الفساد وثقافته والتعتيم عليه في الأردن

mainThumb

03-05-2011 07:34 AM

أصبح الشغل الشاغل للمواطن الأردني في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد أن هبت رياح التغيير والإصلاح على الأردن  والقادمة من محيطه العربي هي المطالبة بتحقيق الإصلاح وعلى شقيه السياسي والاقتصادي نظرا للأوضاع البائسة  والمتردية التي أصبح يعيشها ويتمتع بها اغلب فئات ومكونات المجتمع الأردني، وكان على راس تلك المطالب الإصلاحية هي الحد من الفساد ومحاسبة المفسدين.



تحول الفساد في الأردن إلى ظاهرة اجتماعية سلبية تعكس صورة غير حضارية عن المجتمع الأردني لمحيطه الإقليمي والدولي ولكن هذا التحول وللأسف نعرفه منذ سنين ، ولكن من الأمور التي لا تعرف عند الكثيرمن أبناء الشعب الأردني هو أن الفساد في الأردن أصبح ثقافة بحد ذاتها ولها تاريخها وماضيها وحاضرها ولها مناصريها والمنادين بها والمروجين لها، لا بل انه أصبح لها لاعبين مخضرمين يتقنون فنون لعبتها ،وأصبحت ثقافة يتوارثها الأجيال وجيلا بعد جيل عن الآباء والأجداد المفسدين الذين انتفخت جيوبهم من أموال وأرزاق وخيرات ومقدرات الشعب الأردني .



 لا يخفى على الكثير منكم ما طرح في الأشهر المنصرمة على الساحة الإعلامية من قضايا فساد ومفسدين والتي كان من أبرزها قضية الكازينو وقضية تهريب السجين خالد شاهين وقضية شركة موارد ...الخ، وما كشف في الأسابيع الماضية من قضايا فساد متعددة منها ما تم كشفه في أمانة عمان ومنها ما تمكشفه في بعض من المؤسسات الرسمية وأخرها كان تهرب احد أعضاء لجنة الحوار الاقتصادي من ضريبة مالية تقدر بالملايين ...الخ.،تلك هي بعض من قضايا الفساد وعلى اختلاف صورها والمطروحة والمسلط عليها  الضوء والتي أصبحت متابعتها والمطالبة بكشف خيوطها وأبطالها تهم المواطن الأردني أكثر مما تهمهجميع الإصلاحات الأخرى على اعتبار انه إذا استطاعت الحكومة الحد من هذه الآفة فانه يمكننا الانطلاق بعد ذلك إلى الإمام والسير بقطار الإصلاح.



ولكن ولسوء الحظ أصبحت الحكومة تعلق أخطائها على شماعة هيئة مكافحة الفساد فكل قضية جديدة تكشف ويزال اللثام عنها وعن بطلها يخرج رئيس الوزراء أو وزير الداخلية  أو المسؤول التي تقع ضمن اختصاصه وصلاحياته ويقول بان متابعة هذه القضية ليست من اختصاصنا وإنما من اختصاص هيئة مكافحة الفساد على اعتبار أنها هيئة مستقلة لها كوادرها وأجهزتها وأدواتها، وعندمايخرج احد أعضاء هيئة مكافحة الفساد ويسأل عن ما تم انجازه في أي من قضايا الفساد الأنفة الذكر يقول أن الهيئة ما زالت تتقصى وتتحقق وكان هذه القضايا هي قضايا شرق أوسطية أودولية لا يمكن حلها بأقل من 20 أو 30 سنة، بيد أن الهيئة في حقيقة الأمر والواقعتعرف من هم المفسدين والمسؤولين عن هذه القضايا ولكن ولأسباب خاصة وتدخلات جانبيةوحكومية بحتة سواء من قبل مسؤول أو وزير أو حتى من قبل رئيس وزراء يتم التعتيمعليها وعلى فضح بطلها لأنه بكل بساطة سعادة سابق أو عطوفة سابق أو معالي حالي أو دولةرئيس حالي أو سابق.
 


تسعى الحكومة جاهدة من خلال أجهزتها ووزرائها أن توهم نفسها بان الشعب الأردني هو شعب غبي وأقولها أسفا منكم، ولكن هذا الواقع الذي نعيشه وتحاول أن تثبته الحكومة لنا يوما بعد يوم، وذلك من خلال تهربها من فضح والتعتيم على بعض منالوزراء والرؤوس الفاسدة التي ثلوتت أيديها بقضايا الفساد سواء أكانوا في الحكومات السابقة أو الحكومة الحالية ،ومن وجهة نظر الحكومة انه لا يجوز فضح أي من تلك الرؤوس وأصحاب الملايين لأنه بمجرد ما وقع فاسد في المصيدة فانه حتما سيوقع من كان مشتركا معه في فساده واختلاسه وهذه الإستراتيجية متبعة في الأردن وبطريقة متناسقة لا بل أنها أصبحت وكأنها عرف أو تقليد متعارف عليه ما بين الحكومات المتعاقبة.



فمن هنا ومن خلال تلك الإجراءات التعسفية التي تمارسها الحكومة للتقليل من شان المواطن الأردني والذي يطالب بأبسط حقوقه المكفولة والمصونة له في الدستور وهي تحقيق العدل والمساواة فانه لا يمكننا الحديث أبدا عن السير بقطار الإصلاح ويبقى الفساد كما هوا لا بل انه يستشري يوما بعد يوم لان( المال السايب بعلم السرقة).ولان القانون لا يطبق ويُفعل في الأردن إلا على الضعيف فقط.



ولكن السؤال المهم والذي يطرح نفسه هنا وبقوة والذي يجول في خاطر اغلب مواطني الشعب الأردني والذي يجول في خاطري أنا أيضا والذي استمد طرحه من خلال خطاب الملك عبدا لله الثاني الإصلاحي الأخير والذي كان موجه للحكومة عندما قال( يجب محاسبة المفسدين ولا يوجد تعليمات من فوق) هل سنشهد في الأيام أو الأسابيع القليلة لقادمة الكشف عن سرية تحقيق ذات شفافية ومصداقية ولو لمرة واحدة في أي من قضايا الفساد والاختلاس الكبيرة المطروحة أمام هيئة مكافحة الفساد وفي الوقت نفسه هل سيتم الإعلان عن الأشخاص الذين تورطوا بهذه القضايا ومهما كانت درجاتهم ومناصبهم وأسمائهم أم أنه سيبقى الوضع كما عليه إلى إشعار أخر؟!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد