حلف الناتو المأزوم والشعب الليبي المكلوم

حلف الناتو المأزوم والشعب الليبي المكلوم

10-04-2011 01:24 AM

بعد مرور شهر على بدء الثورة الليبية المجيدة والتي بدأت في 17 2 2011 أستبشر العرب خيراً عندما قرر مجلس الأمن التدخل لصالح الشعب الليبي المظلوم ضد رئيسه القذافي  في القرار الصادر رقم 1973    تاريخ 1932011  ، وأوعز لحلف الناتو للبدء بالعمليات الجوية ضد سلاح الجو الليبي ودفاعاته الجوية ومراكز تجمعاته وكتائبه  المدججة بالسلاح وشدد على حماية المدنيين وإنقاذهم من براثن الوحوش المفترسة القذافي وأولاده ومرتزقته .



ثلاثة أسابيع مضت على تدخل الناتو  ، الأجواء الليبية خالية الا من طائرات الناتو المقاتلة والقاذفة  والتي تسرح وتمرح في طول البلاد وعرضها ، ولا تجد من يعترضها  ، الناتو يعلن بعد اسبوع واحد من تدخله أنه دمر بالكامل سلاح الجو الليبي ودفاعاته الجوية ، وأنه ضرب أرتال من  دبابات القذافي ومدفعيته قرب بنغازي ودمرها  ، ولثلاث مرات تم ضرب الثواربطريق الخطأ على ذمة الناتو  ، الناتو يعلن ان 30% من قوات القذافي تم تدميرها ، وهذا يعني أن 70% من قوات القذافي لا زالت صالحة للقتال واحتلال المدن أو استرجاعها من أيدي الثوار في عمليات الكر والفر، علماً بأن التعزيزات لقوات القذافي في العدد والعدة لم تتوقف منذ بدء الثورة في 17شباط 2011  ،  فشركات الأمن الإسرائيلية المتعاقد معها القذافي عميد الحكام العرب ، تعمل ليل نهار على تأمين السلاح والمرتزقة ، بواسطة الطيران المدني في مطار سبها وأحياناً في مطار طرابلس ، أو عن طريق الدول الإفريقية البرية المجاورة كتشاد والنيجر والجزائر .  أو من خلال بعض رموز السلطة الفلسطينية المتعاونة مع القذافي لقتل الشعب الليبي بالسلاح الإسرائيلي عن طريق البحر. 



بعد الضربة الجوية الموجعة على قوات القذافي حول بنغازي من قبل الناتو في الإسبوع الأول من تدخله أصبحت أيام القذافي معدودة وتقدمت قوات الثواربسرعة كبيرة  باتجاه الغرب مستفيدين من انهيار معنويات كتائب القذافي وهروبها غربا ، ولكن أمراً غريبا حصل بعد ذلك وفي يوم 31 آذار2011 وهو إعلان أمريكا تعليق اشتراكها في الحملة العسكرية وانسحابها وتسليم القيادة الى حلف الأطلسي  والتخلي عن واجبها التي تعهدت به في حماية المدنيين الليبيين دون مبرر مقبول ، سيما وهي تنادي بالحرية وتتزعم هذا الطرح للشعوب المظلومة ، مما أضعف حلف الناتو بل خرج أحد الجنرالات ليعلن بياناً أن ُفرص نجاح الثوار بإنتصارهم على القذافي ضئيلة ، وهو تراجع خطير ملفت للنظر ، إضافة للبطء في حركة الحلف تجاه أسلحة القذافي الأرضية ، وعدم استخدام الحلف لطائرات الهيلوكبتر لمقاومة دباباته ومدفعيته وراجماته وصواريخه ، وهي الطائرات المناسبة والفعالة في تدمير القوات الأرضية ، إذ بإمكانها تدمير كافة أسلحته لما تتميز به من تطور تكنولوجي وعن بعد عشرات الكيلومترات .



أعتقد أن هذا التباطؤ مخطط  له وبناءً على طلب الحكومات العربية المؤثرة على قرارات الغرب فيما لا يخص الأمر بالفلسطينيين ،  وليس ناتجاً عن استخدام الحلف للبيروقراطية في سياسته ، وذلك لإيقاف تتابع سقوط الحكام والأنظمة في المنطقة بسرعة وسلاسة اكبر وبأقل الخسائر في الأرواح والممتلكات وكما حدث في الثورة المصرية والتونسية ، وأن أي شعب عربي آخر يفكر بالثورة سيكون محبطاً لأن الحكام سيقاومون سقوطهم بقتل الآلاف واعتقال عشرات الآلاف ، وان استدعى الأمر إدخال البلاد بأتون حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس ، وتكون الغلبة فيها في نهاية الأمر للحكام وجيوشهم الجرارة ضد شعوبهم هكذا يعتقدون !! ، ثم أن ما يلحق من الخسائر والأرواح في ليبيا لربما يخلق نوعا من التردد والخوف عند العامة في الأنظمة الآيلة للسقوط كحتمية تاريخية ولكن لا يمكن لهذه الأنظمة إيقاف حركة التغيير، بل لربما تعطيلها بالدعم الغربي السافرلفترة وجيزة من الزمن.



 نعم هناك  كثير من الأنظمة العربية تتآمر على الشعب الليبي وثورته على الطاغية وهي مستفيدة من تأخر سقوط القذافي ، فهي ومع هذا البطء الشديد في مقاومته من قبل الناتو ،تتبع خطة محبوكة وتآمردولي عربي  فاضح  لتفسح المجال للحكام أن يمارسوا القمع والتنكيل بشعوبهم الثائرة عليهم دون حسيب أو رقيب ، ولأن سقوط القذافي بسرعة كان سيتحول الى إعصار جارف يجرف الأنظمة الهرمة الفاسدة التي ساست رعيتها بالبطش والتنكيل على مدار عقود من الزمن ، واستولت هي وأبناءها وحاشيتها على الموارد والثروات المسروقة من شعوبها ويعيشون حياة لم يحلم بها الملك شهريار بطل أسطورة ألف ليلة وليلة ،  قال تعالى " أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) “ سورة البقرة .



أضف الى ذلك أن تدمير الأسلحة الليبية ، والمشاريع الإقتصادية ، وتدمير البنية التحتية للدولة ، يفتح الباب على مصراعيه للمصانع الغربية والشركات بعد أن تضع الحرب أوزارها ، لإعادة بناء الدولة الليبية الجديدة ، وفي هذا أرباح خيالية وبالمليارات لهذه الدول ، وهي ستخلق فرص عمل لمئات الآلاف في الغرب الصناعي وتنقذ منطقة اليورو من أزمتها المالية الحالية ، والحصول على الحقوق الأفضلية على الشركات الأسيوية في تنفيذ مشاريع إعادة البناء والمشاريع الاستراتيجية ، والعمل على ابتزاز الدول النفطية العربية في تمويل عملياتها العسكرية..و تجربة وعرض أسلحتها الجديدة في عمليات عسكرية حقيقية كحملة دعائية تسويقية لمنتجاتها العسكرية ،  وقد نجحت الطائرات العسكرية الفرنسية في إثبات قدرتها على تدمير آليات عسكرية تابعة للقذافي ومنعها من مواصلة الهجوم على بنغازي دون خسائر في طائراتها.



فلكل حرب أهدافها ولكل دولة مطامعها ومصائب قوم عند قوم فوائد . وفي كل هذه وتلك فإن اسرائيل هي المستفيد الأكبر من هذا الوضع البائس لليبيا والأنظمة العربية المهترئه  ، إسرائيل شحنت أسلحة لدعم القذافي كما أوردت وكالات الأنباء العالمية والعربية ، وهي محاطة بدول خاملة عسكرياً وخارجياً ونشطة داخلياً وهي الحالة المثالية لديمومة إسرائيل وتعطيل مبادرات السلام مع الفلسطينيين ، وفي حالة تغيير الأنظمة الحالية وتولي قيادة الشباب الحر الديمقراطي الحكم للدول المجاورة لإسرائيل ستفقد إسرائيل ادعاءاتها بالديمقراطية الوحيدة في المنطقة.وستفقد إسرائيل الأمان في الشمال والجنوب وستنضم قوة الخليج النفطية والاقتصادية الى عامل مؤثر في السياسيات الغربية ، عندها ستضطر إسرائيل لقبول حل عادل للشعب الفلسطيني وانسحاب آمن الى داخل حدود عام  1967، وهي ضد سياستها القائمة على بقاء الوضع الحالي للأنظمة العربية ، لأن في بقاءها مصلحة لها وأيما مصلحة .



وهنا نتسائل أين موقع أمريكا زعيمة العالم الحروتشدقها ليل نهار ومناداتها بالحرية والديمقراطية ؟؟ ، وأين أوربا والعالم الحر ؟؟ أهم في سبات عميق ؟ ، إنهم في واد والشعوب المكلومة والمظلومة في واد آخر، انها المصالح ولا شيئ غيرها ، نقولها بعد التجربة والاختبار والتمحيص ويعرفها القاصي والداني : "لا توجد ديمقراطية غربية بل مصالح غربية".



إنها حرب إبادة يشنها القذافي على شعبه الليبي المكلوم ، المطالب بحريته وكرامته ، الشعب الليبي يذبح بدم بارد وتحت سمع وبصر العالم المتواطئ ،، وأمام الحلف الأطلسي  الذي يدعي كذباً وزوراًحماية المواطنين والمدنيين الأبرياء ،



 وحتى يرفض هذا العالم الدنس من تسليح الثوار للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم أمام هذا القذافي وعصاباته الإجرامية ،خسائر الشعب الليبي اليوم أكثر من عشرين ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى ، وعشرات الآلاف من المعتقلين في سجون القذافي ، والأرقام تتزايد يوم بعد يوم بفعل الإرهاب الوحشي لكتائب القذافي ،  مشاعر الحزن والإحباط تلف الشعوب العربية ، ويكاد الألم يخنق كل الأصوات الحرة في عالمنا العربي ، ونحن أمام حاكم عربي غير مسبوق ببطشه ودمويته يلاحق شعبه زنقة زنقة  ويحاصرهم  ويقصفهم على مدار الساعة بكافة الأسلحة ،  ويمنع عنهم الماء والغذاء والدواء  ، كما يحدث في مدينة مصراته والتي يسكنها قرابة 400 ألف من الأبرياء العزل ، و طائرات الأطلسي نعتقد أنها أصبحت في إجازة  عن التحليق فوق هذه المنطقة بالذات في حين أن مهمتها هي حماية المدنيين وفق ما جاء بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، وليس بعرض لطائرتها وقطعها الحربية بالمنطقة ،

 

ا ن الواقع في ليبيا يتطلب الإسراع لوقف زحف هذه الكتائب و لوقف المجازر التي ترتكب على أيدي كتائب القذافي اللعين بمصراته وغيرها ، ووقف سيل الدماء ، وعلى القذافي وأبنائه والمتآمرون أن يدركوا بان الشعوب قالت كلمتها ، والقبول بالواقع بدون إراقة دماء الآمنين ، وأننا ندعو المجلس الإنتقالي الوطني بان لا يراهنوا على حلف الناتو وان يعودوا الى مجلس الأمن فوراً ، لوقف سيل الدماء ، ولمنع تكرار أخطاء الناتو في كوسوفو .

 

إن الخشية والغموض يلف بطء عمليات الناتو ، حيث انه لم يلعب دورا أكثر فعالية والشعب الليبي يذبح ، ولدينا قناعة وشعور بان هناك مؤامرة ضد الثورة الليبية ، وهذا جلي لنا من خلال الإنباء التي أفادت أن سبب عدم أتفاق الحلف على قرار موحد, هو استخدام تركيا الفيتو ضد مخطط لقيام الناتو بعملية تدخل عسكري في ليبيا.وان تركيا طالبت خلال الاجتماع الذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل من قبل سفراء 28 دولة عضوه في الحلف بتضييق نطاق الحظر الجوي المفروض على ليبيا ، نعم أنها مؤامرة دنسة قذرة وتحالف شيطاني ثلاثي بترولي ( الناتو + القذافي + العرب )


أما الثورة والثوارالليبيون  لا يحق لهم العيش كأحرار فعليهم القبول بالأمر الواقع ألا وهو التقسيم ، وسوف يكون دفع التغيير نحو أجندات المصالح والتقسيم لدولتين دولة في الغرب ودولة في الشرق  من أجل عيون القذافي وأبناءه ومئات المليارات المنهوبة ،انها حرب المصالح بعد أن تم إلغاء القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية والحرية والديمقراطية وحق تقرير المصير للشعوب ، انها لعنة البترول ولعنة الإستثمارات والشركات ، نعم الكل عاد ليعتلي الموجة لمصلحته وسمعنا بمواقف تركيا المتقلبة ، ومطالبها بنوعية التعامل والتحرك  إنهم يريد ون إنهاء الأمر في ليبيا بالتقسيم بعد التشريد والتنكيل  . فأي عالم عالمنا هذا ؟؟!!!!!!!!!! على الشعب الليبي أن يعتمد على نفسه وأن لا يراهن على أحد ، وأن يعيد تنظيم نفسه من الصفر بقيادة ميدانية جديدة  وتكتيكات جديدة وأن يستمر في نضاله بشكل مجموعات قتالية صغيرة إستشهادية  تنتشر في كل الأرض الليبية ، لتعمل على استنزاف كتائب القذافي وإيقاع الخسائر الجسيمة بها ، وأن يكون كل ليبي مشروع شهادة حتى تحقيق نجاح الثورة والإطاحة بهذا النظام القذافي الإرهابي العميل ولو بعد حين  .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد