خطاب التكليف السامي وآليات بناء التوافق العام

خطاب التكليف السامي وآليات بناء التوافق العام

28-11-2010 08:00 AM

ان استقراء خطاب التكليف السامي الذي أرسله جلالة الملك عبدالله الثاني إلى حكومة الرفاعي يشير بوضوح إلى أليات بناء التوافق العام في الأردن حول القضايا الأساسية التي تساعد الحكومة على تحديد أولويات العمل وصنع السياسات العامة التي تتضمن حشد الموارد اللازمة لتحقيق الأهداف التنموية للمرحلة القادمة، والتركيز على النهج الديمقراطي التشاوري الذي بدأه المغفور له جلالة الملك الحسين يرحمه الله، وأكد عليه وعززه جلالة الملك عبدالله الثاني،


 فقد ورد في خطاب التكليف السامي تأكيد جلالته على هذا النهج بوصفه آلية للتعاطي السياسي والاجتماعي ما نصه : " إن تحقيق التنمية السياسية، بما يزيد من المشاركة الشعبية في صناعة القرار، شرط لنجاح كل جوانب الإصلاح الاقتصادية والاجتماعية الأخرى. وعلى الحكومة أن تواصل العمل، من أجل إيجاد البيئة الكفيلة بترجمة رؤيتنا الإصلاحية إلى واقع يعيشه كل أبناء شعبنا " كما تضمن خطاب جلالته التركيز على ارساء قواعد الاقتصاد القوي من خلال سياسة الاصلاح الاقتصادي وتخفيض قيمة المديونية بما ينعكس على مستوى الحياة اليومية للمواطنين، وتتضح هذه الآلية من خلال ما ورد في خطاب جلالته في البند الرابع: "لا شيء يتقدم على مصلحة شعبنا وحقه في الحياة الآمنة الكريمة.



 وإن المضي قدما في برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي هو السبيل لتوفير العيش الكريم لمواطنينا، ولفتح آفاق الانجاز أمامهم، وعلى الحكومة مواصلة العمل على تحسين أداء الاقتصاد، عبر البرامج والخطط الواضحة، التي ترفع من تنافسية اقتصادنا وإنتاجيته، وتجذب الاستثمارات، وتطلق المشروعات التي توجد فرص العمل، وتوسع شريحة الطبقة الوسطى، وتحارب الفقر والبطالة" ، إن رؤية جلالة الملك في هذا الشأن تحتم على الحكومة مواجهة كل التحديات لتخفيف الفقر والتناقض الطبقي من خلال البرامج الخلاقة وغير التقليدية.



 أما حول ضرورة أن تحظى القرارات السياسية ومشروعات القوانين بتوافق أغلبية الناس في المجتمع فقد أشار خطاب جلالة الملك إلى ضرورة "الاستمرار في عملية التحديث التشريعي" "وعلى الحكومة أن تبذل أقصى الجهود لضمان سيادة القانون على الجميع" وهذا يتطلب العمل على أن تعتمد التشريعات القانونية على معايير الصواب والحكمة، وأن تخرج القوانين من رحم المجتمع وتلبي احتياجاته وتناسب طموحاته وتطمئن الناس على أمنهم واستقرارهم، وأن تتضمن عملية إعداد مشروعات القوانين مشاركة العلماء والمختصين في إعدادها، وأن تطرح للجمهور من خلال الدورات والندوات لمناقشتها وأخذ الملاحظات عليها وتعديلها بما يحقق المصلحة العامة ويحقق التوافق العام عليها.



 كما تضمن خطاب جلالة الملك الإشارة إلى تعزيز الانسجام الاجتماعي والتركيز على الوحدة الوطنية التي تعتبر الركن الرئيسي في الأمن المجتمعي من حيث هو عامل سياسي آخر للاستقرار، فقد ورد في كتاب جلالته "إن الحفاظ على نعمة الأمن والاستقرار التي ينعم بها الأردن واجب على جميع مؤسسات الدولة، ومسؤولية مجتمعية لا تهاون فيها". ،



 وإتباع السياسات التي تضمن العدالة المجتمعية وتحفظ كرامة الأردنيين وحقوقهم. فلا تقدم ولا تطور ولا إنجاز من دون الاستقرار الذي نحميه من خلال تطبيق القانون، والعدالة والمساواة والتماسك المجتمعي، والحفاظ على وحدتنا الوطنية التي ظلت وستبقى أقوى من كل محاولات العبث بها أو الإساءة إليها" إن آليات التوافق العام الواردة في خطاب جلالته ترسم الخطوط العامة لتحقيق الانسجام الاجتماعي وتمتين الروابط الاجتماعية، وتثبيت التماسك بين أفراد المجتمع الواحد وخلق الحيوية الذاتية التي تبني المجتمع على أساس القواعد الحضارية المجردة والمبنية على قوة العقل والمصالح الوطنية العليا لا قوة الشهوات والعواطف، بحيث تدخل في ثنايا المنظومة الاجتماعية وتخلق حالة من التقبل "قبول الآخر" لأنها تشكل نظرة واعية وكلية على الصالح العام، وتعمل على صياغة الشخصية الوطنية على ثوابت راسخة لا تتغير وهي الحب والانتماء للوطن ولقيادته الهاشمية الحكيمة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد