ثقافة النقد

ثقافة النقد

30-08-2010 10:50 AM

إن النقد في أصله اللغوي تمييز الجيد من الرديء ، وهذا يقتضي وجود الجيد كما يقتضي وجود الرديء ، إلا أن الملاحظ في مجتمعاتنا أننا نكثر من استخدام النقد بمعنى آخر حيث يمارس الغالبية في مجتمعنا فن النقد بمعنى اكتشاف العيوب وإبرازها أمام الآخرين ، فكيرا ما نسمع أن ذلك العالم له سقطات ، وذلك الداعي ينقصه العلم ، وتلك المؤسسة الخيرية مسيسة ، وتلك المبادرة دعاية تسويقية ، وتلك المقاومة عبث ، وذلك النجاح صدفة ،  في سلسلة مستمرة من معاول الهدم التي تتربص بكل جديد مميز ، وهذا مما يجعل مجتمعنا مفتقدا للقدوات ولنماذج النجاح التي بإسقاطها ينشأ جيل مفلس محبط ويكون مضطرا للبحث عن تلك القدوات في مجتمع آخر.



إن ثقافة الهدم التي نمارسها بشكل مستمر ناتجة من تراكم مجموعة من النكسات والنكبات الكثيرة التي تعرض لها آباؤنا وأجدادنا ثم ورثّونا إياها كخرزة زرقاء تحمينا داء الأمل والحلم بالمستقبل ، ومنها ما هو ناتج عن غيرة وحسد ونقص في الذات ، فحينما ننتقد شخصا ناجحا فإننا ندعي بطريقة غير مباشرة بأننا أفضل منه .


ويتخذ النقد الهادم أشكالا عدة كإبراز العيوب والسخرية ونقل الإشاعة وصولا للشتم واللعن ، وهذا مع التكرار والزمن يعزز فينا مشاعر الإحباط والسلبية و اليأس والتي سرعان ما نعاود إرسالها للآخرين.


وحتى حينما نبحث في حلول لهذه لمشكلة ونطلب من المجتمع ممارسة ثقافة الثناء والمدح المنضبط فإننا نتهم بتعزيز الغرور والكبر عند المثنى عليه ، بالرغم من أن النبي الكريم كان يثني على الصحابة ويدعو لهم ويكرمهم فظهر عندنا الصديق والفاروق وسيف الله المسلول وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم .


يمكننا التخلي عن معاول الهدم التي نحطم بها الآخرين من خلال وعينا بسلبية هذه الممارسة ، ثم التحلي بحسن الظن بالآخرين ، والتخلق بمحبة الجميع ، وتظهير أنفسنا من الحسد ، و استحضار النية قبل القول والعمل وأن نعي أن كل فرد منا يملك مواهب خاصة ومميزة لا يمكن أن تظهر إلا من خلال البذل والتدريب والتعلم ، لا من خلال طمسها و تشويه نجاحات الآخرين.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد