فاسدون حتى يثبت العكس

mainThumb

29-08-2010 09:40 AM

عندما نتكلم نكون أصحاب مباديء وعندما نعمل نكون أصحاب مصالح ، هذا هو جوهر التناقض الذي نعيش ، فعندما نلمس تناقضا بين القول والفعل، تضيع الحقيقة أحيانا ، وتتشوه أحيانا اخرى، ونجد صعوبة في تفسير هذا التناقض، ويتحتم علينا أن نصدّق الأفعال لا الأقوال ، عندها نذهب لتصديق الافعال فنكتشف مدى الفساد الذي ارتضيناه جميعا لاننا ان لم نكن جزءا من الحل فنحن بلا شك جزءا من المشكلة : عندما ننتصر لبني جلدتنا (اجتماعيا أو جغرافيا) وليس للحق، فنحن فاسدون حتى النخاع.



وعندما نتغنى بالواسطة والمحسوبية ونمارسها حينما نمتلكها ونهاجمها وننتقدها بشده عندما نفتقدها فنحن بلا ادنى شك فاسدون . وعندما نجد من يحب العدالة مظلوماً ويكرهها ظالماً ويطلب الحرية مرؤوساً وينكرها رئيساً فهؤلاء هم الفاسدون. وعندما نطبل ونهلل لكل مسؤول حين يستلم موقعه ونعلم بقرارة انفسنا انه فاسدا, وحينما يغادر هذا الموقع نستل السكين ونبدأ بتقطيع اللحم والشحم كيفما شئنا فنحن اذن واياهم فاسدون .



 وعندما نرى من يستبيحون المال العام يتربعون في الصف الاول على قلوبنا في شتى مواقع المسؤولية فنحن حتما واياهم فاسدون. وعندما نرى الشرفاء والمخلصين يراوحون مكانهم ويحاربون في لقمة عيشهم ولا يتقدمون وسرعان ما يغادروا الوظيفة فاعلم اننا فاسدون. وعندما نرى الاقلام تتحول من اليمين الى اليسار ليس لاسباب فكرية وانما لاسباب لها علاقة بالاعطيات والهبش والنبش والتسلق فوق الاكتاف فهم بلا منازع فاسدون.



 وعندما نجد المعارض اما ان يكون مداحا او رداحا ليس الا فهذا دليل على انهم فاسدون. وعندما نرى القوانين مثل نسيج العنكبوت، تقع فيه الطيور الصغيرة وتعصف به الطيور الكبيرة فاعلم اننا فاسدون . وعندما نهاجم ونغتال كل من اختلفنا معه لانه اصبح العدو المبين لنا فنحن بلا ادنى شك فاسدون. وعندما نحرص على نظافة بيوتنا وبالمقابل نلقي بالنفايات في الشوارع امام بيوتنا ومن نوافذ سياراتنا وكأن الامر لا يعنينا فنحن فاسدون باقتدار.



وعندما نرى ان اعداد الاصوات التي حصدها احد المتنفذين في انتخابات ما أكثر من اصوات المسجلين للانتخابات في المنطقه فاعلم اننا امام حالة فساد غبية ورائحتها تزكم الانوف. وعندما لا نعرف جميعاً ما الذي علينا أن نفعله حيال " عزيز قوم..ذل"فانزوى ’ وبنفس الوقت نتهافت وراء "ذليل قوم ...عزّ" فطغى فنحن في الجريمة شركاء وفاسدون. وعندما..... وعندما.... وعندما..... وما اكثر ما عندنا. ليس ما أقول هو جلدا للذات أو محاولة رسم صورة سوداوية تشاؤمية محبطة , بل هي بعض المظاهر التي تجسد واقعنا فنحن شعب متألم و مجروح. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد