الحكومة و الشعب و البحر

mainThumb

04-05-2011 11:07 PM

كنت أظن بأنني سباح ماهر لدرجة جعلتني أصف نفسي بأنني "بلعط" رغم أنني لم أتعلم السباحة يوماً و لم أمارسها كهواية قط، و أكبر مسطح مائي رأته عيناي هو خزان بيتنا( متر بمتر) و الذي تملأه مياه السلطة كل أسبوع أو اسبوعين أو ثلاثة اسابيع حتى منتصفه.

 

امضيت اليومين الماضيين في خليج العقبة، و بقيت بشوق و لهفة العاشق لعاشق حتى شاءت الأقدار أن أقف و البحر من أمامي، خلعت ملابسي و ارتديت ملابس السباحة بسرعة جنونية جعلت طاعنا في السن كان يجلس بجواري يظن بأنني سأصل ايلات عائما.  على أية حال نزلت البحر بعزيمة تهد الجبال و ثقة ما بعدها ثقة، و لست ادري كيف تملكتني فكرة أنني سباح، دخلت المتر الأول فالثاني فمنتصف الثالث حيث بدأ منسوب الماء في الارتفاع، فقلت مسليا لنفسي لأعوم هنا- على فرض أنني أعرف فن العوم-  " ع القليلة تا اخذ هوى البحر".




 و بعد دقائق بدأت أقلد حركات السباحين التي كنت أشاهدها في التلفاز، و ما هي الا حركة أو حركتين و اذ بي قاب قوسين أو أدنى عن الغرق، خرجت مسرعا من البحر و اذ بذلك الطاعن في السن يقول لي: صحيح ... مش متعود ع البخور..... و هزّ رأسه  ثم صمت . بعدها ذهبت الى السوق و اشتريت حبلا و عدت الى البحر ، ربطت طرفه في عمود مظلة و الطرف الاخر على وسطي ثم ذهبت الى ذلك الطاعن في السن و قلت له بالله عليك طولّي شوي شوي.
 

و أنا داخل البحر و الحبل على وسطي،  شعرت بأن الحكومة كالبحر: بتفكرها شي بتطلع شي مختلف، فهي كالبحر مفتوحة للجميع و لكن قلة من يستطيعون العوم فيها.
 

الحكومة تخفي في اعماقها الكثير الذي لا نراه – نحن الشعب.

 

 الحكومة نظام  بيئي متكامل فيه من الكائنات الحية: حيتان، حيايا، سمك كبير، سمك صغير، جاجة الحكومة، مرجان، و ابو الهيلامان، و لسان حلها يقول: "أنا الحكومة في اعماقي السر فهل سألوا المسؤول عن فساد"ٍ.
 

الحكومة قادرة على أن تجعل الشعب حائرا بين مدّ الزيادة و جزر رفع الاسعار.

 
الحكومة بتوصلك البحر و بترجعك عطشان.
 

الشعب مثل" حجايتي" مش متعود ع البخور و بده يسبح. بعمل خير و بزت بالحكومة، و بغرق بشبر مي. و اذا شد شويه "بنقطم" وسطه.


اذا أرد الشعب  رؤية اعماق الحكومة، فهذا غير مسموح الا من خلال القارب الزجاجي الذي تقوده الحكومة باحتراف، و تتوقف فقط عند محطات معينة هذا اذا كانت الحكومة صافية.
 

الشعب له الصدف الفارغ و للحكومة المرجان.
 

المراقبون و المحللون مثل ذلك العجوز ماسك الحبل من النص.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد