في غرفة الطوارئ

mainThumb

13-10-2010 05:03 AM

في إحدى الأمسيات التي أغرتني لمحاكاة بقايا السكون  ، جلست وحيدا على مقعد في حاكورة  توطن فيها العشب  والقمر وبعض النمل العائد إلى معاقله ....  ومع انشغالي بالنظر للنجوم متأملا عشق الحوريات القادمات بلا عناء ... كان هناك في السماء شيئا لا يفهم ... أكثر من مليارات اللمبات المضيئة ولا يوجد أي محصل لشركة الكهرباء ... هل هذا تسيب ؟؟ هنا بدأ مسلسل السؤال .....  فهل نملك نحن حق الجباية  خارج نطاق الحارة ؟ وهل ستكون العملة بالدينار ؟ وهل يمكن إضافة الضريبة  .... مسكين أنا إذ تحول العشق في سمري  إلى شحبّار في ظل طفر أطفأ كل اللمبات .
 
سحبت المقعد باتجاه الخلف ومددت قدمي على طولها ، تناولت تنكة فارغة وبدأت اطرق عليها بعض الألحان وبدأت استعيد رومانسيتي  من جديد فهناك  موسيقى حديثة بضرب الكف بالتنكة .... هنا لحن بطيء وهناك لحن سريع.......... وهناك صوت قادم من بعيد .... ( بدنا ننام يا خفيف الدم ) تركت التنكة بنعومة وسجلت اكتشافا بان هناك أشخاص لا تعجبهم الحداثة ويميلون أكثر إلى صوت الدربكة .
 
استعدت البسمة بصعوبة من جديد فقد كان الصوت لأبو سالم الطوبرجي جارنا منذ أكثر من قرن ، كم هو غريب هذا الأبو سالم رغم فقدانه لأكثر من ثلاث أرباع ضميره بأحداث متفرقة إلا انه يستطيع النوم قبل الجميع ، ومع أن المنشار أكل من  ذمته أكثر ما أكلنا جميعا من اللحم البلدي إلا انه يسبق الإمام على صلاة الفجر ، له معادلاته الخاصة وله مبرراته في كل شيء حتى انه برر سقوط بغداد بجملة واحدة ( ان مراين الخشب في العراق كان ناخرها السوس وفيها عقد كثيرة ...! ) .
 
زاد إصراري على الفرح ... على ممارسة العشق الأفلاطوني ... وزاد في قلبي  الأمل فهنا وألان لا يعنيني كل البشر..... فأنا في هذه الليلة لا انوي التمادي في التفكير .... فقط العشق والضياع في نشوة المحبين ، يا لها من رائعة تلك الحورية التي أراها بين النجوم ......هي قادمة  بالتأكيد لو أومأت لها .... أو لعلي  أذهب أنا لتبدأ بعدها الشجون .... تتوسع حدقتا عيني لتأتي بالصورة اكبر وتجمع من ملامحها ما تيسر ....نعم وصلت الصورة أكبر وأكبر ........ وتكتمل اللهفة  حين شعرت بزند ناعم من خلفي وغصون خضراء تمتد لتلاصق وجهي برقة فائقة ...... يقطع كل نشوتي صوت امرأتي الذي تفجر ( خذ قطف الملوخية بدل ما أنت قاعد زي السطيلة بتبحلق بالسما وبتضحك  ) .
 
عقلي الكبير هو رأسمالي فلا بد لي من محاورة هذه المخلوقة ومناقشتها بقضايا الرومانسية وكيف أني لا أحتاج سوى السكون والأجواء الشاعرية ... مسكت يدها أعلنت لها أني كنت احلم بها واني اعشقها وأني .... صوتها المزكوم  يقاطعني وبعد سحب يدها ... بسمة صفراء تتوازى مع كلماتها  حيث أعلنتها امرأتي بصراحة مطلقة ( بس بكفي ولو تطير بالسما ما  راح تشد إسوارة ولا حتى خاتم لتبيعه .. أصلا ما ضلش عندي غير الذهب اللي جابوه  أهلي )  .
 
قفزت من مكاني وفتحت الباب وبيد التنكة قذفتها على جيراني ومسكت الشارع وأطلقت العنان لسيقاني لتصدمني سيارة هذه السيدة البدينة يا سيدي وأنا لا اسقط حقي بل أطالب بسجنها مع امرأتي بزنزانة واحدة لتكونا عبرة لجابي الكهرباء الذي تقاعس عن قطع التيار عن النجوم التي لم تدفع الفاتورة  .


khalaf120@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد