رسالة تونس، رسالة من فوق النار

mainThumb

15-01-2011 08:31 PM

الاطاحة بالنظام الدكتاتوري للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، اثر ثورة الشعب التونسي البطل، اسدلت الستار على حالة الخوف التي زرعتها ووطنتها الانظمة الحاكمة في الوطن العربي، على مدى عقود من الزمن . فقد سامت الحكومات العربية شعوبها شتى صنوف وانواع القهر والتنكيل والعذاب والاستبداد ، معتقدة ان الشعوب ستخنع الى الابد، وانها لن تقوم ابدا.




لقد اثبت الشعب التونسي الكبير، ان كل عقود التنكيل والظلم والفقر والاستعباد، ما زادته الا قوة وصلابة وعزيمة، وان الانظمة التي تتنكر لابناء شعبها، وتدير ظهرها لمطالبها العادلة وان حكمت بالنار والحديد ،ستنتهي وتنطفئ لا محالة، وان سكتت الشعوب ورضيت واذعنت حينا من الدهر. ان حالة الارتياح الشعبي العريضة- لما الت اليه الاوضاع في تونس الحمراء هذه الايام- والتي عاشتها الشعوب العربية جمعاء، تعبير صادق عن وقفة الشعوب العربية الطيبة الى جانب الشعب التونسي البطل، وتعبير صادق عن شغف هذه الشعوب وحبها وتضحيتها من اجل التغيير، الذي تحلم به وان غلب على امرها، والذي لا تجد احلى ولا الذ منه ، ولا تقبل بهدف سواه حينما تتعرض للظلم والحرمان.




تستطيع الحكومات ان تضييق على شعوبها، تستطيع ان تراقب تحركاتها وتمنعها من التعبير عن ذاتها، تستطيع ان تقهرها بالرغيف، وان تقهرها بشربة الماء وحبة الدواء. تستطيع الحكومات ان تحصي على الشعوب انفاسها، وان،،،،، وان،،، وان،،،، ولكنها لن تستطيع ابدا ان تنزع منها ارادتها، ولا ان تحرمها من احلامها، ولا ان تقتل او تغتال كرامتها وعزة نفسها. الفقر والتجويع والظلم والاستعباد، وسيلة الضعفاء من الانظمة الحاكمة لتسيطر على مقدرات الشعوب، ولتتحكم بمصيرها، وتصادر ارادتها، وتحرمها من حقها في العيش الحر الكريم. ولكنها، اي، الفقر والتجويع والظلم والاستعباد، النار التي تحرق الحكومات، هي الاوجاع التي تحرك الشعوب لتتخلص منها وتتعافى منها.



 كم من دكتتاتور هنا وهناك، في وطننا العربي ، لا هم له الا تجويع شعبه، وكم من دكتتاتور، هنا وهناك، يسوم ابناء شعبه اشد العذاب، وكم من دكتتاتور يصم اذانه ويضع الغشاوات على عينيه، حتى لا يحس باوجاع شعبه. ان الحالة التونسية، التي اشعلت الشارع العربي، ليست بالوحيدة في عالمنا العربي، فالمواطن العربي من المحيط الى الخليج يعاني التهميش، ويعاني الفقر والبطالة والجوع، في الوقت الذي يلحظ فيه عمليات التسمين والبذخ والترف، التي تعيشها الانظمة و بعض الفئات من انصارها هنا وهناك.



 فكم من شعوب صبرت وصمدت واحتسبت؟!، وكم من شعوب رضيت، بما لا ترضى به الدواب وما بدلت؟!, وكم من شعوب ضحت ورفعت وحطت؟!، وكم من شعوب جائعة تترقب حتى تنقض على عدوها فتمحقه؟!. ان رسالة تونس، رسالة من فوق النار، رسالة من فوق الزعماء, رسالة لا تستطيع الانظمة الحاكمة ان تزييفها او تلونها او تعبث بها او تمنعها وتحبسها. رسالة تونس، رسالة الى كل دكتاتور وظالم يعتقد انه يملك مفاتح الغيب والقوة والمنعة، رسالة الشعب الذي اراد الحياة فاستجاب له القدر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد