هرولة عكسية نحو الذيل

mainThumb

03-01-2011 08:42 PM

بعد 11 دقيقة من هذه اللحظة وقبل أن تنهي مقالتي هذه، يفترس مرض الإيدز ضحية جديدة، ولكن عزيزي قبل أن يعلو تصفيرك وتتعرج قسمات وجهك استغرابا، إليك هذه الحقيقة التي سوف تكتم تصفيرك ونفسك أيضا، وهي أن عدد المصابين حاليا بالايدز وصل إلى 42 مليون شخص على مستوى العالم بعد أن كان إصابة واحدة وقت اكتشاف المرض في ثمانينيات القرن المنصرم.



 ورغم هذا العرض المفزع طمأنتنا الأمم المتحدة مؤخراً في تقرير حديث بأن الإصابات بالمرض تراجعت على مستوى العالم بنسبة 20%، باستثناء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أي منطقتنا العربية – يا راعاك الله -، إذ تضاعف عدد الإصابات فيها، لنضيف فشل جديد لمسلسل إخفاقاتنا، التي تقودنا دائماً إلى الاتجاه المعاكس لما تسير عليه الأمم الأخرى. والتقرير كشف عن ارتفاع ملحوظ في إصابات فيروس الإيدز، إذ بلغ في شمال إفريقيا والشرق الأوسط 460 ألف مصاب في 2009، بعد أن كان يقدر بـ180 ألفاً في 2001، كما تضاعفت أعداد الإصابات الجديدة من 36 ألفاً إلى 75 ألفاً من ذات الفترة،




 وبصريح الكلام إن إصابات طاعون العصر تضاعفت 100% عندنا، وبديهيا بررت حكومات دول المنطقة عجزها عن مواجهة شبح الايدز بالتقشف والأزمات المالية التي عادة تكون شماعة تعلق عليها إحباطاتها وفشل جميع السياسات التي تخدم شعوبها. ويبدو الاتجاه السائد في دولنا للأسف الشديد هو عدم الاكتراث لتصدي مثل هذه الأمراض لانشغال حكوماتنا الرشيدة في كل الأحوال في تكميم الأفواه وكتم إرهاصات الديمقراطية التي تطل برؤوسها بخجل في كل انتخابات جديدة نعرف نتائجها مسبقا، وسباقها في إنفاق المليارات على مشاريع لا تغني ولا تسمن من جوع، والتكتم على طبيعة المرض ونظرة المجتمع العربي لحاملي هذا الفيروس التي سببت في زيادة الضحايا.




 والظاهر إن دول منطقتنا مدمنة في السير عكس التيارات في كل شئ، ليس فقط على المستوى السياسي والاجتماعي، بل على المستوى الصحي أيضا، وكأن حكوماتنا لديها هواية الهرولة العكسية نحو ذيل التقدم. وإذا لم تتحرك حكوماتنا لتفادي ذلك الخطر الداهم ومواجهته فإنه يصعب السيطرة عليه ليتحول إلى كارثة إنسانية رهيبة، خاصة أن الأرقام غير الرسمية تتحدث عن وجود أضعاف هذه الأرقام من الإصابات بالإيدز التي تتجول في مجتمعاتنا كقنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة لتخلف كارثة تصعب السيطرة عليها وتطال الجميع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد