عندما كنت يا أبي

عندما كنت يا أبي

15-12-2010 09:21 PM

عندما كنت يا أبي قبل ردحٍ من الزمن , كنت يا أبي ملاذاً للأمان , أرى في محياك شجاعةَ الفرسان , لا أعرف الفزع أو الخوف أو الجوع , عندما تدخل عرينك , تعم السعادة والسرور , عندما كنت يا أبي , تمدني بعزيمة تحرم الخوف الاقتراب مني , لا أخاف غدر أزلام الزمان , ولا أرى غيرك على هذه البسيطة , ولا حتى أفكر بالمستقبل ؛لأني أظنه مثلك حنون , ولا يخون ,



 لقد طوعته يا أبي كالفرسان , وأصبح ساعدك في بناء أسوار بيتنا , حتى لا يتسلل إليه الصعاليك , عندما كنت يا أبي دفء الأمان , لا أنظر إلى ما سآكل غداً, ولا ما ينتظرني من شرار الزمن ,عندما كنت يا أبي كالمسك إذا حركته ازداد طيبا , كنا ورفاقي ننعم في زقاق الحارة لا نخاف , نكوّن عصابات بريئة , تترامى بالحجارة طورًا وتتبادل القبلات طورًا آخر, كنا نرفل بنعمة الأمن , ليس بيننا الشرير , ولا مغتصب اللقمة من أفواه البشر , ولا أم تضع يدها على قلبها خوفا من أفول ابنها,عندما كنت يا أبي, تصحبنا إلى حقول القمح والعدس التي تخفينا عن أشعة الشمس ,نلعب بالفراش الزاهي , تداعبنا تارة وتهرب تارة أخرى , كل ما حولنا أخضر .



 ولكن لماذا ذهبت يا أبي ؟ وأنا عمري أربعون عاما , لم أقدم لأولادي ما قدمته لنا , لقد فك الزمان قيوده , واستباح بيتنا , وأصبح مسرحا لآكلي لحوم البشر , وزرع في قلوبنا الرعب ,حتى أنني أتحاشى النظر في عيون أولادي ؛ خشية أن يكتشفوا خوفي, بتنا يا أبي في هرج ومرج .أين يا أبي دفء الأمان ,



 أنا أخاف أن أصحو, ولا أجد في جيبي ثمن الخبز. أين يا أبي حقول القمح والعدس والفراش التي ترسم السعادة على شفاه البشر؟ لقد غضبت علينا فرحلت , يا أبي لم أعد أرى أطفال الحارة يرفلون بنعمة الأمن ,شوارع زقاق الحارة مزروعة بشياطين الإنس , يا أبي ما الذي حصل؟! يا أبي ما الذي حصل؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد