" الدوائر الانتخابية المغلقة " .. "شررها وضررها ""

mainThumb

10-10-2010 07:17 AM

الشعب الأردني على أبواب ولوج جولة جديدة من الانتخابات البرلمانية ، ونحن نعرف جميعا أن الحياة النيابية في الأردن ليست طارئة على حياة المجتمع الأردني العامة ،بل للمجتمع الأردني تجارب عريقة في مضمار الانتخابات البرلمانية والمجالس المحلية والنقابية والمنتديات والجمعيات ،وسابقا كانت تجربة انتخابات المخاتير من التجارب الديمقراطية الغنية في الشارع الأردني ،وقد ترافقت الحياة الديمقراطية ممثلة بالبرلمان منذ فجر ولادة المملكة الأردنية الهاشمية، أي منذ بداية العشرين من القرن العشرين ، وهذا يجعل من الأردن بلدا متقدما ديمقراطيا على الكثير من دول المنطقة ،ولا نشك مطلقا في أن النوايا من وراء ترسيخ المبادئ الديمقراطية إنما تستهدف رقي وتطوير وازدهار الإنسان الأردني بالدرجة الأولى ،بل كان القرار جريئا وشجاعا في فترة هي من أكثر المراحل اضطرابا في تاريخ منطقة الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة، كان الأمل والرجاء في أن نحافظ على مسيرتنا الديمقراطية من اجل تحقيق المزيد من التطور والازدهار ، لان التطور لا يتوقف عند مرحلة من المراحل ،ولا عند حالة من الحالات سياسية كانت ام اقتصادية ام اجتماعية  ومما كانت تستهدفه العملية الديمقراطية انفتاح الشارع الأردني على بعضه البعض ، لكي يقف على مختلف أوجه التحديات التي تواجه الأردن وتواجه المجتمع الأردني ،وبالتالي الوصول إلى تحقيق أحلام وطنية عامة تطال معظم شرائح المجتمع الأردني العزيز ،واليوم نفاجأ بان العملية الديمقراطية التي مر عليها قرابة القرن من الزمان  تضعنا في موقف العاجز عن تبديل الحال إلى الأفضل، بل بدلا من خلق دوائر وطنية منفتحة على بعضها البعض ، وضعتنا في دوائر مغلقة ،حالت بيننا وبين الوصول إلى بقية المواطنين ، فالمرشح اليوم أمام تحديات كبيرة وخطيرة ،ربما تخرجه رغما عن أنفه من دائرة الوطن الرحبة، لتحاصره ضمن الأطر العشائرية أو المنطقية الضيقة ،والتي تحول بينه وبين مخاطبة جمهور المواطنين للتعريف ببرنامجه الانتخابي الذي يستهدف من خلاله المصالح الوطنية العليا، فهو واقع ضحية الإجماع العشائري الذي يحرمه من محاكاة الآخرين ، والانفتاح عليهم والاتصال مع ناخبيهم ، ومن الممارسات الخاطئة التي تعقب الإجماع العشائري ، أن يصدر فرمانات عشائرية داخلية بحظر ممارسة المرشحين الآخرين لحقوقهم في الإعلان عن برامجهم من خلال تعليق الصور واليافطات والشعارات المختلفة ،وإذا ما علقت تلك الشعارات تتهافت عليها يد التدمير والتخريب ، لان ذلك ليس من حقه ، ويروحون يطبقون غريزة الحشرات في مهاجمة الأعداء ،للحيلولة دون بقاء شعاراتهم في عقر دورهم ،وتؤدي تلك الممارسات إلى شيوع روح الكراهية والبغضاء والقطيعة، فضلا عن استحالة التواصل بين الناس ، وتلمس مشاكلهم العامة الضرورية ، الأمر الذي يدفع بالمرشحين ومن يواليهم إلى استخدام الأساليب الماكرة ، والأساليب السرية غير المعلنة ،واستخدام المال السياسي ، وشراء الذمم، وعقد صفقات غير مشروعة على الإطلاق ، ومعظمها تؤكد على حرمان المواطن من التمتع بحياة ديمقراطية سليمة، مما يوقع المجتمع بإشكاليات اجتماعية خطيرة يستمر ضررها إلى سنوات طويلة ، بل تتحارب قبائل وعشائر ، ويسود بينها روح البغضاء والقطيعة الاجتماعية ، كل ذلك من اجل مرضاة فلان أو علان من الناخبين ، مع أن فلان وعلان لا يستحقون كل هذه ""الهيزعيات"" ، ولا كل هذه التضحيات الاجتماعية الخطيرة ، ويبق المواطن الأردني أسير ثقافات اجتماعية  قمعية استبدادية قهرية ، لا تدربه على قبول الآخر والاعتراف بثقافته وتوجهاته ، بل تربيه وتدربه على كراهية الآخرين وعدم الاعتراف بوجودهم وبثقافتهم ،كل ذلك بسبب ما وقعنا فيه من سياسة "" الدوائر المغلقة "" التي أغلقت كل الآفاق والطموحات لدى المواطن الأردني .

jawarneh60@gmail.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد