الرهان على الجيش السوري

الرهان على الجيش السوري

14-07-2011 02:29 AM

عار على العرب وعلى العالم كله أن يستمر الوضع الدامي في سوريا على حاله، هناك سفك للدماء وقتل عشوائي واعتقالات بالآلاف لكل من يشارك في الحراك السلمي المطالب بالإصلاح، تعتيم إعلامي وكذب في الرواية الرسمية، تدليس وقائع وإكراه على القتل، كل ذلك ليستمرّ نظام الطاغية وحكم العائلة ذات النسل السوبر، وليقوم المجد الكاذب على دماء وأشلاء الضحايا من الشعب السوري المجاهد المسكين.

 

كان النظام السوري ولا يزال يتقدم الدول العربية كافة في الكذب والخداع والبهتان، عاش العرب عقودا عديدة في وهم الثورة وتصحيح الثورة وقلعة الصمود وجبهة الممانعة ودعم المقاومة وإيواء المقاومة ورمز القومية، شعارات رنانة وديباجات مغرية تقنع الجميع بالدور الحكيم للنظام السوري في ردع القوة الإسرائيلية ولجمها وتخويفها. وما عرفنا زيف هذه الشعارات والإدعاءات إلا متأخرا في ظل حراك الإصلاح العام الذي يعمّ المنطقة أو ما يسمى بالربيع العربي، الذي كشف كل الأقنعة والعورات، فبانت الحقيقة المغطاة أو المدفونة، وعرفها القاصي والداني والصغير والكبير، واستنتج الجميع كيف كان التآمر على الإنسان العربي في تجويعه وإذلاله وقمع حريته واستبعاده عن المشاركة والشراكة ليخلو الميدان لفرسان الحكم المشبوهين في كل دولة، فتستفيد ثلة أو شلة نظام الحكم بالكرسي والمتاع، ويستفيد الأعداء بالسيطرة والأمن، مصالح متبادلة على حساب الأوطان والمواطنين، وتخسر الشعوب وجودها وقيمتها وحضارتها ومستقبلها ومستقبل أجيالها، هذه هي الحقيقة وهذا هو الاستنتاج الذي خلصنا إليه.

 

ولكي يجني الثوار ثمار ثورتهم ويحصدوا وحدهم ما قدموا من تضحيات، لم يلجئوا إلى قوات دولية ولا إلى مساندة من أحد، يتصدون بصدورهم العارية رصاص المجرمين من قوى أمن وشبيحة النظام الهالك، حتى أنّ الأخبار الجليّة التي باتت موثّقة أن الجنود السوريين ينفذون جرائمهم تحت تهديد الإعدام لهم ولذويهم!! هل رأيتم نظاما ببشاعة هذا النظام؟

 

ومن هنا فالرهان الآن على الجيش السوري، أن ينقلب على قادته ويتمرد على أوامرهم، وينحاز للشعب المسالم المنتفض للحفاظ على كينونته ودولته، لا كما يروّج الإعلام الكاذب أن هؤلاء المنتفضين يريدون تدمير سوريا والعبث بإنجازاتها، تماما كما ادعى كل نظام متهالك يشكو من قوى التحرر فيه ويشكك في نواياها وانتماءاتها.

 

الرهان على الجيش السوري كي لا يستمر شلال الدم النازف في سوريا، صحيح أن العاقبة والنهاية أن يرحل كل نظام فاسد، لكن حركة الجيش وانحيازه مع الشعب ضد الطغاة يعجل الفرج ويحقن الدماء ويعجل الفرج القريب بإذن الله.

 

ومن هنا فإن جماعات المعارضة السورية بحاجة إلى توحيد صفوفها وتركيز رسالتها الإعلامية في ثلاثة اتجاهات:

-    الاول: نحو المواطن السوري، لاستمرار انتفاضته وخروجه إلى الشارع وعدم الاستجابة لنداءات الخداع والمكر والكذب التي يريد النظام السوري خديعة المواطنين من خلالها لضمان تراجعهم عن مسيرتهم المباركة، فنقطة اللاعودة قد انتهت وما عاد هناك تفكير في الوقوف أو الرجوع عنها.

-    الثاني نحو الجيش السوري، يحثه على التفكر فيما يفعل والعاقبة التي ستؤول إليها الامور، وضرب المثل الواقعي القريب من خلال تونس ومصر وكيف انحاز الجيش هناك مع المواطن الغلبان، حقنا للدماء وحفاظا على مكتسبات الوطن ومستقبل الابناء، وهنا لا بد من كشف حقائق النظام السوري، ولا بد من توجيه الفتاوى الدينية المناسبة لتحرك في الجندي السوري الحميّة والغيرة على الوطن والمواطن لا على أنظمة الفساد التي ما عرفت إلا مصالحها بكل أنانية وبهتان.

-    أما الثالث فهو نحو الرأي العام العالمي وللدول التي تدعي حرية وحقوق الإنسان وكرامته، ليزداد الضغط الدبلوماسي والعزلة الدولية لهذا النظام، لعله ينصاع ويبادر إلى الرحيل.

 

هناك من يحاول زرع الفتنة الطائفية والإقليمية في سوريا، بين سنة وعلوية ونصيرية، وبين دروز وأكراد وعرب، لينشغل الناس عن الهدف الأسمى لحراكهم وهو تطهير سوريا من نظام حكمها الفاسد العميل الذي ربض على صدورهم ما يزيد عن أربعة عقود، لكنّ الشعب لا ينجرّ لمثل هذه اللعبة، فالحراك المبارك أيده كل مكونات الشعب السوري وأطيافه، العلوي والسني، والعربي والكردي، كلهم على قلب واحد وهدف واحد: أن تتحرر سوريا من سواد ليل نظامها الحاكم وبطشه وظلمه وظلمته، ليتنفس الناس الصعداء ونسائم الحرية، وينالوا حقوقهم غير منقوصة في ظل عيش كريم وكرامة مستحقة تمنحهم العزة والإباء.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد