المعارضه الموسمية

المعارضه الموسمية

02-10-2010 11:43 PM

تقوم في الدول المتقدمة دون شك معارضة تنطلق من الفكر، تحدد أهدافا، تضع برامجا، تطمح لتداول السلطة بطرق سلمية وديمقراطية، تتنافس الأحزاب في نزاهتها على إدارة موارد الدولة، وتحقيق إنجازات تنال رضا الطبقة الوسطى، وتنقل الأمة إلى مستويات القناعة في سلامة الاتجاه، ورشد الخطط. لكن في العالم الثالث هناك أشكال مختلفة من المعارضة أو المناكفة السياسية.

هناك معارضة مبدئية ثابتة لها أسس، وقواعد، وثوابت، وقيم، وتاريخ. وهناك أيضاً المعارضة الموسمية، الطارئة، صيادو الفرص، تظهر كطفح جلدي على وجه الحرية، ونتيجة لتوفر الأمن وإبناً شرعياً لحالة الاستقرار، وثمرة لأجواء الطمأنينة، واستغلالاً للتسامح، واستثماراً للثغرات، وترفا فكريا، ورفاها ثقافيا، ورخاء اجتماعيا، وسائل هذه الفئة التنظير في الوطنية، والمصالح العليا، وإدارة موارد الدولة، وتحفيز الاقتصاد، واستراتيجية مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، والأمن الوطني، والدفاع عن الأهداف العامة.


نهجهم حجج واهية، يدعون بحقوق تاريخية، وتفوق في الجينات الوراثية، ويفضلون أنفسهم على العالمين، وأما الطبقة الأخرى فهي موجودة لأجل راحتهم، وتشغيل المراوح فوق رؤوسهم، وصيانة أجهزة التبريد لمنع حرارة الجو من تعكير نومهم. الناس يعبدون الله، صائمين ساجدين، يرددون خلف الإمام الراكع دعوات الخير والفلاح والنجاح، يرفعون أيديهم نحو الأعلى لاستمطار السماء، ينهض العمال والفلاحون والمعلمون والطلاب والموظفون، يسبحون بالحمد والشكر الذي أنعم عليهم بنعمة الأمن وحالة الاستقرار، لم يدخلوا مدارس الإفتاء، ولا صالونات التجميل.



 ولم يتعلموا مهنة مغازلة مشاعر الناس، ولا يتقنون تقاليد التوريث. المعارضة الطارئة تسعى إلى مشاريع ري بالتنقيط، واستصلاح حوض المصالح، وتوليد الطاقة من الرياح، والإبحار في مياه الدعاية، يقطفون ثمار بساتين المساكين، ويستظلون في ضفاف نهر التضحيات، ويصعدون على أكتاف البسطاء، يقتاتون على هموم المعذبين، آلام الناس سبب وجودهم، أنين الفقراء سر بقاءهم، شقاء المستضعفين زاد رحلتهم، تعثر حياة الناس مصدر رزقهم، يبتهلون إلى الله أن يعطش الناس لتبقى قواربهم تطفو على سطح مياه المحتاجين. مفتاح النجاح لمواجهة تلك التيارات، التحلي بوقار النقاش، التدثر بعباءة المبادئ، التجمل بالاتزان، عدم الغوص في مستنقع التشكيك، عدم السماح بالتفاخر بتلك القيم الزاحفة علينا من بطن ماضي نتمنى أنه لن يعود.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد