ضحكات مرشحين

ضحكات مرشحين

13-10-2010 04:02 AM

ما أن أعلن وزير الداخلية بدء الترشيح للانتخابات النيابة المزمع عقدها الشهر المقبل حتى بدأ يجتاحني خوف من الصباح كذاك الرعب الذي يستعمرني حين تعلن الأرصاد الجوية عن أولى الانخفاضات الجوية المصاحبة لزخات من المطر ،وقد سمحت أمانة عمان والمراكز الإدارية في العاصمة والمدن الأخرى عن موافقتها للمرشحين بتزيين شوارعها بيافطات الشعارات وصور كل مرشح .


ذلك لأنني أربط مرتعبا بين ما يمكن أن تتركه تلك الزخات المطرية من زحاليق وحوادث سير وازدحامات خانقه وبين تلك الصور التي قد تخلق ذات الأمر.


فالزخات المطرية ترعبك لأنك دائما تحدق النظر في أسفل الطريق متخوفا من أن تكون تلك الشوارع قد تبللت بزخات المطر وقد تفاعلت مع عوادم السيارات محدثة تراكما زيديا لا يمكن معه الصموت كثيرا إلا لمن أتقن فن السواقة وفن الحذر ،كذلك هو ما تحدثه صور المرشحين من حيث إنه يتوجب عليك الترقب طويلا والتأمل مليّا بتلك الضحكات التي ترسم على شفاه المرشحين وقد نسيت نفسك وسيارتك تدخل في متاهات الأمور ومصاعبها .


أنا شخصيا أحاول تجاوز الأمر ما استطعت إلى ذلك سبيلا لكنني سرعان ما أقع في شبكات تلك الابتسامات المغطاة بنوع من الغموض كما هي لوحة المونليزا بل تراني أغوص بتأمل تلك الضحكات لتجدني وقفت أمام تساؤلات كثيرة منها على سبيل المثال : 1- هل الذي يصنع هذه الضحكة هو نفسه من يرسمها ؟ 2- وهل نحن بحاجة إلى ضحكة المرشح حتى يكون أكثر إقبالا علينا وأكثر إقناعا لنا ؟ 3- هل الضحكة التي ترتسم على شفاه المرشح هي ذاتها التي نضحكها حين نريد التقاط صورة شخصية فيتكلف تلك الضحة كما نتكلفها ليضطر المصور إعادتها غير ما مرة ؟ 4- ما دلالات تلك الضحكة ،هل هو الشعور بأمل المستقبل أم إعطاء صبغة شرعية لنور ذاك المستقبل المتمثّل بها برغم معرفة كل الناس بالمستقبل وخوفهم منه ؟ 5-ألا يخاف المرشح من القراءة الثانية المعاكسة لتلك الضحكة من قبل المشاهدين ،هذا إذا ما عرفنا وعلمنا أننا بتنا نتعامل مع شعب مثقف وواع قادر على قراءة رسم التعابير ودلالاتها ما خفي منها وما لم يخفَ ؟ 6- هل نحن محتاجون إلى موازنة بين الضحكات كي تكون أساسا وميزانا للمقارنة بين هذا المرشح أو ذاك ،فننتخب نائبنا بناء على قدرته الساحرة وتأثيره الأخاذ من خلال ضحكته ؟ 7- ثم هل يدرس المرشحون علم الضحكات ودلالاتها حتى يكون لهم القدرة على اختيار هذه الضحكة أو تلك .

أم يتركون هذا الأمر للمصورين فيختاروا لهم ما يشاءون من الضحكات وأشكالها ؟ أنا أتصور أنه يتوجب على الحكومة الرشيدة بموجب تلك التساؤلات العمل على إعطاء الشعب مسبقا عددا من التحذيرات الإرشادية يقف معها المواطن حذرا من التأمل كثيرا قي صور المرشحين ونظراتهم وضحكاتهم خوفا من الولوج إلى عالم الحوادث والكوارث،ثم إعطاء كل مرشح برشور عن سحر الضحكات وتأثيرها ،أو العمل على توفير مصورين بارعين في اختيار الضحكة المناسبة لكل نائب وفق ما يتطلبه الشكل والهيبة لكل واحد منهم .


وعليه فإني لآمل من كل منّا العلم والعمل بذلك حتى يعرف مرشحونا أننا أمام تحذيرات وعقبات سياسية واقتصادية وتعليمية صعبة وأن أمامهم مهام صعاب ومشوار كفاح لا على الساحة الداخلية فحسب بل على الساحة العالمية هي أكبر بكثير مما تحدثه الصور من سحر فينا بل أكثر مما يعتقده بعض المرشحين من عبارات رنانة فإن لم تكن أنت الأكفأ فاترك الفرصة لمن يستحق وكن مقنعا لنفسك قبل أن تكون مقنعا للآخر
.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد