مبررات الحراك الإصلاحي في الأردن

مبررات الحراك الإصلاحي في الأردن

15-07-2011 04:30 PM

يمكن وصف الأداء الحكومي في الإصلاحات بأنه بطيء جدا، ليس بطء الحكمة والتروي لتجنب الأخطاء بقدر ما هو رهان على الوقت والاستجابة لقوى الشد العكسي التي باتت تخشى على مصالحها الضيقة في أردن جديد. فالقوانين الجديدة للأحزاب والانتخابات لم نسمع عنها شيئا بعد أن أنتجتها لجنة الحوار الوطني، تتحرك ببطء شديد على ظهر فيلق من النمل نحو ديوان التشريع ودوائر طبخ القرار،




 أما لجنة إعادة النظر في الدستور فتعمل خلف أسوار حديدية أشد من تلك التي كانت في الحقبة الشيوعية السوفياتية البائدة، ومع العجز الواضح أمام ملفات فساد كبرى ومفسدين واضحين قادوا البلاد في عهد مسئوليتهم إلى الضياع والانحطاط، ومع تزايد المديونية والحديث العلني عن بدائل قاتلة كرفع أسعار الوقود والتشدد في الضرائب، يتساءل المواطن: هل نسير حقا في قافلة الإصلاح ونقطع مسافات ونقترب من النهاية أو الثمرة؟ أم أننا كحال تصوير الأفلام المصرية القديمة حيث يجلس الممثل في السيارة وتتحرك خلفه صورة المكان ليوهم المشاهد بالحركة الافتراضية أو الخدعة السينمائية.




من حق المواطن الذي صمت دهرا على أمل أن يعيش بكرامة وكبرياء يليقين بمستوى الصبر والتضحيات والولاء والانتماء والصدق والإخلاص التي قدمها عبر حياته، من حقه أن يرفع صوته ويشير بيده لينبه من يقود الركب أن هناك خللا في المسيرة، وخطأ في الطريق، فالمعالم التي نشاهدها في الطريق لا تدل على معالم الطريق المنشود أو المطلوب، وللأسف لا بد أن نعترف أننا كنا نطمح عبر عقود من الزمن أن نرسي دعائم دولة ديمقراطية حضارية مزدهرة، وكنا نتغنى بالإنسان كثروة لا يملكها من حولنا في المنطقة وهو أغلى ما نملك، مع ما عندنا من ثروات وإرادة وتصميم وتضامن وتلاحم، كل ذلك كان أملنا أن نصبح شرفاء أعزاء مكرمين مرفوعين الراس كما يغني مطربو الأغنية الوطنية الأردنية الصاخبة.




لكننا مع الأسف وخلال العقد الأخير من سياسة الخصخصة واللصلصة وسياسيو البزنس اكتشفنا أننا في وهم، وأننا كمن يسير نحو سراب، وكلما اقتربنا منه رأينا سرابا آخر نعقد عليه الامل أن يكون ماء، ولكن هيهات لشلل البزنس والانفتاح والخصخصة أن يقودونا إلى تحقيق الانجازات التي كنا نطمع ونطمح أن تتحقق.




 ومن هنا فمن حق كل القوى المعارضة أن ترفع الصوت عاليا لتنبه إلى الخلل وضرورة الإسراع في الحل والإصلاحات، وإرساء دعائم دستور جديد وانطلاقة جديدة لعهد جديد من مسيرة الدولة، ولا يجوز أن تستمر الرسالة الإعلامية بتلقي التعليمات الأمنية فيكتب الكتاب الحكوميون والمرتزقة جميعا وبالصدفة في موضوع واحد وبأسلوب متقارب يحذرون فيه قوى 24 آذار والحركة الإسلامية من التسبب في إراقة الدم !!!





 أنا أعتقد أن الحكومة بإمكانها تجنيب الوطن من أية مآسي إذا احترمت عقول الناس وإرادتهم، ولم تسمح للشبيحة أو جماعات (كبسة زر) أن تتدخل فيكون الهرج والمرج أمام أعين قوى الامن ودعمها الخفي لتكون الحجة الدامغة المقنعة أن بلدنا لا يحتمل مثل هذا الحراك !! ويظهر فجأة التباكي على السياحة والسياح ودخل البلد والرسائل التي ستصل إلى جمهور السياح بالمغادرة حرصا على حياة كل واحد منهم !



عهر آخر تتقنه الآلة الإعلامية في الأردن لم نلحظه في نصح أصحاب القرار في الحكومة من قبل، يوم كانوا يديرون صفقات بيع أصول الدولة والمتاجرة بأراضيها، يوم كان اغتيال الكلمة الحرة والصوت الجريء، أين كان هذا الإعلام المأجور أو المأسور؟ بإمكان الحكومة وقواها الأمنية أن تتعامل بكل رقي مع هذا الاعتصام، دون أن تقدم لهم الماء لا بعبوات سياحية ولا عبر الخراطيم، ولا من خلال الغازات المسيلة للدموع أو أن يطلقوا عليهم قوات الدرك بهراويهم المرعبة، ولا باستدعاء البلطجية من زقاق الأحياء ومراكز التدريب لافتعال فتنة الوطن في غنى عنها.




فليسيروا في مسيرتهم وليخطبوا خطاباتهم وليوصلوا رسالتهم بكل صدر رحب من قبل الحكومة وبكل عقلانية وحرص على الوطن من شباب المعارضة الذين نحسن بهم الظن أكثر من حسن ظننا بساستنا الذين باعونا مع الوطن بثمن بخس. لا داعي لتأزيم الموقف من قبل الحكومة وقواها الأمنية وكتابها وإعلاميها الذين يستدعون أيضا برسالة نصية أو باجتماع طارئ، فالأمور عادية سلسة وستمر المسيرات والاعتصامات بهدوء ومسئولية منضبطة من منظمي الحراك السلمي، فهم عقلاء وحريصين على الوطن وأمنه واستقراره كحرص قوى الامن في ذلك، هذا إذا لم يكن هناك مندسين من قبل (المشبوهين) ليحرفوا الحراك عن طريقه والقطار عن سكّته، وهنا نخشى التصعيد من كلا الفريقين وعندها سيندم كل من ساهم في وضع العصا في دولاب الحراك، أو من أزهق روحا بريئة،




 أو أسال دما طاهرا لينتصر لعصر بائد مستبد قاد البلاد إلى الأزمة التي نضيق فيها اليوم. المطلوب هو حضور العقل، هؤلاء معهم الحق ليعبروا عن غضبتهم ويؤكدوا مطالبهم، وأولئك لا بد أن يتعاملوا مع قوى الإصلاح بكل احترام وتقدير ومسئولية، وهذا ما نأمله وعهدناه عند المسئول المخلص الذي يتفهم الأمور بشمولية وعقل ناضجين. فلا مجال للتصعيد ولا رهان على صدامات وتأزيمات ومراجل قد تقودنا فعلا إلى الهاوية التي لا نريدها أبدا لوطننا. حفظ الله أردننا الغالي من كل سوء.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد