ويكيليكس, هل هي تسريبات ام ضغط رسمي امريكي

ويكيليكس, هل هي تسريبات ام ضغط رسمي امريكي

05-12-2010 08:35 PM

ويكيليكس هو موقع فرنسي للخدمة العامة يعنى بنشر وثائق سرية تكشف كثيرا من مواقع الفساد على مستوى العالم وحماية المتعاونين معه للحصول على هذه الوثائق. وقد قامت الدنيا ولم تقعد بعد, عندما نشر هذا الموقع قبل أسابيع مئات آلاف الوثائق التي تكشف أسرارا تتعلق بالسياسات الأمريكية وحلفائها حول العالم, مستقاة من مراسلات السفارات الأمريكية مع حكومتها المركزية في واشنطن وتحليلاتها لسياسات وآراء هذه الدول في مجمل القضايا الدولية.



ومن المعروف, أن بعض الدول تفرج عن وثائقها السرية بعد مرور فترات زمنية طويلة لا تقل أحيانا عن ثلاثين عاما, لتجنب النتائج السلبية على أبطالها على المستويين الشخصي والمهني وخاصة إن كانوا ما يزالون على قيد الحياة. ولكن ويكيليكس يشذ عن هذا العرف حيث نشر أسرارا لا يكاد عمرها يتعدى الأشهر أو السنين القليلة ضاربا عرض الحائط بما قد يلحق بشخوص مسرحيتها من أذى قد يصل إلى حد الملاحقة القانونية أو الجسدية حتى. إنني وانطلاقا من هذه الجزئية المخالفة لما خبرنا من عرف إطلاق سراح الوثائق والأسرار الدولية,



لا أميل لتصديق نظرية أن ويكيليكس قد حصل على معلوماته وأطنان الورق السري هذا بأساليب غير قانونية وربما بسبب فساد بعض القائمين على أرشفة هذه المعلومات وحفظها في الطرف الحكومي الأمريكي. وأميل بالمقابل إلى الإعتقاد بأن من سرب هذا الكم من المعلومات لا يعدو أن يكون "الرسمية الأمريكية" نفسها ولغايات في نفس يعقوب.



 أما ماهية هذه الغايات في نفس يعقوب الأمريكي, وما يخصنا نحن العرب في هذه المنطقة من العالم, فأكثر الظن أنها تتلخص بإرادة الولايات المتحدة الأمريكية الرسمية وحليفتها إسرائيل بإخراج السيناريو القادم للمنطقة حسب ما يرون مناسبا لمصالحهم. الحشد الإسرائيلي ضد إيران وبرنامجها النووي ربما يكون قد تعثر بعض الشيء, وحتى توجه بعض دول المنطقة لدعم هذا الحشد وإن سرا, لم يفي بالغرض للوصول إلى تحالف مشابه للتحالف الثلاثيني الدولي المعروف ضد العراق الشقيق.



وقد يكون في تسريب مواقف تلك الدول والحكومات المشجعة على ضرب إيران والحيلولة دون امتلاكها السلاح النووي, حتى وإن أحرج أصحاب هذه المواقف وحكوماتها الحليفة لواشنطن, فإنه قد يؤدي لتشييد اللبنات الأخيرة المتبقية في صرح هذا التحالف المطلوب إسرائيليا وربما أمريكيا ودوليا في مرحلة قادمة, حيث إن الكثيرين منهم يخفي ما لا يعلن حتى جاء ويكيليكس لفضح المستور وكشف العورات. أما ما يخص القضية الفلسطينية, فإن التسريبات التي وردت حتى الآن, قد تخلط أوراق اللعبة من جديد, وخاصة على المستوى الفلسطيني الفلسطيني وتقسيم الأدوار ما بين السلطة في رام الله والحكومة المقالة في غزة.



رام الله وغزة تقفان في خندقين متضادين في علاقتهما مع طهران, ولهذا فإن تجذير الهوة بين هذين الخندقين وتعميقها من خلال تسريبات ويكيليكس قد يؤدي إلى أن "تأتي العتمة على قد ايد الحرامي الإسرائيلي" في إجراءات وخطط قادمة له للتعامل مع القضية الفلسطينية, إن كان من ناحية يهودية دولته وضمن رؤيته للحل النهائي للمشكلة, أو من خلال إزالة الخطر النووي الإيراني المزعوم قبل القبول بأي نوع من الحل. كما أن تصدي أحد أرفع سياسيينا الأردنيين لما يشبه التوصية, حسب ويكيليكس, بضرب إيران, هو خرق للسفينة الوطنية من العيار الثقيل, ومخالفة آثمة لسياسة الاعتدال والدبلوماسية الوسطية المعروفة عن المملكة, والذي قد يعرض الأمن الوطني الأردني للخطر.



وربما تعزز وتكثف هذه المبادرة الضغوط التي تتعرض لها الأردن من جهات كثيرة ليس آخرها واشنطن, لدفعنا للقبول بشروط مجحفة على طريق حل المسألة الفلسطينية. وما محاولة السلطات الرسمية الأمريكية ملاحقة صاحب ويكيليكس الأسترالي " جوليان أسانغ" قانونيا إلا ذرا للرماد في العيون وضربا من ضروب التغطية والتدليس على سياساتها في المنطقة والعالم. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد