موسم المناسف المدرسية

mainThumb

20-04-2011 11:35 PM


في أواخر كل عام دراسي، تتسابق المدارس، وخاصة مدارس البنات على إقامة الاحتفالات والمهرجانات والمعارض كختام جميل لعام دراسي طويل، يتوج جهدهم وعملهم، ويظهر للضيوف والأهالي جزءاً مما أنجزوه، ويعرض لهم بعض الإبداعات ومجالات التفوق في الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية والتفوق التحصيلي وغيرها من أوجه التمايز التي تتنافس فيها المدارس.



من حق المدارس أن تحتفل بنجاحاتها، وتفتخر بإنجازاتها، وتعلن للعالم أجمع عن أفراحها ونشاطاتها. ولكن ما الرابط العجيب بين كل ذلك وبين إنجازات المطابخ، وأنواع الأطباق والمعجنات والحلويات والمرطبات، وما لذ وطاب، مما تشتهيه الأعين، وتستطيبه الأفواه، وتحلم به البطون، إلا إن كنا نظن أن هذا مما نعتز ونفخر به على العالمين!



لو أن أصناف الطعام وأطباق الحلويات تقدم لمن بذل وساهم وشارك في المنجزات والإبداعات وكان عنصراً حقيقياً وشريكاً فاعلاً فيها لكان ذلك مقبولاً ومهضوماً، أما أن يُخص بكل ذلك ضيوف الغفلة، ومتربصي الموائد والمناسف، وصائدي الحلويات والمعجنات، وتبقى الفضلة للمعلمين والمعلمات أساس العمل وعموده الفقري، فهذا ظلم بين، وغبن فاحش، وسلب للحقوق، وسرقة للجهود. أما الطلبة منفذي العمل ووقوده فلا بواكي لهم ولا أحد يحفل بهم، بل لا يذكرهم أحد إذا مدت الموائد وشربت المناسف وقدمت المحاشي والدوالي والتبولة والكبسة ووزعت الحلويات والمرطبات، فعند البطون لا يعرف حميم حميماً، فللطلاب بيوت يأكلون بها، فهم جاءوا للدراسة وتلقي العلم لا للأكل والشرب وضياع الوقت في ملء البطون، وذلك حرصاً عليهم وعلى مصلحتهم، لأنه كما قال حكماء التربية والمربون الفضلاء: إذا ملئت البطون خملت ونامت الذهون!



إن بعض مديري ومديرات المدارس يولمون الولائم ويقدمون الحلويات؛ لأن ذلك من أهم معايير الحكم على إنجازاتهم وأعمالهم، وشعارهم (اطعم الفم تستحي العين)، وإذا رضي الضيوف عن مائدة فأبشر بالسعد يا مدير وأبشري بالرضا يا مديرة!



أما إذا كان المدير أو المديرة ممن لم يفهم اللعبة، ويتعلم أصولها، ولم يزل بعد غراً في ميادينها، أو كان ممن لا ينفقون قرشهم الأحمر لتقريرهم الأسود، ففي عملهم نظر، وإنجازاتهم عليها علامات استفهام، وكل جهودهم توشك أن تذهب أدراج الرياح!



ومما يؤسف له ويندى له الجبين أن بعض مديري ومديرات المدارس تنفق ببذخ على الولائم، والبوفيهات المفتوحة، والفرش المبسوطة، والزهور المنثورة، وتمسك يدها عن أبسط متطلبات العملية التعليمية مثل تصوير الامتحانات اليومية وأوراق العمل وشراء الأقلام والقرطاسية ودفاتر التحضير والمماسح والمكانس والقشاطات وصيانة المقاعد وغير ذلك، بحجة عدم توفر مخصصات مالية. وهي تستطيع تدبر تكاليف الولائم بأكثر من طريقة كأن تستقطع جزءاً من مخصصات الأنشطة من المقاصف، أو بتدفيع المعلمات مخاجلة، أو بتكليف المعلمات استعباداً بتحضير الطعام في البيوت، أو بالاستيلاء على جزء من ريع البازرات، أو بالالتفاف على بعض مخصصات الميزانية، وكل ذلك يتم بشكل قانوني لا غبار عليه. والحمد لله أن هذه الفئة محدودة جداً جداً، ولكنها بقعة سوداء في ثوب أبيض جميل!



ومن هنا فإني إناشد معالي وزير التربية والتعليم، وكل مدير تربية مخلص غيور، أن يعمل على منع كل أنواع الولائم والأطعمة في المدارس والإكتفاء بالشاي والقهوة والمرطبات والبيتي فور في أقصى الحالات، والتأكيد على محاسبة ومساءلة كل من يخالف ذلك، وأن يُغرم –إن فعل- من ماله الخاص!



ولكل مدير ومديرة: اتقوا الله في الأمانة التي بين أيديكم، ولا تنفقوا أي قرش إلا في مكانه الصحيح، فإنكم مستأمنون، فلا تضيعوا الأمانة من أجل رضا فلان ومدح علان واستجداء لمنحة أو عطاء، فمن أكل عندكم يأكل عند غيركم، والسبق والحظوة –عندهم- لمن طاب طعامه، ولذ إدامه، وجاء على جوع، وأسكت البطون الخاوية!

mosa2x@yahoo.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد