الى روح والدي

الى روح والدي

03-01-2011 08:33 PM

في الخامس من كانون الثاني سنة تسعة وتسعون وتسعمائة والف ميلادية , الثامن عشر من رمضان الساعة الرابعة مساءا اختارك الله سبحانه وتعالى الى جواره , فكم هي قاسية لحظة الفراق , لقد كانت ايام عصيبة ومجحفة جدا , لم يهون علينا فيها هول المصاب وألمه والفاجعة الا باننا مؤمنين ايمانا بان ما اصابنا ليس الا من قدر الله تعالى علينا جميعا , وان الله ما اعطى وله سبحانه ما اخذ وان كل شيء عنده بمقدار . والدي ...



ما اكبرها واعظمها من كلمة , فكلما نطقت بها تكاد تهتز الارض من تحتي , واشعر في الخجل مطأطأ الراس تقديرا واجلالا واكبارا واحتراما . والدي ... كم ادهشتنا الايام بظلمها وقسوتها عندما حرمتنا منك , من صوتك الذي يدب الرعب في قلوب من يحسبون انفسهم رجال في هذا الزمان , ومن بريق عينيك الذي كنا نشاهد الدنيا من خلاله , فما الايام بعدك الا ايام خذول ولدغات قدر قاسية ومجحفة , اصبحت تتوغل في نفوس من بعدك , انا الذي لم اتصور يوما ولو باي شكل من الاشكال اراك تذهب دون عودة , ايعقل ان يحملوك على اكتافهم بعدما كنت تحمل هموم البشر الذين اصبحو من بعدك ضعفاء ,




 اين انت لقد كانت خطواتك القوية تهز الارض وتدكها بكل عنفوان وهيبة ووقار , فأنا لا استطيع بعد ان اخفي هذه الحقيقة المرة , فعندما حمل عرشك على الاكتاف حمل معك نعش سعادتنا واحلامنا وقوة صوتنا بين البشر , وعندما اهالو التراب على جسدك الطاهرة اهالو التراب على هيبتنا وكبرياءنا ونفوذنا . والدي ... ياله من عشق الذي يربطني بك , لقد زرعت في نفوسنا حب الحياة الكريمة الفضلى والرجولة والكبرياء , ولكن قد تلاشى هذا كله عند الكثير من بعدك , انت مثلنا في الحياة , ليس لانك والدي فقط لانك كنت انسان عظيم قوي لا تخشى الا الله سبحانه وتعالى ولا تاخذك لومة لاءم في انتزاع الحق لكل من يقصدك ولافراد عشيرتك الذين التفو من حولك واحبوك كثيرا,




لقد كنت رجل مواقف وكانت الرجال تحسب لك الف حساب فوالله انني اعتز وافتخر ان اكون ابنا لك . والدي ... ان الذين بعدك اصبحو بعيدين كل البعد عن الرابط الاسري , لم يلجأو يوما الى بعض كموجهين ومرشدين , ولا ينصر بعضهم الاخر , لان الذي كان يجمعهم في مجلس واحد قد رحل وكأنهم كانو ينتظرو هذه الساعة ليلملموا اوراقهم المزيفة وينطوون على انفسهم كأنطواء العجوز على رماد نارها , فأصبحو لا يتذكرون الانسان الا لحاجاتهم فقط لم يسألوا بعضهم يوما عما يحزنهم , لم يسألوا بعضهم يوما عما يفرحهم , لم يفكروا قط ان روابط الاخوة اكثر من اي حاجة مادية روابط تعني الروح وتغلغل داخل النفس البشرية لتجمع بين قلوب الاخوة برابط الحب الاخوي والدي ...




ايعقل بأنك اصبحت مجرد ذكرى , الا تعلم عندما اتذكرك ابحث عن بقعة ارض تلملمني او حتى تحتويني لانزف حزني عليها , كم تضخمت حاجتنا اليك , فوالله ما زلت اشعر بمأساة رحيلك , اثنتا عشر عام مضت ثقيلة على نفسي يا والدي , اتعلم اني لهذه اللحظة وانا انتظر عودتك وارقب طريق ايابك لقد امنيت نفسي كثيرا بذلك , فرحيلك امر لا استطيع تصديقه , فليتك تعود لاقبل قدميك واغسل بدموعي شيبك الطاهر وانحني واطبع على يدك الشريفة وجبينك الطاهر قبلة المحبة والاعتراف بالجميل , واقرأ في صفحة وجهك الطلق النير ايام العز والكبرياء .




والدي ... غفر الله لك , وتجاوز عنك , وتغمدك بواسع رحمته , والله نسأل ان يتقبل دعاء من دعا , ونسأله جل وعلا ان يعفو عنك , وان يجعل قبرك روضة من رياض اللجنة , وان يكرم نزلك , وان يوسع مدخلك , وان يبدلك بدار خير من دارك , واهلن خير من اهلك , وان يجمعنا بك في مستقر رحمته انه على كل شيء , قدير وانا لله وانا اليه


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد