المؤتمر الوطني السادس(2)

mainThumb

09-08-2011 04:37 PM

تكمن الحاجة إلى مؤتمر وطني الضرورة في وضع تصور شامل حول الرؤية لمرحلة ما بعد الإصلاح, تكون هي الأساس في صياغة العقد الذي يريده الشعب الأردني في إدارة الدولة ومؤسساتها , سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي , بالإضافة إلى حل كل المعضلات العالقة , وخاصة في إعادة توزيع الثروة على المحافظات والعدالة الاجتماعية , وإلغاء التهميش المتعمد للكتل البشرية في القرارات السياسية والاقتصادية .
تحدثنا في المقال السابق عن الجبهة الوطنية للإصلاح برئاسة دولة أحمد عبيدات كجهة تعمل على عقد مؤتمر وطني , واليوم سنتحدث عن جهة أخرى تُـحضر لعقد مؤتمر وطني , وهي تنسيقية التجمع الشعبي للإصلاح .

ولا يفوتنا في هذا الموقف , أن المؤتمر الوطني لا بد أن يكون ممثلاً لكل فئات وأطياف الشعب الأردني أفقياً وعمودياً , حتى تكون المخرجات الناتجة عنه ذات مصداقية وذات تأثير , كونها تمثل إرادة شعب كامل , لا بد من تنفيذها على أرض الواقع لمرحلة قادمة وجديدة , تحمل الرؤية للدولة المدنية الحديثة الديمقراطية , ومرتبطة بشكل مباشر بالعمق التاريخي لجغرافية الأردن وهويته .

نعود للتجمع الشعبي , الذي تكون في الفترة السابقة وهي ليست ببعيدة , حيث نتج عن تجمعات من مناطق مختلفة من الوطن , ولكن سنسلط الضوء على آلية التكوين وظروفه .

من خلال المراقبة للأحداث , فإن الإخوان المسلمين بعد إطلاق الجبهة الوطنية للإصلاح وهم طرف رئيسي في تأسيسها , لم تلقَ القبول من الشارع الأردني , فقد ظنّوا أن وضع القيادة عند دولة أحمد عبيدات ستأتي بالغالبية من الأردنيين وانخراطهم تحت لوائها , فتكون ممثلة للشعب الأردني في طرح الرؤية لمرحلة ما بعد الإصلاح , وفي ظل هذه المعطيات لجأ الإخوان إلى تشكيل ما يسمى التجمع الشعبي للإصلاح , والسبب أن الحراك الشعبي الحقيقي في الشارع الأردني لم ينخرط في جبهتهم (الجبهة الوطنية للإصلاح ).

لقد تحركوا في هذا الجانب قبل اعتصام ساحة النخيل , بأن شكلوا لجان من شبيبتهم في بعض المناطق لإضفاء الشمولية في إقامته , مثل تكوين لجنة في ذيبان وفي الكرك-المزار الجنوبي تحديداً- ومعان واربد وعمان ( باستثناء الطفيلة ) , وهي المناطق التي تخرج كل جمعة بمسيرات متوحدة في مسمى الجمعة وبيانها , فأطلقوا مسميات شبيهة للمسميات الحقيقية الميدانية وإعلانهم عن الانضمام للتجمع الشعبي للإصلاح .

عند النظر سطحياً للمسمى ومكوناته , يُـعتقد للوهلة الأولى بأنه جامع للحراك الشعبي والشبابي المنتشر في جميع أرجاء الوطن , ولكن عند التعمق في هذا التجمع , نلاحظ أنه مارس بدهاء كبير التمويه بالأسماء , ومن الأمثلة على ذلك منطقة ذيبان , والتي لها الرمزية والخصوصية في الحراك الأردني المطالب بالإصلاح , فقد خرجت ذيبان لوحدها في بادئ الأمر ثم تبعتها باقي المناطق , ونعلم جميعاً أن الناشط العمالي محمد السنيد من قادة حراك ذيبان , فقام شبيبة الإخوان بإيجاد مسمى مشابه , ويحمل في طياته اسم ذيبان ليعطي للقارئ الشرعية للتجمع بأنه ممثل للحراك الشعبي , وهذا ما حصل في معان والكرك(المزار الجنوبي) وفي اربد , وما يؤكد هذه الرؤية هو فشلهم في ذلك في الطفيلة ومدينة الكرك اللتين تخرجان كل جمعة بمسيرات كبيرة وشعبية .

وهذا ترافق مع التصريح المشهور لِ بني ارشيد عن قيادة الإخوان للحراك في الشارع الأردني , وهي رسالة موجهة لكل الأطراف في المعادلة الأردنية , سواء النظام أو الشارع نفسه , وهي أيضاً رسالة مغازلة لأمريكا بأنهم يقودون الحراك الشعبي في الأردن -ونحن نعلم عن لقاء الإخوان للسفير الأمريكي وسفيرة فرنسا قبل هذا التشكيل- حتى يكونوا الطرف الأوحد الممثل للشعب الأردني في تقرير المرحلة المقبلة .

إذن كانت خطة مدروسة من الإخوان ومن خلال شبيبتهم , وحتى بعض القياديين الذين تحركوا بصفتهم الشخصية مع الحراك الشعبي , ولكن نعلم بأنهم في النهاية ينصاعون لقرار مركزية الإخوان , ودليل ذلك أنهم خرجوا مع حزبهم في الجمعة التي سبقت رمضان , حيث دعا حزب جبهة العمل الإسلامي إلى مسيرات باسم الحزب وتحت راياته وشعاراته , وليس حراك شعبي , وهنا يكمن التساؤل , بأن الإخوان ومن خلال حزب جبهة العمل الإسلامي سينحازون إلى رؤيتهم الخاصة ومصالحهم , دون الالتفات إلى باقي الحراك الشعبي ورؤيته ومصالحه , وخاصة أن مصالح الحراك الشعبي هي وطنية مرتبطة بتاريخ جغرافيته وهويته .

ونسأل التجمع الشعبي للإصلاح , ما هي الرؤية لمرحلة ما بعد الإصلاح في ظل بعض المعطيات المفصلية , والتي تخص مستقبل الدولة الأردنية في ظل الحل النهائي للقضية الفلسطينية , والمخطط الإسرائيلي في توطين الإخوة الفلسطينيين في الدول المستضيفة - حق العودة المقدس- آخذين بعين الاعتبار اعتراضهم على قوننة فك الارتباط , و وقف التجنيس , بالإضافة إلى عدم تقديمهم أية حلول واضحة في هذا الجانب .

وفي النهاية , كيف ستكون مخرجات مؤتمرهم الوطني مرضية للشعب الأردني ومعبرة عن إرادتهم إذا لم تحمل في ثناياها الحلول الواضحة في قضية وقف التجنيس(التوطين) الذي سيؤدي إلى فرض أمر واقع وهو الوطن البديل .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد