قراءات في كتاب التكليف السامي

قراءات في كتاب التكليف السامي

04-02-2011 10:25 PM

جاء خطاب التكليف السامي لرئيس الوزراء المكلف معروف البخيت وبشكل مباشر ليركز على نقطة محددة تتمثل في ان تكون للحكومة الجديدة مهمة رئيسية وهي(اتخاذ خطوات عملية وسريعة وملموسة، لإطلاق مسيرة إصلاح سياسي حقيقي، تعكس رؤيتنا الإصلاحية التحديثية التطويرية الشاملة، لنمضي بها خطوات واثقة على طريق تعزيز الديمقراطية، واستكمال مسيرة البناء، التي تفتح آفاق الانجاز واسعة أمام كل أبناء شعبنا الأبي الغالي، وتوفر لهم الحياة الآمنة الكريمة التي يستحقونها ( .



كما وأشار جلالة الملك ان الإصلاحات السابقة (عانت من ثغرات واختلالات أنتجها خوف البعض من التغيير ومقاومتهم له حماية لمصالحهم، والتردد في اتخاذ القرار من قبل الكثيرين ممن أوكلت إليهم أمانة المسؤولية، إضافة إلى سياسات الاسترضاء التي قدمت المصالح الخاصة على الصالح العام، فكلفت الوطن غالياً وحرمته العديد من فرص الإنجاز ( والملاحظ من الكتاب السامي ان أسباب هذه الثغرات والاختلالات جاءت من فئات أصحاب المصالح وهم إما من رجالات الحكومة أو من المستفيدين من عدم التغيير، كما جاءت أسباب الاختلال من صناع القرار التي أوكل لهم جلالة الملك مهمة الإصلاح. لذلك فان المواطن العادي جاء ضحية لأصحاب المصالح والكثيرين من صناع القرار الذي اتبعوا سياسات الاسترضاء وتقديم المصالح الخاصة على مصالح الشعب الأردني.



لذلك نلاحظ من كتاب التكليف السامي ثلاثة شروط مهمة للإصلاح الشامل لا بد من التركيز عليها، وهي:


أولاً: يجب ان تكون الإصلاحات عملية:

بمعنى ان تكون مراكمة لانجازات الوطن، ومواكبة لروح العصر الجديد وإطلاق طاقات جميع الأردنيين، والإفادة من فرصه تمكين كل أبناء الوطن من أدوات العلم والمعرفة والتأهيل. والتركيز على الإصلاح الاقتصادي، وزيادة مشاركة المواطنين في صناعة القرار، وبناء المؤسسات الفاعلة التي تحتضن العمل البرامجي بفاعلية وشفافية، والاحتكام إلى تشريعات حديثة وعصرية تنسجم مع أفضل المعايير الديمقراطية، ومراجعة جميع القوانين الناظمة للعمل السياسي والمدني والحريات العامة وتطويرها.



ثانياً: يجب ان تكون الإصلاحات سريعة:

حيث إن مسيرة الإصلاح والتطوير والتحديث ضرورة حتمية للأردن لا بد من ان نمضي بها بثبات، تلبية لطموحات الشعب الأردني، الذي تتقدم مصالحه وحقه في العيش بأمن وكرامة على كل شيء آخر. ومن هنا فان ما صرح به دولة فيصل الفايز رئيس مجلس النواب من ان التدرج في الإصلاح السياسي هو أفضل للنظام السياسي الأردني، حيث ان تخصيص نسبة 10 بالمئة من مقاعد مجلس النواب للقائمة النسبية هو الأفضل والأنسب للمجتمع الأردني لكونه يلائم البيئة الأردنية التي تتجذر فيها العشائرية مقابل أحزاب ليست قوية على الساحة . وهذا يناقض كتاب التكليف السامي حيث وكما أشار كتاب التكليف السامي بان قانون الانتخاب، الذي يشكل ركيزة التنمية السياسية الحقيقية، يأتي في مقدمة هذه التشريعات، التي تشمل قوانين الأحزاب والاجتماعات العامة والبلديات والعقوبات والمطبوعات والنشر وحق الحصول على المعلومة وغيرها. وفي ضوء ذلك، طالب جلالة الملك من رئيس الوزراء المكلف بإيجاد آلية حوار وطني شامل ممنهج، تتمثل فيه جميع مكونات مجتمعنا وأطيافه، للتوافق على قانون انتخاب جديد، يعزز الهوية الوطنية الجامعة، ويسهم في تطوير العمل السياسي الحزبي الجماعي، بحيث يكون التنافس على خدمة الوطن والمواطن على أساس الأفكار والبرامج، وليس على أساس العشيرة والنفوذ المالي والسياسي والاقتصادي.



ثالثاً: يجب ان تكون الإصلاحات ملموسة:

بمعنى ان يتلمس المواطن العادي نتائجها من حيث إفراز برلمان يتحسس مشاكل الناس وتشجيع العمل الحزبي والسياسي والنقابي وتجذير مفهوم المواطنة وحقوقها وواجباتها، وزيادة إنتاجية الاقتصاد الوطني، وضمان نموه، ورفع تنافسيته، وتعظيم قدرته على جذب الاستثمار، وإيجاد فرص العمل والعدالة الاجتماعية والاقتصادية وإشراك كافة الأطراف في عملية اتخاذ القرارات وعدم تهميش أي فئة، وتطبيق سيادة القانون، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، وضمان حرية التعبير، وإيجاد البيئة الكفيلة بممارسة الإعلام المهني المستقل دوره من دون أي قيد أو عائق، وتوسعة آفاق الإفادة من وسائل الاتصال الحديثة، وتكريس ثقافة الحوار، وتطوير التشريعات لتشمل آليات ديمقراطية شفافة، تحاكي أفضل الممارسات الدولية، لحماية المجتمع من الممارسات اللامهنية، التي يمارسها البعض عبر وسائل الإعلام والاتصال، في خرق واضح لحقوق المواطنين وتقاليد مهنة الصحافة وأخلاقها، وتبني السياسات التي تزيل مشاعر الإحباط المنتشرة بين جيل الشباب، نتيجة شعورهم بغياب المساواة في الفرص وانتشار الواسطة والمحسوبية. وتطوير المناهج، وتحسين البيئة المدرسية، والعناية بالمعلمين، وإجراء مراجعة شاملة لإدارة عملية التعليم العالي والجامعي، وصقل شخصيات الشباب على قيم الانفتاح والتعددية والتفكير النقدي الخلاق، ودعم السلطة القضائية، ومحاربة كل أشكال الفساد، ودعم القوات المسلحة وغيرها الكثير.




ومن هنا فقد أعاد جلالة الملك التذكير بالأجندة الوطنية التي حددت أولويات الأردن التنموية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للسنوات العشر القادمة في بداية شهر شباط 2005 حيث أنها تشتمل على الكثير من البرامج والسياسات المنطقية والتي تجاهلتها معظم الحكومات السابقة.




ومن هنا نقول لحكومة معروف البخيت لا يهم الشعب الأردني الوجوه والأشكال ووجود فلان وعلان من الناس في تشكيلة الحكومة ان ما يهمنا هو تطبيق عملية إصلاح شاملة عملية وسريعة وملموسة يقطف ثمارها الشعب الأردني والشباب الأردنيين، وليس أصحاب المصالح والأجندات الخاصة، الذين جلبوا المصائب للشعب الأردنيين، وان المتابع للتغيرات السياسية التي تعصف بالكثير من دول الوطن العربي، حيث باتت الشعوب تشعر بالظلم وانعدام العدالة الاقتصادية والاجتماعية مما جعل الثورة على الأنظمة هي الحل الأمثل للخروج من مستنقع الظلم، ولا يختلف احد في الأردن على ان النظام الهاشمي الأردني فهو صمام الأمان لجميع الأردنيين من مختلف الأطياف، وهو محل إجماع عند جميع الأطياف الاجتماعية والسياسية.


ومن هنا ندعو الجميع في الدولة الأردنية إلى تطوير كافة التشريعات التي وردت في كتاب التكليف السامي ومنها (قانون الانتخاب، والأحزاب والاجتماعات العامة والبلديات والعقوبات والمطبوعات والنشر) وكافة التشريعات المطلوبة بما يتناسب مع متطلبات العصر دون طمس هويتنا، وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني مثل الأحزاب والنقابات، وتدريب الشباب على الحوار الهادف والبناء، وترسيخ مبدأ المواطنة وسيادة القانون على الجميع، وإشراك الجميع في العمل السياسي واتخاذ القرار، وتوزيع المكاسب والمناصب على جميع فئات الشعب مع مراعاة الكفاءة والنزاهة والعدالة الاجتماعية، حيث ان التغيرات السياسية باتت متسارعة ومن الممكن ان تعصف بالجميع، وما كان يرضي الشباب قبل 20 سنه لم يعد يرضيهم الآن، لذلك لا بد من مواكبة العصر وتفهم الشباب ونشر المكاشفة والمصارحة وتطوير أفكارنا وآفاقنا حتى لا يقع ما لا يحمد عقباه.




وأخيراً اقتبس كلمات من رسالة جلالة الملك لحكومة فيصل الفايز عام 2005 وهي: ( إننا إذ نتطلع إلى بناء مجتمع قوي مبني على مبادئ الاستقامة والقيم العلي ا ا لتي أكدت عليها شريعتنا السمحة وتراثنا العربي الأصيل وعلى تعزيز العمل المبدع القائم على المهنية والكفاءة والمساءلة فأننا نتطلع في الوقت نفسه إلى وضع أجندة وطنية تحقق أحلام شبابنا وتضمن مستقبل أطفالنا وتمكنهم من تطوير قدراتهم واستغلال طاقاتهم لخدمة بلدهم وتحقيق العيش الكريم لكل أردني وأردنية . )



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد