جردة حساب

mainThumb

04-05-2010 06:37 AM

قبل ست سنوات خلت وبالضبط بتاريخ 11/9/2003 قامت حكومتنا الرشيدة في حينه ببيع ما مجموعه (21662550) سهم من حصة الخزينة في رأسمال شركة البوتاس العربية بسعر (5.6) دينار للسهم الواحد، و بقيمة إجمالية مقدارها (121) مليون دينار و بما نسبته (50%) من حصة الخزينة و (26%) من رأسمال الشركة على الشريك الإستراتيجي الذي يدعى بشركة (  PCS Jordan LLC      ) الكندية، وحينما طالب كاتب هذه السطور بتاريخ 8/3/2004 بضرورة تراجع تلك الحكومة عن ذلك القرار، متقدما لشرائها بعرض يزيد عن القيمة المدفوعة من قبل الشريك الإستراتيجي بحوالي (10) مليون دينار قابلة للزيادة، مع تعهده الصريح بضمان تحقيق صافي ربح سنوي لا يقل عن 40 مليون دينار يزداد سنويا بما نسبته 10%، وبحال إخفاقه في تحقيق هذا الهدف فقد أعلن في حينه خطيا وعلى الملأ عن استعداده لقبول أية عقوبة حتى لو كانت رميا بالرصاص في الساحة الهاشمية !!؟؟ (جريدة الدستور الأردنية 2004) .




      أتهمه بعض أصحاب الصوت العالي و الفعل الهابط بتاريخ 27/3/2004 بأنه مصاب بآفة التنظير غير القابل للتطبيق ... والعدمية التي تفتقد للحلول البديلة ...  والسوداوية التي لا ترى إلا النصف الفارغ من الكأس ...  و الشخصنة التي ليس لها من دافع إلا الكيدية و الانتقام من الآخر ... و المتضررين الذين ليس لهم من هم سوى وضع العصا في الدولاب ... إلى آخر هذه السيمفونية المشروخة !!؟؟ ، إلا أن إيماننا حين ذاك لم يتزحزح قيد أنملة ... بأن غدا لناظره سوف يكون قريب ... والشمس مهما طال الزمن لا يمكن لها أن تغطى بغربال وسوف يأتي الحق ويزهق الباطل ...



  لاسيما وأننا كنا ولا زلنا على يقين بأن مكمن البلاء و الهوان في وطننا العزيز يكمن بقيام حفنة من المحسوبين على تراب هذا الوطن زورا وبهتانا بتمويه الحقائق وتزوير الوقائع بهدف خلق مناخ و بيئة فاسدة لاستمطار و استجلاب المكاسب و الغنائم الكريهة والنتنة على حساب كرامة الوطن و قوت المواطن، مقابل توزيع بعض الفتات على جوقة المطبلين و المزمرين الذين امتهنوا من دون أدنى شعور بالخجل أو الوجل أو الكرامة حرفة التبخير والتبجيل و التهليل ... للفتح المبين الذي لم يسبق سادتهم وأولياء سحتهم عليه سوا عباس بن فرناس وعلي بابا ... !!؟؟ تحت يافطة وشعارات الولاء و الانتماء للوطن والملك وهما منهم براء براءة الذئب من دم يوسف ... (جريدة الدستور الأردنية 2004) .




        ولأننا نزعم بكل تواضع بأننا والحمد لله لسنا من الفئة التي تتعامل مع الوطن على أنه بقرة حلوب نتركها متى جف ضرعها أو أصابها الوهن ... فالمواطنة عندنا ليست خداع ومتاجرة بالجمل والألفاظ الفارغة من مضمونها ... أو تمثيل ورقص على الحبال وفقا لما تمليه عليهم المصالح الشخصية ... و الملك لدينا ليس  صورة فوتوغرافية توضع على طاولة المكتب للتمويه والتكسب ... أو رسم مزركش منقوش على ساعة اليد للخداع والتستر ... وإنما الوطن و الملك لدينا هما حبات عيون نقطع اليد التي تحاول المساس بها أو التطاول عليها ...  وقطرات عرق لا يمكن لها أن  تنضب أو تجف ... وحداء عمل لا يعرف الكلل أو الملل ... وشلالات عطاء وإنجاز لا يدانيها اليأس أو القنوط ...



 فقد جاء اليوم الذي نكرر فيه بمنتهى الجرأة  التي لا تعرف عند قول كلمة الحق الخوف أو التأتأة أو الارتجاف ... ما سبق و إن حذرنا منه بالفم المليان قبل ستة سنوات ... وقلنا فيه بأن القرار العتيد الذي قضى بخصخصة جزء من حصة الخزينة في شركة البوتاس العربية لم يكن قرارا متعجلا ومتهورا وحسب بل انه قد كان قرارا مجرما  وهدرا مخجلا  لمقدرات الأجداد والآباء وتبديدا مخزيا لثروة الأبناء والأحفاد ... ، فقد كان بحق جريمة وخيانة وطنية لا يمكن تبريرها أو غفرانها ... ويكاد يجزم العبد الفقير لله بأن فتح ملف الفساد  في مشروع خصخصة شركة مصفاة البترول الأردنية مؤخرا ما هو إلا امتدادا طبيعيا لما سبق وأن آلت إليه الأمور في مشروع خصخصة شركة البوتاس العربية ... وذلك يتجلى بأبشع صوره عند إجراء جردة حساب أولية وسريعة لما ترتب على هذه الجريمة البشعة خلال الفترة الواقعة ما بين 1/1/2004 – 31/12/2009  من نتائج وانعكاسات  مباشرة والتي يمكن تلخيصها بالأرقام على النحو التالي :-




أولا : لقد حققت الشركة الكندية (شريكنا الإستراتيجي) جراء قيامنا باقتراف جريمة بيعها لجزء من حصة الحكومة في شركة البوتاس العربية بأسعار زهيدة خلال الفترة أعلاه أرباحا تشغيلية صافية مقدارها (183) مليون دينار، أي ما  يوازي (1.5) مرة وما يساوي (151%) من التكلفة الرأسمالية لمجمل استثماراتها في شركة البوتاس العربية، وبمعدل ربح تشغيلي سنوي مقداره (31) مليون دينار، وعلى حساب الموازنة وميزان المدفوعات !!؟؟ .




ثانيا : لقد تعاظمت القيمة الاقتصادية للاستثمارات الرأسمالية للشركة الكندية (شريكنا الإستراتيجي) جراء قيامنا باقتراف جريمة بيعها لجزء من حصة الحكومة في شركة البوتاس العربية بأسعار زهيدة خلال الفترة أعلاه بمقدار(664) مليون دينار، أي ما يوازي (5.5) مرة وما يساوي (549%) من قيمة التكلفة الرأسمالية لمجمل استثماراتها في شركة البوتاس العربية ، وبمعدل مضاعف استثمار رأسمالي سنوي مقداره (111) مليون دينار وعلى حساب الخزينة والاقتصاد الوطني !!؟؟ .




ثالثا : لقد استحوذت الشركة الكندية (شريكنا الإستراتيجي) جراء قيامنا باقتراف جريمة بيعها لجزء  من حصة الحكومة في شركة البوتاس العربية بأسعار زهيدة خلال الفترة أعلاه أرباحا تشغيلية وثروة تراكمية إجمالية مقدارها (847) مليون دينار، أي ما يوازي (7) مرة وما يساوي (700%) من قيمة التكلفة الرأسمالية لمجمل استثماراتها في شركة البوتاس العربية ، وبمعدل ثراء سنوي مقداره (141) مليون دينار وعلى حساب الوطن والمواطن !!؟؟ .




       ونتيجة لذلك فإن الشركة الكندية (شريكنا الإستراتيجي) تكون قد تمكنت وبهمة وحكمة جهابذة اقتصادنا الوطني من استرداد التكلفة الرأسمالية الزهيدة التي دفعتها مقابل امتلاكها لجزء من حصة الحكومة  في شركة البوتاس العربية والبالغة (121) مليون دينار خلال فقط مدة (10) شهور!!؟؟، والباقي والحمد لله الذي لا حمدا على مكروها سواه والبالغ قيمته (726) مليون دينار هي بمثابة أرباح وفوائض مالية واقتصادية حصل عليها الشريك الإستراتيجي من دون مقابل !!؟؟ وهذا المبلغ بالطبع سوف يكون مرشحا خلال إلـ (50) سنة القادمة للزيادة المؤكدة بإضعاف مضاعفة ... ، لاسيما وأن قانون الامتياز رقم (16) لسنة 1958 قد منح شركة البوتاس العربية التي تم خصخصتها الحق باستثمار أملاح البحر الميت لمدة (100) عام قابلة للتجديد ... بدأت بتاريخ 18/2/1958 ولن تنتهي قبل تاريخ 17/2/2058 .




        والأمر المضحك المبكي في هذا القرار المشئوم ... هو أن شريكنا اللدود لم يلتزم لغاية تاريخه بتنفيذ أيا من مقاصد قانون التخاصية الأردني رقم (25) لسنة 2000 والتي يتمثل جلها بضرورة قيام الشريك الأسترتيجي برفع كفاءة وزيادة إنتاجية وقدرة المشروعات المخصخصة وإدارة تلك المشاريع بأساليب حديثة بما في ذلك استخدام التقنية المتطورة، خصوصا وأن ارتفاع أسعار بيع البوتاس في الأسواق العالمية لم يكن مرده - كما يروج له بعضهم -  هو قدرة الشركة الكندية الخارقة  على صناعة الأسعار في الأسواق العالمية وإنما بفضل أن أسعار بيع البوتاس يتم تحديدها في الأسواق العالمية بموجب آلية العرض والطلب ، لاسيما وإنه في ظل زيادة عدد السكان الطبيعية في العالم ومحدودية التوسع الأفقي في الأراضي الصالحة للزراعة على الكرة الأرضية، وخاصة الموجودة منها في أسواق البوتاس الرئيسية المتمثلة في الصين والهند وجنوب شرق آسيا،




 وبالتالي ارتفاع معدل الطلب على الغذاء بشقيه النباتي والحيواني ، من شأنه أن يؤدي بالتبعية إلى ارتفاع الطلب على مختلف أنواع الأسمدة الكيماوية الناضبة والمحدودة والتي لا يتجاوز عدد أماكن تواجدها وإنتاجها الرئيسية في العالم أصابع اليد الواحدة، وذلك لمواجهة التوسع العمودي المتزايد في الأراضي الزراعية  .




         وبناء عليه فإننا ومن هذا المنبر الوطني الشامخ نتمنى على دولة الأستاذ سمير الرفاعي والتي أخذت حكومته على عاتقها منذ اليوم الأول لتشكيلها العمل على محاربة الفساد والمفسدين الإيعاز فورا بتحويل ملف بيع ما نسبته (50%) من حصة الحكومة وما نسبته (26%) من رأسمال شركة البوتاس العربية بأبخس الأسعار على شريك اقل ما يقال عنه بأنه غير إستراتيجي ،  على الرغم من توصية مجلس النواب الأسبق خلال عام 1998 بضرورة أن تستمر الحكومة بالمحافظة على ملكيتها في أسهم الشركات التعدينية وخصوصا الفوسفات و البوتاس، وتأكيد الحكومة في حينه على نيتها في إبقاء ملكيتها بهذه الشركات والعمل على تعزيز دورها في خدمة الاقتصاد الوطني، إلى  سعادة النائب العام للتحقيق في مرامي وحيثيات هذا الموضوع تمهيدا لمسائلة ومحاسبة كل من وافق أو شارك أو هيأ أو تواطأ أو دافع عن تمرير هذه الخطيئة ...



  وصاحب هذه السطور بحكم خبرته السابقة في مكافحة الفساد والمفسدين على استعداد تام لتقديم كل ما من شأنه أن يؤدي إلى كشف الحق والحقيقة من دون أدنى مقابل معنوي أو مادي ... وإنما مرضاة لوجه الله تعالى ...  وصونا لكرامة ومقدرات وطننا الغالي ... وولاء ووفاء للعرش الهاشمي المفدى بقيادة جلالة الملك عبدا لله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه  .

 

 المصدر : التقارير المالية السنوية لشركة البوتاس العربية للأعوام (2004 – 2009) .  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد