من يعيق مسيرة الاصلاح في الاردن

من يعيق مسيرة الاصلاح في الاردن

28-03-2011 11:10 PM

ما حدث يوم الجمعة في منطقة دوار الداخلية كان نقطة سوداء باعتراف وزير الداخلية نفسه، ولربما هذا الاعتراف كان مجاملة منه لاستمرار الضحك على الناس في أن الحكومة تريد الاصلاح ولكن على هواها ومزاجها، مع أن الذين كانوا في اعتصام حركة 24 آذار هم من أبناء هذا الوطن العزيز بشتى انتماءاتهم الحزبية والجغرافية، إلا أن هناك أيدي خفية لا تريد للإصلاح أن تستمر مسيرته ولا لإرادة الملك ووعوده أن تتجسد على أرض الواقع، فهم بذلك يخونون الملك الذي يهتفون باسمه وينسجون من خيالاتهم مخاوف ومواقف رعب يستندون عليها في فرملة هذه المسيرة وتعطيلها وتفريغها من محتواها. 

  

البلطجية لم يأتوا من زحل أو المريخ، جائوا من بيوتهم في عمان ومدن أخرى، رؤوسهم معبأة بأفكار وقناعات ملفقة أنّ من يعتصم في دوار الداخلية ومن يطالب بالاصلاح والتعديلات الدستورية هم من الخونة ومن أعداء الوطن ويريدون الفتنة والوطن البديل وهم من الفلسطينيين ولربما أيضا مدفوعين من الموساد وال CIA وغير ذلك من الأفكار العارية عن الصحة، لذلك جائوا من كل حدب وصوب يغنون ويرقصون ويطلقون العيارات النارية وقد فتحت لهم قوات الأمن الطريق نحو المعتصمين ليقذفوهم بالحجارة ويوقدوا الفتنة ويبرروا لقوات الدرك ومن تسيّرهم من القوى الامنية ومن خلفهم من عصابات مكافحة الإصلاح ليحدث ما كان حسب تعبير الوزير: نقطة سوداء. 

  

هي ليست نقطة سوداء بل فضيحة نكراء، وهي ليست حادثة عابرة بل ذهنية متجذرة في عقول المتكسبين من وراء بقاء الحال على ما هو عليه، هي تحدي للملك وإرادته الواضحة بإصلاح المملكة الأردنية من العبث والمحسوبية ونهب المال وغياب العدل وتغول السلطات وأنانية المسئول واستغلال المناصب واستبعاد الشرفاء وتقديم الرويبضة والدخلاء وتغول البزنس على السياسة حتى ضاعت مقدرات الوطن، هؤلاء في مواقعهم يريدون للفساد أن يستمر فتستمر أنانيتهم في نهش الوطن، يريدون استمرار كبت الحريات وقانون الانتخاب المتخلف الذي أفرز على مدى عدة دورات نواب مسخ لا همّ لهم إلا المصالح الضيقة واستمرار الفساد الذي جاء بهم عبر الصناديق المزورة. 

  

تصريح رئيس الوزراء كان نكتة السنة ولربما الدهر، عدنا لسياسة التخوين والمؤامرة، فإخوان الأردن تسيرهم سوريا ومصر!! وهم يلعبون بالنار!! عاد ليكرر ما كان عليه في 2007 عندما ترك للروايات الأمنية أن تلغي وجوده وتعبث بالوطن، لم يتعظ من الخطأ السابق ولم يستمع لنصيحة المقربين ومنه ومن نصيحة النائب عبد الله النسور بأن يضع الأجهزة الأمنية خلفه لا أمامه أي أن يسوقها لا أن ينساق خلفها، فورّطوه بكل انفعال وخروج عن المنطق ليعلن ما استغربه الصغير وغير العاقل من تهم باطلة. وحتى وزير الداخلية ومدير الامن وقائد إقليم العاصمة كلهم على قلب واحد ولسان واحد ودورة واحدة في توحيد الرواية التي تبرر الهجوم الهمجي على المعتصمين، ولذلك لا بد لهؤلاء جميعا أن يبادروا لتقديم استقالاتهم أو أن يقالوا لأنهم شركاء في جريمة إبقاء الوطن في تخلف مستمر ولأنهم من الذين يضعون العصا في دولاب الاصلاح الذي يريده الملك. 

  

الإصلاح بات ضروريا وملحّا، ومن لم يصلح فستدور عليه الدائرة، ولنا في تونس ومصر واليمن وسوريا عبر لمن يعتبر، ما كان سابقا لن يستمرّ، والعهد البائد من الاستغلال ونهب الخيرات ونهش الوطن ما عاد يحتمل، استبداد الماضي ولّى واندثر، واليوم تقف الشعوب لتقول كلمتها الناصعة الواضحة: لا بد من الاصلاح السياسي وتعديل الدستور بما يكفل شراكة حقيقية في الحكم، وبرلمان حقيقي صاحب فكر وبرامج، وإلغاء كل قوانين التخلف التي تحجر على الفكر وتقيد الحرية وترهب المواطن وترعبه، واصلاح اقتصادي يحفظ للوطن موجوداته ومدّخراته ويلاحق مؤسسة الفساد ورموز الفساد ويقدّمهم للعدالة ويسترجع من لصوص الوطن – وما أكثرهم – أموال البلاد والعباد. واصلاح اجتماعي يضمن لحمة الوطن وتقاربه وتوادّه وتكافله ضمن نسيج وطني ناضج. 

  

هذا الإصلاح الذي يطالب به الملك وغالبية شعبه هو لصالح الحاكم قبل المحكوم، لصالحكم جميعا كي تعيشوا بكرامة وأمن وظيفي وصحي ومادي، هو لصالحكم يا منتسبي الأجهزة الأمنية على كافة أشكالها، ويا منتسبي القوات المسلحة الغالية، هؤلاء المعتصمون يريدون لكم الكرامة والعيش الكريم بدل أن يستأثر أهل الفساد بالسلطة والثروة، يريدون للوطن استقرارا حقيقيا بكل ما تعنيه معاني الاستقرار الشاملة، لا يريدون سلطة ولا نزاع الملك أهله، ولا يريدون الحكم كما يدّعي المنافقون من الكتّاب وأقزام الساسة في تحذيرهم من هذه الموجة الاصلاحية، هم فقط المتكسبون من بقاء الوضع على حاله، يورثون المناصب، يسرقون الدولة، يعيثوا بها فسادا عريضا ويتباكون على الوطن الذي هو منهم براء. 

  

يا أيها البلطجية، أنتم مساكين، يعبّئون رؤوسكم بمفاهيم خطأ عن دعاة الاصلاح، أليس عندكم فكر وعقل تفكرون بحال وطنكم ولو لبرهة من الزمن، هل يعجبكم الحال الذي أنتم فيه؟ ستقولون نحن أحسن حالا من جيراننا، هذا صحيح، ولكن لم تقارنون أنفسكم بالأسوأ، وبإمكاننا أن نكون الأفضل، ثم أين هي مدخراتكم ورأس مال دولتكم؟ لقد بيعت وخصخصت من اللصوص الذين تربعوا على مسئولية الوزارات والأجهزة الأمنية. ألم يستوقفكم كلام الملك في أكثر من مناسبة وهو يحثّ ويستعجل بل ويهدد أنه لن يقبل العذر في تأخير الاصلاح والالتفاف عليه، ألم يقتنع جلالته بتغول الأجهزة الامنية على الدولة؟ ألم يعطي تعليماته بكفّ أيديهم عن الحكومة والجامعات وكل ما هو ليس من شأنهم أصلا، وما كان ذلك إلا بعد أن وصل السيل الزبا وبعد أن طفح الكيل وصارت البلاد تنهب تحت أعين المسئولين وأصبح مثل: حاميها حراميها ينطبق على وضعنا مع الأسف. 

  

ليت أبناء الوطن جميعا يكونوا قلبا واحدا في تحقيق الاصلاح الحقيقي الشامل المنشود، حفاظا على كرامتنا وأمننا ومستقبلنا ووحدتنا ولنكون سدا منيعا أمام أطماع من يريد أن يسرق أو يجيّر هذا الحراك لمكاسب وأجندة خاصة خصوصا من هم حول الملك أو من جرّبهم الملك أو من طردهم الملك في لحظة من لحظات الحرص على الوطن الغالي. 

  

حمى الله أردننا الغالي من أيدي المفسدين المتباكين عليه وعيونهم على مغانمه. 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد