السلطة للشعب .. لغة العصر

mainThumb

03-09-2011 03:09 PM

لم يكن في تصور الكثيرين أن يتحقق المستحيل، ويتجسد الحلم، وتلوح بوادر التحول عن الواقع البائس، وتبدأ الأمور تعود إلى نصابها بعد أن انعاجت سنوات طوالا.

كان الكلام خارج حدود التعليمات المقدسة للنظم الحاكمة - حراما قبل سبعة أشهر في ديار العروبة التي ظلت الشعوب فيها فراشات تحوم حول كعبة والينا المبجل، تسبح بحمده، وتكيل له عبارات الثناء، وتناجيه بعبارات القداسة والـتأليه، فيكبر ذلك في نفسه، ويمسك  بيديه كل الخيوط، ويضع في جيبه كل مفاتيح السعادة والشقاء: فالوطن مزرعته الكبيرة، والمواطنون عماله، وله في إدارة المزرعة حرس ونواطير ونواب ومحامون.
سُرقت منا ثمرات النضال حين قدّم المستعمر لنا نوعيات رديئة في صورة أبطال مُخلِّصين سَرقوا السلطة من أصحابها، وجعلوا دوائر الحكم من شلل الليل، وصحبة الكأس، وعصابات النصب، وخبراء الاحتيال، الذين ظلوا يمارسون فسادهم بذات الأقنعة التي بَلِيَت، وافْتُضِح لابِسُوها، فأبدت السوءات مع النوايا.

شيء طبيعي في هذا الجوّ أن نُبصر مع الشعوب العربية حجم المأساة التي نعيشها، ويَنتبه وَعْيُنا النّومان، ونبدأ التفكير بالصوت العالي الذي يشير إلى حقنا المسروق، ويلقي عن أعناقنا الوصاية الكاذبة.
لم يرضَ الحبيب - صلى الله عليه وسلم – لأتباعه في أبسط صور التجمع البشري التهميش أو تجاوز الإرادة فقال: (( إذا كنتم ثلاثة فأمّروا أحدكم )).
هكذا يجتمع الثلاثة، فيختارون من بينهم من يقودهم بأي آلية يتوافقون عليها، فالسلطة لهم، وهم أصحاب القرار.

لا مجال إذن - بعد اليوم - لحكم الفرد، ولا لتفرُّد فئة، ولا لاستئثار مجموعة دون أخرى في شأن من شؤون الأمة أو الدولة ما دامت الدولة ليست ملكا لأحد بعينه.
أبجدية العصر اليوم:" السلطة للشعب "، وحيثما شَاعت هذه اللغة حَلّ الرخاء، وساد العدل، ورُفض الظلم، وكُفلت الحرية، وحُوصر الفساد، وحوسب المفسدون، وبالتالي تجلّت الإنسانية بقيمها الرائعة.

أبجدية فَتَحت في بلاد العرب مدارسها، وشاع صيت معلميها، وتزاحم الناس على أبوابها، وهي في كل يوم تفتح لها فروعا، وتنشئ مكاتب ارتباط، ولا تنتظر في ترخيصها إذنا من أحد.

لغة بدأ الشعب الأردني يتعلمها، بل تعلمها وبدأ يتحدث بها، ونأمل من النظام أن يفهمها أيضا، ولا يصر على فرض لغته التي انتهى عصرها، وخرجت من التاريخ، لأن محاولة فرضها بأي صورة كانت قد تحمل التلاميذ في المدرسة الجديدة على النفور والمعاندة، والإصرار على اعتماد لغتهم الجديدة في الأردن الجديد، وبين العِنادين قد يقع عندنا - لا قدر الله - ما وقع في المدرستين السورية والليبية من فوضى واضطراب.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد