لم أكن أنا

لم أكن أنا

03-12-2025 10:50 PM

يحدث أحياناً أن يتصرّف الإنسان بطريقة لا تشبهه، ثم يبرّر لنفسه وكأن من ارتكب تلك الأفعال ليس هو. نتسرّع في القرار، نندفع بتعصّب، نطلق الأحكام، نُهاجم، نُحدث ضرراً حيث يفترض أن نصنع سلاماً، نفرض عقوبات، نهجر، نمنع الفرص، نُهمّش، نستهزئ، نُحقر، ونسلك طريق العنجهيّة دون وعي. ومع ذلك، نتساءل: من يفعل كلّ هذا إن لم يكن الشخص ذاته؟

الجروح الصغيرة التي تراكمت، والحرمان من الحنان منذ البدايات، والاضطراب الداخلي، وفقدان القدرة على اتخاذ القرار، والكتمان المؤلم، والفراغ الذي يبتلع الروح، والثأر للماضي، والشعور بالنقص، وكل ما تخفيه النفس من ظلال؛ هذه الأمور تصنع ما هو أقسى من تلك الأفعال بكثير. عندها يقتنع الإنسان أن ما بدر منه لم يكن نابعاً منه، فيتبرّأ من أخطائه السامة وكأن الزمن وحده قادر على محوها.

لكن هناك حقيقة ثابتة: لسنا مسؤولين عن أفعال الآخرين، ولا عن ما يوجّهونه نحونا من قول أو فعل. نحن أبرياء من أثقال قلوبهم وظروفهم وطباعهم التي لا نعرفها. وما ينبغي علينا هو أن نرحم من ضاقت بهم أنفسهم ولم يعودوا قادرين على ضبطها، وأن نخفّف عنهم حدّة النقد، وأن نرفق بكل خطأ لا يجرح أعماقنا.

وتذكّروا دائمًا أن خلف الشرّ الغزير خيراً أعمق مما نرى. لذلك لا تتفاجؤوا من قسوة البعض، بل استعدّوا لها، وامنحوا أصحابها رحمة تُنقذكم من تشويه صورتهم في داخلكم.
هكذا أصح



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد