مسجد غراوند زيرو .. مواجهة مسلمي أمريكا اللوبي الصهيوني

مسجد غراوند زيرو ..  مواجهة مسلمي أمريكا اللوبي الصهيوني

30-08-2010 10:37 AM

في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بدأ المسلمون في أمريكا ببناء مؤسساتهم الأساسية والضرورية، مثل المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية والمنظمات الاجتماعية و المدارس الإسلامية, وفي بداية التسعينيات بدأ مسلمو أمريكا مرحلة تأسيس مؤسساتهم السياسية والإعلامية مثل مجلس الشؤون العامة الإسلامية (MPCA) والمجلس الإسلامي الأمريكي (AMC) ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) والتحالف الإسلامي الأمريكي (AMA)



 وفي عام 2000 أسست تلك المؤسسات مجتمعة المجلس الإسلامي الأمريكي للتنسيق السياسي (AMPCC)؛ لكي يقوم بمهمة التنسيق بين نشاطات المؤسسات الأربع السياسيّة. وتأسيس تلك المؤسسات جاء تعبيرًا عن الحضور المتزايد للمسلمين الأمريكيين، سواء على مستوى عددهم الذي يقدر حاليا بحوالي سبعة ملايين. أو على مستوى إمكاناتهم التعليمية والاقتصادية. هذا يعني أنّ المسلمين الأمريكيين قد دخلوا مرحلة جديدة من مراحل تطور علاقتهم بغيرهم من الجماعات الأمريكية، تتخطى مرحلة النشأة إلى مرحلة الاستقرار والحفاظ على الحقوق، ويتمثل أبرز ملمح لها في السعي لزيادة تأثيرهم السياسي، وأنه بات عليهم بناء تحالفاتهم مع الجماعات القريبة منهم، والمرحبة بوجودهم، والمساندة لتقدمهم؛ وذلك لمواجهة من سيحاولون إيقاف ذلك التقدم، أو القضاء عليهم كجماعة أمريكية صاعدة سياسيا.



 وجاء كابوس 11 سبتمبر الذي خيّم بظلاله المفجعة على أمريكا حكومة وشعباً وقد تعرض العرب والمسلمين في أمريكا لمحنة جراء هذه التفجيرات التي أودت بحياة الآلاف من الأمريكيين المدنيين و زاد الأمر سوءاً مسارعة الإعلام الأمريكي باتهام تنظيم القاعدة، وتوافقت مع ذلك التقارير الأمنية التي خرجت من المؤسسات الأمنية بعد ساعتين من الحادث وتثبت وجود عرب شرق أوسطيين على الطائرات التي نفذت الحوادث، فزاد ضغط الإعلام المسيطر عليه من قبل الصهاينه كثافة وأصبح الجو العام معبأ ضدالمسلمين. ولم يتوقف نشاط اللوبي الصهيوني عند حدود المؤسسات الإعلامية و السياسية والاقتصادية، بل أمتدّ إلى سائر مناحي الحياة الأمريكية ليشمل الجامعات والمعاهد والمدارس ومهمته خلق طبقة من المدافعين عن الكيان الصهيوني، وإلقاء المصائب كلها على عاتق المسلمين وإيجاد رأي عام أمريكي وعالمي ضد المسلمين داخل أمريكا وخارجها , وأصبح اليهود أكثر تأثيراً على صانع القرار الأمريكي بعد حوادث 11 سبتمبر  بإقناع الإدارة الأمريكيّة باستمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل وأن العرب لا يستحقون أيّ نوع من الدعم. المنظمات العربية والإسلامية الأمريكية سرعان ما تجاوزت الأزمة ونشطت من جديد حفاظاً على حقوقهم بل وقامت منظمات أمريكية بمساعدة المنظمات الإسلامية الأمريكية . وبدأ العرب والمسلمون الأمريكيون حواراً بين أنفسهم ، وأعلنوا عن تكوين منظمات إسلامية أمريكية جديدة لا تعتمد علي معاهد دولهم الأم وتظهر هنا مسؤولية المراكز الإسلامية في تعليم الفرد المسلم كيف يبني علاقة طيبة مع الناس، بل وكيف يبدأ حواراً مع الفرد الأمريكي وكيف يختار الموضوع وكيف يجيب عن تساؤلاته وأجرت هذه المنظمات والمراكز الإسلامية لقاءات مع المسؤولين الأمريكيين بدءاً من الرئيس وانتهاء بأعضاء الكونجرس.



 وأوصلت رؤيتها لمختلف القضايا مباشرة إلى المسؤولين ودون وسطاء ومنها وجوب تغيير السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. هذه اللقاءات مع المسؤولين الأمريكيين وما واكبها من تغطيات إعلامية أحدثت انقلاباً على الصعيد الشعبي... وبدأ الناس يسألون عن الإسلام ويسعون لفهمه. إلا أنّ ذلك لا يعني صفاء نفوس الأمريكيين بشكل تام لأن أحداث التفجيرات كانت جرحا عميقا في قلوب الأمريكين لها ذكريات أحزان لا تنسيها سنوات معدودات حيث ظلت ظاهرة الاحتجاجات على بناء المراكز الإسلامية والمساجد موجودة بحجج مختلفة بسبب بث الكراهية للإسلام من قبل وسائل إعلام ومنظمات اللوبي الصهيوني بأنّ هذه المراكز الإسلاميّة هي مراكز إرهابيّة يجب منع وجودها بالرغم من أن الدستور الأمريكي يسمح بها. وأخذ الجدل حيزاً أكبر بتأييد الرئيس أوباما خطط بناء مركز إسلامي إلى جانب المنطقة المعروفة باسم ‘غراوند زيرو’ وهي ما تبقّى من مركز التجارة العالمي الذي فُجّر عام 2001.



 وانتقل أبعد من نيويورك إلى مناطق أخرى من أمريكا حيث تتظاهر جماعات أمام مواقع مزمع إقامة المراكز فيها. وكان تأييد الرئيس الأمريكي منطلقا من نص الدستور الذي يصون الحقوق للجميع مؤمنين وديانات. وبقي الجدل حول بناء هذا المسجد ما بين مؤيد ومعارض فكان عمدة نيويورك" مايكل بلومبيرغ " قد اعتبر بناء المسجد في منهاتن السفلى وليس بعيدا عن منطقة التفجير انتصارًا للحرية الدينية ولقي المسجد وخطته ترحيبًا من عدد من السياسيين ونسبة قليلة من سكان المدينة. وظهر هذا الجدل كبيئة خِصبة لبعض الجماعات منها جماعة ايباك وسارة بيلين المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الجمهوري ونيوت غينغريتش من الحزب الجمهوري، الناطق باسم الكونغرس السابق.



 وبما أن 61% من سكان المدينة يعارضون بناء المسجد الأمر الذي لم تتوان المعارضة الجمهورية عن استغلاله.مما يظهر الأثر الإعلامي الصهيوني برفع المعارضين لوحات كتب عليها " بناء المسجد انتصار جديد للمسلمين " و" يمكنكم بناء مسجد في حال بناء كنيس يهودي في مكّة" مما حدا بالرئيس أوباما التراجع عن موقفه بذكره أنّ تأييده في البداية كان بعيدا عن الحكمة بالرغم من مشروعيته. وهكذا يستمر تأثير الصهاينة بنشر الكره بين الأمريكيين تجاه الإسلام والمسلمين مما قد يعرض المسلمين للخطر خاصة وأنّ الذكرى التاسعة لتفجيرات 11أيلول تتصادف مع عيد الفطر وقد رفع كارهو الإسلام شعاراً مفاده "لا تنسوا ما جرى في 11سبتمبر"وسيجعلونه يوما لحرق القرآن ".



 ومع ذلك وبالابتعاد عن دائرة الجدل حول مكان المسجد المزمع إنشاؤه تبقى المراكز الإسلامية وما تضم من مساجد في أمريكا والغرب منارات دينية علمية تنشر الدين الإسلامي واللغة العربية- لغة القرآن- وتعرّف الآخرين بدين التسامح والمحبة وتعاليمه الراقية خاصة أنّ أعداد من يدخلون بالإسلام بأمريكا في تزايد مستمر وكذلك من يرغبون بدراسة اللغة العربيّة والتراث الأدبيّ العربيّ وستبقى هذه المراكز والمساجد مزعجة لقوة اللوبي الصهيوني حتى تستمد قوة أكبر من مسلمي أمريكا بأعدادهم المتزايده يوما بعد يوم وبإقناع الأمريكيين بالإسلام وسماحته من خلال برامجهم الرائعة, وبدعم العرب و المسلمين من خارج أمريكا عبر القنوات المختلفة .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد