التكليف السامي .. والحكومة الجديدة

التكليف السامي  ..  والحكومة الجديدة

23-11-2010 07:37 PM

كان عام 2010 عاما استثنائيا بكل المقاييس , فقد حل مجلس النواب , وتشكلت حكومة جديدة تحملت مسؤوليات جمة , كان أهمها التجهيز لإنتخابات لمجلس نواب جديد , ولتتحمل تلك الحكومة كل تداعيات المرحلة السياسية والإقتصادية , بكل ما تحمله من إشكاليات وردود فعل , سلبية كانت أم إيجابية.



 هذا وقد تميزت تلك السنة بالجدلية والمناكفة , والإستياء الواضح , كيف لا , والبلاد تعاني من مديونية هي الأعلى في تاريخها , ومن تأثرات إقتصادية عالمية إقتضت من الحكومة رفع أسعار المشتقات البترولية لأكثر من مرة , لتتأثر كافة أنواع السلع والخدمات بالإرتفاع والصعود , وليعاني المواطن الأردني من ضائقة معيشية خانقة , ملقيا اللوم على الحكومة , ومتهما إياها بالإهمال والتقصير , بل والتقصد في هذه المسألة.



من الطبيعي أن يكون جل إهتمام المواطن في أي دولة , لقمة عيشه , ودخله اليومي أو الشهري , والذي يدفع من خلاله فواتير معيشته من مأكل ومسكن وطاقة وتعليم وصحة . ومن الطبيعي أيضا أن تتأثر كل المتطلبات السابقة ببعضها البعض , خصوصا مع إرتفاع أسعار الطاقة عالميا , والتي تؤثر بشكل مباشر على كل مناحي الحياة اليومية , مع ثبات للأجور , بل وتقهقرها أمام الإرتفاعات المتوالية للأسعار , ليرتفع التضخم وتزيد البطالة , ويرتفع مؤشر السخط لدى المواطن , وتبدأ ظواهر من العنف المجتمعي في المدارس والجامعات والقرى والمدن , بالتصاعد والبروز. كيف وقد إقترن كل ما حدث بعملية سياسية وطنية وهي الإستعداد لإجراء إنتخابات برلمانية في نفس الوقت .



لا يخفى على المراقب الواعي أن مثل هذه الحالة المربكة , تشكل بيئة خصبة للسياسيين الذين يحملون لواء المعارضة الأبدي , مع ضعف لتيارات المعارضة البناءة , والذي يقضي جل وقته بالتصيد والترصد لإيقاع الحكومة تلو الأخرى , متعللا بالإخفاق في عملها , وضبابية الأداء , بل واللجوء إلى مفردة .. اللا مواطنة .. القديمة الحديثة , ومفردات جديدة تصب في أبواب العمالة والتبعية .... وما شابه. وبصفة المراقب الواعي والذي يحمل أيدلوجية واحدة فقط .. هي الله , الوطن , المليك .. لا أجدني إلا مواسيا للحكومة السابقة , بغض النظر عمن رأسها وطبيعة التشكيلة المكونة لها , لأن طبيعة المرحلة كانت قاسية جدا على أي حكومة , والمسؤوليات المتراكمة والمتعاقبة , تحتاج إلى سنوات من العمل ضمن خطة منهجية ينفذها واضعوها ليضمنوا حسن الأداء والنتائج. أقول ,



وقد ذكرت سابقا , أنني كنت معجبا بالتشكيلة السابقة للحكومة الأردنية , فرئيسها دولة سمير الرفاعي .. نموذج حقيقي للمواطن الأردني المعاصر والمتسلح بالعلم والمعرفة وبتراث عائلة سياسية أردنية عريقة , لها تواجدها الواضح على الخريطة السياسية الأردنية والعربية , هذا بالإضافة إلى مدرسة هي الأرقى ضمن المدارس السياسية العالمية , وأقصد مدرسة الديوان الملكي العامر. كانت تكوينة الحكومة تحمل كل مفردات الخبرة العملية وتميزت بوجوه شابة مبشرة , ووجوه مخضرمة محترمة , مشكلة توافقا منهجيا يرقى للطموحات والتحديات , كل في موقعه , والكل للوطن. إلا أن الأداء والنتائج المتحصلة هي لب الموضوع , ولم يكن لب الموضوع ضمن هذه الطموحات.



 فقد غلب على الأداء الإرتجالية والتفردية , ولم يكن موضوع الإتصال أو التواصل مع الجمهور مرضيا , وشكلت بعض المواضيع الخلافية مع المواطنين استفزازا غير مبرر مع بعض أعضاء الحكومة أدت إلى سخط وتوتر عال في تبادلية العلاقة بين الطرفين , ومن ثم إلى تعديل وزاري في محاولة لتهدئة الخواطر ونزع فتيل كان ممكنا أن يشتعل بشكل أكبر , مكلفا الحكومة وقتا ثمينا وضجة ما كان لها أن تحدث في الأصل. وبرغم كل ما حدث , فقد أدت الحكومة أداءا جيدا من خلال إدارة العملية الإنتخابية وبشهادة كافة المراقبين المحليين والدوليين , مما أحتسب لصالحها ,



وتبعا لذلك كان قرار جلالة الملك أن يعيد تكليف رئيس الحكومة دولة سمير الرفاعي بالتشكيل الجديد الذي سيرى النور قريبا جدا. وعليه , فإن على الحكومة القادمة لدولته أن تكمل العمل على إنجاز برنامجها الإقتصادي والسياسي , وحسب رؤية خطاب التكليف السامي , والذي سوف يطرح بشكل أو آخر على مجلس الأمة , كلما دعت الحاجة لذلك وحسب المألوف , وأن تكون على جاهزية عالية لهذا الأمر , الذي يختلف كليا عن مقارعة مؤسسات المجتمع المدني , والنقابات والصحافة , وبما أن المسئولية أصبحت مشتركة الآن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد