن وخارجه، و تداعوا من شتى بقاع الأرض، فما منعتهم حدود، ولا أعاقتهم حواجز.



    أما الحرية المنفلتة التي تُمنح أحيانا من بعض المواقع (الإلكترونية) لبعض الكتاب، والمعلقين، فهذا يجب أن يدفعنا لاستقصاء الحالة التي يعاني منها بعض الناس الذين يتجشؤون كلاما غير مسؤول، وبعيد كل البعد عن الشعور الوطني والاجتماعي الصادق، فضلا عن هبوط في مستويات التعبير. فأنا مع وضع تشريع ناظم يحد من الانفلات، ويقهر الأقلام المسمومة.


    وليسمح لي المنظمون الكرام أن أسجل عتبي عليهم بأمرين: الأول هو عنوان المؤتمر،الموسوم بـ (المؤتمر الوطني الأول للإعلام)، فلهذا العنوان انحرافاته وانزياحاته التي تبعده عن هدفه الوطني الأردني الذي أقيم من أجله...، ومن الأجدر أن يسمى بـ (المؤتمر الأردني الأول للإعلام). أما العتب الثاني فهو كثرة العلل الكلامية، والأخطاء النحوية التي تلفظ بها بعض المشاركين، فقد ابتعدوا عن أصول الكلام وثوابته، فلو كان ذلك من غير الصحفيين لَقُبل، ولكنْ على مضض، أما من الصحفيين فلا؛ لأن اللغة العربية هي زادهم اليومي الذي تتغذى به كتاباتهم، وتفكر به عقولهم، فاللغة السليمة هي وسيلة الخطاب السليم المؤثر الذي يقبله القراء، ويقبلون عليه.


  مع تمنياتي لكل الإعلاميين المخلصين بموفور الصحة . وللحديث بقية...

Alnooti_2005@yahoo.com

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد