الاردن ضحية الاممية

mainThumb

24-04-2011 12:04 AM

طرح الملك عبدالله شعار  "الاردن اولا " لكن لم يطبقه احد فقط اصبح ملصق دعائي  اننا نجد ان الاردن   المعاصر منذ التاسيس  هو ضحية الفكر الاممي بشقيه العروبي  والاسلامي  فعندما خرج انجال الشريف حسين  من  الحجاز في ظل احلام وامال الاممية العربية لتزعم دولة عربية واحده بعد انهيار الدولة العثمانية  كما هي الوعود انذاك من بريطانيا واجهوا واقع مختلف حيث الاممية لا مجال لها  في الواقع العربي والدولي من حيث تقسيم اراضي المشرق  بين دول الانتداب  وصراع الزعامات المحلية  وغلبة الاقليمات الوطنية  على الفكرة الوحدوية والتي كانت  تقوم على وحدة الزعيم  ، بعد انزياح سلطة الاتراك وفي هذا المناخ توافق ابناء الاردن على الكيان الاردني  بشكله الحالي واكدت بريطانيا على كلمة شرق الاردن من اجل استثناء فلسطين  ،




 الا ان الامير عبدالله ظل يسعى لضم فلسطين او ما يتبقى منها بعد تقسيمها بين العرب واليهود  لحكمه  وليس للاردن ففلسطين ليست فرع من الاردن ولا العكس   فالامير عبدالله كان يحمل الفكر السياسي الاممي بصورته البدوية الرعوية التي كانت سائدة في جزيرة العرب   أي انه يمكن حكم عدة مناطق او اقاليم من خلال علاقات مع زعماء القوم وهو الاسلوب الذي اتبعه في الوحدة من حيث اقامة علاقات مع زعماء العائلات الفلسطينية وهو اسلوب تجاوزه الزمن .




  لم يكن هناك حدود  وطنية بالمفهوم المعاصر او هويات وطنية مقيدة بحدود سياسية وانما حدود الدولة تتقلص وتتمدد حسب قوة الحاكم وطاعة الرعية ،  فالملك عبدالعزيز بن سعود  توسع حكمه من الدرعية كقرية صغيرة في نجد حتى تخوم اليمن خلال عقدين  وتلاشى حكم ال الرشيد في  امارة حائل وحكم الاشراف في الحجاز والادارسة في عسير ووحد معظم جزيرة العرب في الدولة السعودية الحديثة   ، لكن الملك عبدالله  لم يدرك ان الاردن  دويلة صغيرة  ضعيفة  وشعبها قليل العدد  ما كان في حسابهم ولا يكون ولا  في مقدرتهم  ضم فلسطين الاكثر عددا والاكثر تقدما  والتي وضعت هدفا لوعد بلفور  ولا يمكنه مقارعة بريطانيا وهي مصممة على تنفيذ وعد بلفور ،




 والاردن التي  لم تكن انذاك مركزا حضاريا او دينيا  او اقتصاديا  لا تصلح قاعدة للاممية  العروبية او الاسلامية  ولا تملك أي مقومات للخروج عن حدودها الجغرافية  . هذا الطموح غير الموضوعي  انتج  فقط وحدة الضفتين  بعد قيام دولة اسرائيل حيث ان قيام اسرائيل مهد للوحدة في تصور الملك عبدالله ظنا منه ان الفلسطينيون فقدوا املهم بدولة مستقلة ولا مجال امامهم الا الرضى بحكمه وهو امر خالفته الوقائع حيث نجد ان منظمة التحرير الفلسطينية تتاست لاستعادة فلسطين المحتلة قبل احتلال الضفة الغربية في حزيران من عام 1967 .




 الوحدة تلك  لم يعترف بها احد  ولم يرضى بها الشعب الفلسطيني في فلسطين لانه كان يريد استعادة فلسطين التاريخية  ، والشعب الفلسطيني كان متقدم بالوعي السياسي فلم يقبل المنهج الذي طبق في الجزيرة والاردن الذي يشبه الخليج في التركيب القبلي كوحدات دون اعتبار للفرد حيث يكفي لقيام الامارة رضى شيوخ القبائل واجتماعهم على موائد الطعام كدليل على الانسجام  ،   والوحدة لم يستفيد منها احد الا انها مهدت الطريق لترحيل الفلسطينين  للشطر الآمن من الدولة الناتجة عن اتحاد الضفتين الامر الذي خدم بشكل او باخر اسرائيل  من خلال تخفيف العبء الديموغرافي ونقله لشرق الاردن ونحن في الاردن لا نعاني من عبء ديمغرافي   حيث كان لهم دور فاعل في التعليم والتمدن والاقتصاد الحديث في شرق الاردن  لكن العبء اصبح واضحا في الشق السياسي من ناحية توزيع السلطة على الاصول والمنابت الامر الذي يمهد لنزاعات عمودية بين فئتين  ،  ليس هدفنا استعراض التاريخ لكننا نهدف الى القول  اننا في الاردن لا زلنا نردد بديماغوجية   ايدولوجية للنظام  ـــ  وليس ايدلوجية الشعب الاردني  ـــ




 ونبشر العرب اننا دولة اممية  ونهدف الى تحقيق حلم المؤسس  ونمارس سياسة اننا ورثة الثورة  العربية الكبرى واننا سدنتها وعلى عاتقنا يقع العبء الاكبر  فالاردن هو الجزء المحرر  من الحلم الاممي الهاشمي  ويحق لكل عربي المواطنة فيه فهو موطن الاحرار من كل الاصول والمنابت كما ندعي ، فهو ملك او مملكة  اممية للعرب  ومن يعترض من ابنائه فهو شوفيني متخلف  ونسينا اننا دويلة ضعيفة  لا نملك أي قدرة اممية في البعد القومي او الاسلامي  ،




ثم جاءت احزاب اليسار العربي لتردد ان الاردن قاعدة لثورة التحرر اليساري  واصبح وجود الكيان الوطني مستهدف في عام 1970  وفي السنوات الاخيرة جاءت جماعة الاخوان المسلمين بنهج اممي اخر مواز  ولكن على قاعدة خليط بين الاسلامية والعروبة لتعرف الاردن بانه جزء من الاممية  الاسلامية وهو ليس اكثر من  مفرزة اسمها ارض الحشد والرباط وان الاردن ومن الاردن سيتم تحرير كامل  فلسطين وشعب الاردن شعب الجهاد المقدس واعادة خطى عمر بن الخطاب وصلاح الدين الايوبي  فقط اذا سمح لهم بالسيطرة على السلطة في الاردن او توجيهها حسب منهجهم كما يزعمون  ،




وفي الوقت الذي تتبنى فيه الحركة الاسلامية النهج الاممي في الاردن نجد عين الحركة في فلسطين ( حماس ) تتشبث بالنهج الوطني الاقليمي بدون بعد اممي  وتؤكد استقلالية القرارالفلسطيني عن التاثير العربي والاسلامي وتتعاون وتتفاوض وتنسق حتى مع اسرائيل من اجل مصالح الشعب الفلسطيني اليومية ، وان القدس ارض فلسطينية قبل ان تكون مقدسات اسلامية وموقفهم طبيعي ولا اعتراض عليه  فكل شعب يعرف مصالحه   .




  انني لا اعترض على المضمون الايدلوجي للاممية العروبية او الاسلامية  سواء تزعمها الهاشميون كأسرة لها طموح تاريخي او الحركة الاسلامية  ولكني اشكك بالموضوعية التي تزعم ان الاردن قاعدة لهذه الاممية لها فهي ليست اكثر من احلام  عروبية واسلامية للهاشميين والاسلاميين . فالاممية لم تنجح تاريخيا اذا لم  تخدم المصلحة القومية او الوطنية  ولنذكر الجميع ان محاولة تروتسكي الاممية فشلت في مواجهة الستالينية القومية التي جعلت هدف الشيوعية بناء روسيا كدولة قومية وليس تحرير العالم على حساب روسيا . 




كما لو نظرنا في تجربة البعث في العراق لراينا ان حزب البعث القومي لم يتجاوز حقوق الشعب العراقي فالوطنية العراقية كانت اقوى من الاممية القومية للبعث .  ثم ان الاردن دولة صغيرة لا يمكنها ان تفرض أي توجه وبالكاد تحتفظ باستقلالها النسبي  . ودخل الاردن حرب 1967 مرغما من العرب وشارك في حرب 1973 مكرها ولم يستطيع ابرام سلام مع اسرائيل الا بعد اتفاق اوسلو  وفي المستقبل سيشكل الفلسطينيون في الاردن لوبي ضاغط على النظام الاردني  بعد قيام الدولة الفلسطينية  ، اما اذا كان النظام الاردني لا زال يحلم  بهيمنة ما على الموضوع الفلسطيني فانني ارى  ان  الشعب الفلسطيني وقيادته  لا  يمكن ان تقبل باي دور للاردن ان لم يصبح الاردن خاضعا لها كحال العراق مع ايران  بسبب امتداد المذهب الشيعي . انا لا اقارن او اشبه ولكن اتحدث عن قواعد سياسية تتكرر اذا ما تكررت الظروف وتشابهت .



 معظم الكتاب  والمثقفين في الاردن  ينتهجون النهج الاممي  على حساب  النهج الوطني   وذلك لانانيتهم الاخلاقية حتى يظهروا انفسهم اخلاقيين  محترمين  ، اي ان الصراع في نظرهم  هو  فقط بين المواطنين الشرفاء الفقراء  من شتى الاصول والمنابت ضد اللصوص والفاسدين والاثرياء مغفلين الصراع بين الاصول والمنابت والهويات  فالصراع القومي (او الوطني ) مقدم على الصراع الطبقي رغم  اخلاقية الصراع الطبقي ولا اخلاقية الصراع الوطني .



الشعوب لا تسير على المناهج الخلقية  فالاخلاق سلوكيات فردية   وليس ايدلوجيات للشعوب . ما اريده الوصول اليه موضوعيا هو ان الصراع الوطني مقدم واقعيا  على الاصلاح والصراع الطبقي هذا تاريخ العالم  ، ولهذا لا امل باي اصلاح قبل ان ننتهي من المشكلة الوطنية وانا لا استهجن وقوف كثير من  الاردنيين ضد أي اصلاح  يشعرون ان وطنيتهم سيتم تهميشها من خلاله  الامر ليس تخلفا ولكنه رد فعل طبيعي  رغم تقريع المثقفين والكتاب لتلك المواقف التي تركز على الهوية الاردنية التاريخية مقابل شعار الاصول والمنابت الاممي الذي سعى له النظام الاردني    وهي مشكلة يحاول الكل انكارها  رغم وضوحها  فهل الاردن وطن للعرب ام للاردنيين ، وهل  لو قامت دولة في فلسطين  نكون نحن وغيرنا  من مواطنيها  فلا يوجد دولة عربية اممية لان ذلك يتناقض مع مصالحها الوطنية  التعاون مطلوب لكن الاممية امر اخر ، ما اريد ان اصل اليه ان الحل العملي  يكمن في احترام الهوية الاردنية ومعالجة مشكلة الفلسطينين بعد عام 1948 في الاردن معالجة  انسانية  واخلاقية وليس شوفينية لمصلحة الشعبين بعيدا عن اوهام الاممية الهاشمية او الاسلامية لانه الطريق الوحيد لاستقرار الاردن والحفاظ على الحق الفلسطيني في فلسطين .  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد