ما المانع من نقابة للمعلمين

ما المانع من نقابة للمعلمين

25-01-2011 10:12 PM

يختلفون على التعليم: هل هو مهنة أم رسالة! مهما كان الجواب فنحن أمام عشرات الآلاف من الموظفين يعملون في مهنة سامية مقدسة كمهنة الأنبياء، فيها كدّ وتعب وسهر واجتهاد وتحضير ومتابعة وتطوير، مهنة يُحضر المعلم همّها إلى بيته على حساب أسرته وراحته وعلاقاته، يتعامل فيها المعلم مع الثروة البشرية، يشكل العقول ويبني الثقافة وينمي الميول ويهذب الاتجاهات ويعمق الولاء ويرتقي بالفكر، نسلّمه أغلى ما نملك: فلذات أكبادنا ومهج أرواحنا، أفلا ننصفه في نقابة تحميه وتطوره وتعزز مكانته وتساعده في التغلب على مصاعب الحياة؟

 

المناهضون لفكرة النقابة يتحججون بمجلس تفسير الدستور؟!! وكأنهم ملائكة أمام نصوص مقدسة نزلت من عند الله، هذه كلها نصوص وقوانين بشرية تمت صياغتها لمراحل معينة والمطلوب إعادة النظر دائما فيها لتتناسب مع الواقع المتغير والمستجدات الضرورية، ففي العالم كله نقابات للمعلمين لم تعطّل المسيرة التعليمية ولم تجيّر لحسابات شخصية أو حزبية، حتى متى سنظلّ ننظر لكل جديد من منظور التشكيك والشبهة والحذر والتعطيل بحجج واهية منها الحفاظ على قدسية ومهنية وموضوعية التعليم ومخرجاته؟!!

 

حجج باطلة كاذبة التي يبرر من خلالها المسئول رفض النقابة أو إيجاد شكل بديل عنها، لا أدري لمَ الخوف من خطوة جريئة كهذه تَحقن الغضب المتنامي وتحقق للمعلمين أمنية طالما حلموا بها كبقية المهن: الهندسة والطب والزراعة والحقوق وغيرهم، فما هي فوائد النقابة للمعلمين؟

 

من خبرتي المتواضعة كعضو في نقابة المهندسين الأردنيين أستطيع القول أن لنقابة المعلمين (لو أنشأت) دور كبير في تحسين معيشة المعلمين مما يخفف جزءا من العبء عن الحكومة فتتحمله النقابة، ومن ذلك:

-         صندوق للتقاعد: فينال المعلم تقاعدا ثانيا بالإضافة إلى الضمان أو التقاعد الذي يناله.

-         قروض حسنة للزواج.

-         قروض حسنة لتعليم الأولاد.

-         صندوق للتكافل: يقدم مبلغا عاليا عند الوفاة لذوي المتوفى.

-         قروض البناء والأثاث والسيارات بمبدأ المرابحة.

-         شراء الأراضي لغايات السكن.

-         التأمين الصحي.

-         الاهتمام بالمهنة وعقد المؤتمرات وإيجاد فرص عمل وفتح التعاون مع الجهات المانحة والموظّفة للخبرات.

 

هذه وغيرها من فوائد النقابة لا شك أنها ستحمل جزءا كبيرا من الهمّ الحكومي المادي والمعنوي في خدمة هذه الشريحة العريضة من مواطني الدولة، فلماذا لا ننظر إلى هذه الإيجابيات الكثيرة بدل أن نقتصر النظر فقط على احتمالات السلبيات من وراء إنشاء نقابة المعلمين والدور السياسي المرتقب لها؟!!

 

إن المحذرين من إنشاء نقابة للمعلمين لم يكلفوا أنفسهم أخذ الأمور بالإجمال: الحسنات والسلبيات، وأنا شخصيا لا أعتقد أن لها سلبيات على الإطلاق وفي النقابات المهنية أكبر دليل على ذلك. فها هي النقابات تسهر وتعتني وتهتم بمنتسبيها أكثر من اهتمام الحكومة نفسها بهذه الشرائح من منتسبي الدولة والمنتشرين في أرجاء الوطن. هناك مشككين يُظهرون الحرص على الوطن فيبادروا إلى تضخيم شأن نقابة المعلمين وخطرها على الأمن الوطني خصوصا إذا استغلت لصالح تيارات معينة ومنها التيار الإسلامي! وفي هذا التشكيك أيضا اتهام للمواطن الواعي المنتمي وتشكيك في مواطنته، وليسيطر على النقابة أي اتجاه، أليس مرخصا ويعمل بتفان في خدمة الأعضاء وهموم مهنتهم؟! المهم أن لا تتعطل المسيرة المهنية والإنجازات المرتقبة من هذه النقابة أو غيرها من النقابات العاملة. وها هي النقابات المختلفة قد تَتابع عليها أشكال وألوان من الاتجاهات: يمين ويسار ووسط، ولم نسمع عن تعطيل الإنجازات ولا عن الإساءة للدولة والعبث بأمنها واستقرارها.

 

الحكومة معنيّة الآن قبل الغد في التنازل عن كبريائها وشكوكها وتُقدم على خطوة جريئة بإنشاء نقابة للمعلمين، هذه النقابة باتت مطلبا ملحّا ضروريا للارتقاء بمهنة التعليم والمعلمين على حد سواء: ثقافيا ومهنيا وماديا، وتكفل لهم المستقبل الآمن لهم ولذويهم. فهل يجد هذه المطلب أذنا صاغية من الحكومة ومؤسساتها المعنية؟؟؟

 

 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد