في المسألة التونسية !

في المسألة التونسية !

18-01-2011 10:43 PM

عند تحليل أي موضوع سياسي , تاريخي أو معاصر , يبدأ المراقب والمحلل السياسي (المحايد) , بطرح مجموعة من الأسئلة المنهجية والموضوعية , بعد أن يتسلح بالخلفيات التاريخية اللازمة للموضوع , فيما يخص خلفية الأشخاص والعوامل الجغرافية والسياسية المصاحبة لهم ... وهلم جرا . ونتحدث اللحظة عن المسألة التونسية , ونطرح الأسئلة التالية المشروعة .. لماذا ؟ .. من ؟ .. كيف ؟ .. لماذا حدث ما حدث ؟ .. من كان يقف وراء الحدث ؟ .. كيف حدث ما حدث ؟ لماذا ؟ لا يزال الجنس البشري ,




في كل بقاع المعمورة , يسعى إلى قيم الحق والعدالة والمساواة , باذلا الغالي والنفيس في سبيل تحقيق ذلك , معتمدا على إرث عظيم من الثورات البشرية , العقائدية والأيديولوجية , وتحت مسميات عديدة , لا يسعنا سردها في هذه العجالة . وما حدث في تونس , ليس إلا ترجمة معاصرة لرد فعل .. مقابل فعل آخر , أنكر أبسط مبادئ الكرامة والإنسانية والعدالة الإجتماعية , فحدث ما حدث .



من ؟ تبدأ الثورات , بحالة من التذمر والقهر , لتتحول إلى حالة من الغليان والسخط الشعبي الذي ما يلبث أن ينفجر في وجه السلطة , أيا كانت , ولابد لها أن تنظم وتقاد من قبل أشخاص , أو ربما شخص واحد , أو تكتلات سياسية أو أيديولوجية أو عقائدية , وكما أسلفنا , حتى يصبح للثورة عنوان ومرجعية وأهداف واضحة المعالم . ما حدث في المسألة التونسية مؤخرا خرج من هذه الحالة التنظيمية . فالمسألة كانت هبة شعبية بسيطة وفطرية , لم يقدها لا تنظيم ولا إتحاد أو حتى أشخاص معينون .. هكذا بكل ما تحمله العفوية من معنى صريح , مما يقودنا إلى السؤال التالي ... كيف ؟ كيف ؟ عندما خضنا في الإجابة على السؤال ( من ؟ ) .. رأينا أن من قام بالحدث الثوري هو الشعب البسيط الأعزل .. المشحون بكل تراكمات السنين الطويلة من القهر والإضطهاد وقمع الحريات , ولو أن مراقبا , أيا كان , إدعى فشل هذه الثورة الغير منظمة , والتي حملت مطالب بسيطة , مشروعة , بمحاربة الفساد وإيقاف هدر المال العام وإعطاء المزيد من الحريات المشروعة , أقول .. الفشل في أداء هذه الثورة , ليس بسبب متطلباتها .. ولكن لغياب القيادة والتنظيم لها ,




وأكاد أجزم أن الوصول إلى هذه النتيجة من توقع فشل هذه التظاهرة , لهو أمر منطقي . فالثورة هذه بكل ما تحمله من أدوات الضعف , إلا مبادئها بالطبع , ما كان لها أن تنجح ... لكنها , وهذا هو المستغرب , نجحت وحققت أهدافها , بل وخلعت الرئيس من على كرسيه !! كنا قد إعتدنا على مفهوم من الثورات , وعبر تاريخ طويل , تأتي بعمل إنقلابي عسكري . فالأداة العسكرية كانت وما زالت هي المحركة للثورات والإنقلابات في تاريخنا البشري .




ولا نجد حولنا , خصوصا في عالمنا العربي , إلا قبادات وأنظمة جاء معظمها بالثورات والإنقلابات العسكرية والتي ما إن إستقرت حتى أصبحت نظما أيديولوجية , ظاهريا , عسكرية في البنية الأساسية . وما كان النظام الحاكم في تونس بمعزل عن النشأة العسكرية السالفة الذكر , ولا داعي لسرد تاريخ هذا النظام وكيفية توليه السلطة فهو متوفر لمن أراد الرجوع إلى التاريخ , وبغض النظر عما إذا كنا متفقين أو مختلفين على نشأته وأدائه , فقد قال الشعب التونسي رأيه .




ما يلفت الإنتباه في المسألة التونسية , وأقول مسألة لأني لا أجد تسمية لما حدث , أقول ما يلفت الإنتباه هو عدم تدخل الآلة العسكرية فيما حدث ..!! فالهبة الشعبية وحالة التوتر التي سادت مناطق ومدن وشوارع تونس لم تجابه إلا من قوى الأمن كالشرطة , وتدخلت لاحقا قوة أمنية سميت بــأمن الرئاسة حينما إمتدت هذه الهبة لتصل إلى العاصمة التونسية . وهكذا بقي الجيش التونسي دونما حراك أو تدخل .. في المسألة .. !! وما يلفت النظر أيضا .. أن ما سرب عن اللحظات الأخيرة من هروب الرئيس التونسي , كان بإقتراح من الجنرال قائد أمنه الخاص , وبموافقة وتأييد من وزيره الأول ..!!




 أين كانت قيادة الجيش مما حدث ؟ .. ولم لم نسمع شيئا من قياداته , قبل وبعد ما حدث ؟ .. وكيف يعود الوزير الأول التونسي بالإضافة إلى 6 وزراء من الحكومة المقالة إلى تشكيلة الحكومة الإنتقالية .. مع 3 وزراء من قيادات أحزاب المعارضة التي لم يكن لها أي دور في المسألة التونسية , على الأقل هذا ما سمعناه وعلمناه من كافة وكالات الأنباء العربية والعالمية ؟ ثم .. كيف يرفض حلفاء تونس , من أشقائه وجيرانه , إستضافته بعد هروبه ؟ .. وكيف يرفض حلفاء تونس الغربيون (فرنسا مثلا) إستضافته أيضا .. ولو بشكل مؤقت ؟ .. وكيف تركت تونس بهذه الحالة دونما تدخل سياسي أو عسكري من قبل الأشقاء والأصدقاء ؟ كل هذه التساؤلات الأخيرة مشروعة للمراقب والمحلل . فما حدث لم يسبق له الحدوث من قبل . والأيام المقبلة سوف تكشف بالتأكيد موضوع المسألة التونسية .. !!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد