موسم الذهب الأخضر""الزيتون""

mainThumb

12-10-2010 08:10 AM

لكل بلد طقوس وأعراف ، بل ثمة تمايز في المناسبات ،، ومن مناسباتنا الوطنية التي نعتزبها ونفتخر هي موسم قطاف الزيتون الذي يطل علينا كل عام مرة ،، ومع بداية الموسم ،، تنهمر السماء مدرارا ،، وينزل الغيث ،، ويغتسل الزيتون ويتطهر من غبار الصيف وعجته ،، لكي يظهر بمظهر جميل ،، وما اجمل حبة الزيتون وهي على أُمها وقد غشيها المطر ،،وللزيتون في بلدي حكايات وقصص واحاديث ،، كانت تمر علينا ايام ""فرط الزيتون"" وكأنها اعياد ،،، تستعد لها البيوت والأسر،، وتتجهز وتتزهب بكل ما لذ وطاب من المطاعم والمشارب،،،ولا يعرف لذة الأكل والطعام تحت شجرة الزيتون الا من يهاجر من داره الى حاكورته اوكرمه باكرا لقطف الزيتون ،، كنا حينما نعود من المدرسة لا نذهب الى البيوت بل حاملين حقائبنا الى الحواكير والحقول ،،، الى الأهل ،، الى الأحبة ،، كنا نسمع صوت الأجداد وهم يغنون ،، ويرجزون الأغاني الشعبية الجميلة ،،، التي تدب في نفوسهم ونفوس من معهم الحماس وتبث فيهم العزيمة ،،، وحينما نصل اليهم نلقي بحقائبنا جانبا ،، على التراب او على "رُجم من الحجارة" ، ونصعد الى أعلى الزيتونه ونباشر القطاف مع الكبار ،، كنا لا نهاب ،، ولا نخشى من ارتفاع الزيتونه ،، علما بان الزيتون في بلادنا هو من النوع التاريخي القديم والعملاق ،، يسميه الأجداد الزيتون الرومي ، نسبة الى الروم الذين حكموا المنطقة قبل مجيء الإسلام فاتحا الى بلادنا ،، ثم في المساء ، وعند حلول الظلام ،، وبعدما تجمع ""اللقاطات"" حب الزيتون يضعنه في "الشوالات" ، وتحمل الى البيوت ، وتنثر داخلالبيوت حتى تجف قليلا ،، وكان من عادات الناس وطباعهم انهم كانوا "يسلقوا" الزيتون اي يطبخونه في الماء الساخن ،، ثم ينشر على أسطح البيوت ،، ويستمر الى ايام ،، ثم يحمل الى الجرش والطحن ، الى ما يسمى ""البدّ"" ، و"للبدّ"" قصص وحكايات شعبية،، هي قصة عشق أردنية، وربما القليلون هم الذين يعرفون البدُّ ، فالبدِّ عبارة عن صحن صخري كبير ، وفي وسطه صخرة دائرية تدور لتطحن حب الزيتون ،، بينما جماعة يحركون الحجر بشكل دائري وباستمرار، نتحرك حول الصحن او الجرن كما يسمونه، نتحرك حركة دائرية ،، تأخذ منا وقتا طويلا ،، اذا ما حسبناها بالامتار والكيلومترات ربما نقطع اكثر من ثلاثين كم في اليوم الواحد،وننتهي من جرش الزيتون ليوضع المجروش في "" قفاف "" من ""الليف"" القوي ، ويدخلونها الى المعصرة ،، معصرة الزيتون ، ليخرج زيتا طيبا لونه ومذاقه ، لا سيما اذا كان يتوفر خبز "الطابون"" الساخن ،، ثم ينقل الزيت الى ""الدنان""،  إنها ايام حلوة وجميلة ،، نستوحي من ظلالها عبق الانتمــاء ،، وعبق الإعتزاز بالأرض والوطن والإنسان ، وموسم قطاف الزيتون بالنسبة للأردنيين من الأعياد الوطنية الهامة ، فهو موسم العطاء والخير والبركة ،،،موسم الذهب الأخضر.

 

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد