ليس التراب كالتبر

ليس التراب كالتبر

22-12-2010 10:57 AM

((إني أحمد الله على أنّي عرفت الإسلام قبل أن أعرف أهل الإسلام!!))



عبارة موحية ومؤلمة أطلقها أحد المسلمين في الغرب بعد أن قام بزيارة للشرق.. عبارة مكونة من كلمات قليلة تتبدى من خلالها معان كثيرة... وتكشف عن قصة للوجدان مثيرة وتحرك عند المؤمن الضمير والبصيرة.



لقد قرأ – صاحبنا – عن الإسلام في ثنايا الكتب والمجلدات الكثيرة ووجد أنّ الإسلام دين يسوي بين الناس ومقياس الكرامة فيه يقوم على التقوى لا على أساس الأجناس. وجد أنه الدين الذي لا يُقر الخرافة أو الجهل ولا يقبل الخبث أو السم في النفس أو الجسم.. الدين الذي يحث على العمل والتفكير في ملكوت العلي القدير.. الدين السمح الذي لا يكره أحداً على اعتناقه ولا يسمح بعدوان ولا يبيح الفساد في الأرض.. الدين الذي يأمر بصلة الأرحام ويجعل من العمل إيماناً ويجعل طلب العلم فريضة وعبادة وإحساناً..


قرأ عن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم فوجد أنه أصدق من دعا وأعدل من حكم، وأوفى من عاهد، وأرحم من قاتل، وأجلّ من عفا، وأحكم من نصح وأصلح..


رسولُ كريم يحب الإخلاص في السر والعلانية ويحب القصد في الفقر والغنى ويعدل في الغضب والرضا ...   يصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه .


قرأ وقرأ... وقلّب أوجه الفكر فعرف الإسلام واستخدم نعمة العقل وطلب الهدى فشرح الله صدره ونوّّر قلبه بنور الإيمان لقد كان ميتاً فأحياه الله وهداه..


زار الشرق فأصابه الإحباط يومَ رأى صورة أهل الإسلام ولم ير فيهم حقيقة الإسلام الذي قرأ عنه..

إنّ الفرق كبير بين الصورة والحقيقة.. بين الثرى والثريا.. بين التراب والتبر..

إنّ الفجوة عميقةٌ بين ما نحن عليه وما يجب وينبغي أن نكون عليه..


إن مثل الثمار المصنوعة من الخزف تتراءى للناظر كأنها تفاح وبرتقال وعنب في لونها وشكلها ولكن أين الصورة من الحقيقة وأين طعم هذه الثمار ورائحتها؟! إنها ليست إلا للزينة أو المثال ...
وفي المتاحف نرى السباع المخيفة والطيور الجارحة لكنها جثثٌ هامدة لا حراك بها أو أجساد ميّتة محشوّةٌ بالليف والقطن ليس فيها رمق من الحياة وقوةٌ تهجم بها وتصول...  حتى لا تحس منها من أحد ولا تسمع لها ركزاً.

 

ويضع الداعية الكبير ((الندوي)) أيدينا على العلاج فيقول إن أكبر مهمة دينية في هذا العصر وأعظم خدمة وأجلُها للأمة الإسلامية هي دعوة السواد الأعظم للأمة وأغلبيتها الساحقة إلى الانتقال من صورة الإسلام إلى حقيقة الإسلام فلمثل هذا فليعمل العاملون ويبذلوا جهودهم ومساعيهم في بث روح الإسلام في جسم العالم الإسلامي ولا يدخروا في ذلك وسعاً فبذلك يتحول شأن هذه الأمة وفي نتيجته شأن العالم بأسره، فإن شأن العالم تبع لشأن هذه الأمة، وشأن الأمة تبع لحقيقة الإسلام، فإذا زالت حقيقة الإسلام من الأمة المسلمة، فمن يدعو العالم إلى حقيقة الإسلام، ومن ينفخ فيه الروح؟ قال سيدنا عيسى عليه السلام لأصحابه:
 

((أنتم ملح الأرض فإذا زالت ملوحة الملح فما يملَّح الطعام؟ ))

 

ويوم تعود الروح إلى أجسادنا ونعيش حقيقة إسلامنا سيدخل الناس في دين الله أفواجاً من خلال معرفتهم بنا ورؤيتهم لنا وقبل القراءة عنا.


عندها سيقول الناس في أرجاء المعمورة:


((الحمد لله الذي عرّفنا  بأهل الإسلام فعرفنا الإسلام )).


((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28) مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29) )). سورة الفتح .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد