حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا

حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا

26-10-2011 05:49 PM

الحمد لله ثم الحمد لله،الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ،الحمد الذي عَزَّ جَاهُهُ،وجَلَّ ثناؤُهُ، وتقدَّسَتْ أسماؤُهُ،الحمد لله الذي مَنْ توكَّلَ عليهِ كفَاهُ،ومَنْ لجأَ إليهِ آوَاهُ،ومَنْ سأَلَهُ أعطَاهُ. يقول تعالى في محكم التنزيل :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).صدق الله العظيم.

إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ تَنَزَّهَ أَنْ يَخْلُقَ الإِنْسَانَ بِلاَ حِكْمَةٍ،أَوْ أَنْ يَتْرُكَهُ بِلاَ غَايَةٍ،يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ:(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ، وَأَنْشَأَهُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَخْلَفَهُمْ فِيهَا لِيُطِيعُوهُ وَيَتَّقُوهُ،فَمَنْ أَرَادَ دَوَامَ الْعَافِيَةِ،وَرَامَ حُسْنَ الْعَاقِبَةِ،فَلْيَتَّقِ اللهَ عَلَى الدَّوَامِ، وَلْيُحَاسِبْ نَفْسَهُ فِي جَمِيعِ الشُّهُورِ وَالأَيَّامِ،فَلَيْسَ لِلطَّاعَةِ زَمَنٌ مَعْدُودٌ،وَلَيْسَ لِلْمُحَاسَبَةِ مَوْسِمٌ مَحْدُودٌ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)،وَيَقُولُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه:حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا،وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا،فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَداً،أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ، وَتَأَهَّبُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ).وَالْمُحَاسَبَةُ للنفس هِيَ:أَنْ يَتَصَفَّحَ الإِنْسَانُ فِي لَيْلِهِ مَا صَدَرَ مِنْ أَفْعَال في نَهَارِهِ،فَإِنْ كَانَ مَحْمُوداً أَمْضَاهُ،وَأَتْبَعَهُ بِمَا شَاكَلَهُ وَضَاهَاهُ،وَإِنْ كَانَ مَذْمُومًا اسْتَدْرَكَهُ إِنْ أَمْكَنَ،وَانْتَهَى عَنْ مِثْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.وَقَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ قَوْلُهُ تَعَالَى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ).

أَيْ:لِيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَا قَدَّمَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنَ الأَعْمَالِ:أَي مِنَ الصَّالِحَاتِ الَّتِي تُنْجِيهِ،أَمْ مِنَ السَّيِّئَاتِ الَّتِي تُوبِقُهُ وتهلكه؟فإنَّ صَلاَحَ الْقَلْبِ بِمُحَاسَبَةِ النَّفْسِ،وَفَسَادَهُ بِإِهْمَالِهَا.وَتَعْظُمُ الْمُحَاسَبَةُ للأنفس عِنْدَ انتهاء الأَعْوَامِ،وَتَتَابُعِ انْقِضَاءِ الأَيَّامِ،فَيَعْلَمُ الْمَرْءُ حِينَهَا أَنَّ يَوْمَهُ يَهْدِمُ شَهْرَهُ،وَشَهْرَهُ يَهْدِمُ سَنَتَهُ،وَسَنَتَهُ تَهْدِمُ عُمُرَهُ،وَعُمُرَهُ يَقُودُهُ إِلَى أَجَلِهِ،وَأَجَلَهُ يَقُودُهُ إِلَى مُسْتَقَرِّهِ،وَالْمُسْتَقَرُّ حِينَئِذٍ إِمَّا فِي جِنَانٍ نَضِرَةٍ،أَوْ فِي نِيرَانٍ مُسْتَعِرَةٍ، يَقُولُ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه:يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ كُلَّمَا مَضَى يَوْمٌ مَضَى بَعْضُكَ.

 فَطُوبَى لِعَبْدٍ شَغَلَ أَيَّامَهُ بِالطَّاعَاتِ،وَجَعَلَهَا قُرْبَةً وَزُلْفَى لِرَبِّ الْبَرِيَّاتِ،وَاتَّعَظَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْعِظَاتِ،فكَفَى وَاعِظاً لِلْمَرْءِ أَيَّامُ عُمْرِهِ.فَهَنِيئًا لِمَنْ أَحْسَنَ  وَاسْتَقَامَ،وَيَا مُصِيبَةِ مَنْ أَسَاءَ وَارْتَكَبَ الْحَرَامَ،فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ في الحديث القدسي أَنَّهُ قَالَ:يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِيكُمْ إِيَّاهَا،فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ،وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ.فَهَل سائل أحدنا نفسه عَنْ عَامِنَا كَيْفَ قَضَيْنَاهُ،وَلْنُفَتِّشْ كِتَابَ أَعْمَالِنَا كَيْفَ أَمْلَيْنَاهُ،فَإِنْ كَانَ خَيْرًا حَمَدْنَا اللهَ وَشَكَرْنَاهُ،وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ تُبْنَا إِلَى اللهِ وَاسْتَغْفَرْنَاهُ،يَقُولُ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ رَحِمَهُ اللهُ:رَحِمَ اللهُ عَبْدًا قَالَ لِنَفْسِهِ:أَلَسْتِ صَاحِبَةَ كَذَا؟أَلَسْتِ صَاحِبَةَ كَذَا،ثُمَّ زَمَّهَا،ثُمَّ خَطَمَهَا،ثُمَّ أَلْزَمَهَا كِتَابَ اللهِ عز وجل فَكَانَ لَهَا قَائِدًا.قَدِّمْ لِنَفْسِكَ تَوْبَةً مَرْجُوَّةً،قَبْلَ الْمَمَاتِ وَقَبْلَ حَبْسِ الأَلْسُنِ.وَكَمْ يَتَمَنَّى الْمَرْءُ منا تَمَامَ شَهْرِهِ،وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ عُمُرَهُ،وَأَنَّهَا مَرَاحِلُ يَقْطَعُهَا مِنْ سَفَرِهِ،وَخُطُوَاتٌ يَمْشِيهَا إِلَى قَبْرِهِ!،فَهَلْ يَفْرَحُ بِذَلِكَ إِلاَّ مَنِ اسْتَعَدَّ لِلِقَاءِ رَبِّهِ بِاتِّبَاعِ شَرْعِهِ وَتَعْظِيمِ أَمْرِهِ،يَقُولُ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ:(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ:اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ:شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ،وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ،وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ،وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ.فيا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:إِنَّ مَنْ قَدَّرَ الأَمْرَ حَقَّ قَدْرِهِ،وَعَرَفَ لِلْحِسَابِ عَظِيمَ شَأْنِهِ وَخَطَرِهِ،فَحَاسَبَ نَفْسَهُ وَأَصْلَحَ حَالَهُ،فَذَاكَ الَّذِي يَسْعَدُ فِي الدُّنْيَا وَيَنْجُو فِي الآخِرَةِ،وَأَمَّا مَنْ سَارَ عَلَى غَيْرِ هُدًى،وَلَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ عَلَى مَا مَضَى،فَذَاكَ الْغَافِلُ الْمُبْتَلَى، وَسَيُفْجَأُ بِسُوءِ عَمَلِهِ حِينَ تُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ،وَتُوضَعُ الْمَوَازِينُ،(وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً).قَالَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ:فَهَذَا كِتَابٌ:لِسَانُكَ قَلَمُهُ،وَرِيقُكَ مِدَادُهُ،وَأَعْضَاؤُكَ قِرْطَاسُهُ،أَنْتَ كُنْتَ الْمُمْلِي عَلَى حَفَظَتِكَ،مَا زِيدَ فِيهِ وَلاَ نُقِصَ مِنْهُ،وَمَتَى أَنْكَرْتَ مِنْهُ شَيْئاً يَكُونُ فِيهِ الشَّاهِدُ مِنْكَ عَلَيْكَ.فإِنَّ الْمُحَاسَبَةَ للنفس الَّتِي لاَ يَتَعَدَّى أَثَرُهَا دَمْعَ الْعَيْنِ،وَحُزْنَ الْقَلْبِ،دُونَ صَلاَحٍ وَإِصْلاَحٍ:مُحَاسَبَةٌ نَاقِصَةٌ، وَنَتِيجَتُهَا قَاصِرَةٌ،فَالْمُحَاسَبَةُ الْمُثْمِرَةُ هِيَ الََّتِي تُوَلِّدُ نَدَمًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ،وَتَحَوُّلاً إِلَى الْخَيْرِ.فسَائِلْ نَفْسَكَ عَبْدَ اللهِ،عَنْ حُقُوقِ اللهِ؛هَلْ وَفَّيْتَهَا؟وَعَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ؛هَلْ أَدَّيْتَهَا؟.مَا حَالُكَ مَعَ الصَّلاَةِ؟هَلْ تُؤَدِّيهَا بِشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا بِخُشُوعٍ؟هَلْ تَسْكُبُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ الدُّمُوعَ؟فَإِنَّ النَّارَ لاَ تَدْخُلُهَا عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ.أَمَا زِلْتَ غَافِلاً عَنْ تِلاَوَةِ كِتَابِ اللهِ،يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً).مَا الَّذِي أَهَمَّكَ وَأَقَضَّ مَضْجَعَكَ؟لُقْمَةٌ تَأْكُلُهَا،وَلِبَاسٌ تَلْبَسُهُ، وَمَالٌ تَقْتَنِيهِ وَتَجْمَعُهُ؟أَمْ كَانَ هَمُّكَ أَنْ تَحْيَا للهِ سَالِكًا سَبِيلَ مَرْضَاتِهِ،وَطَرِيقَ جَنَّاتِهِ؟.

فذَكِّرُوا أَنْفُسَكُمْ بِحَقِيقَةِ الدُّنْيَا،وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ زَوَالَ الأَيَّامِ،وَانْقِضَاءَ الأَعْمَارِ،وَذَهَابَ الأَصْحَابِ وَالْخِلاَّنِ،ذَكِّرُوا أَنْفُسَكُمْ بِأَنَّ أَيَّامَهَا زَائِلَةٌ،وَزَهْرَتَهَا ذَابِلَةٌ،وَزِينَتَهَا فَانِيَةٌ،فهَلِ الأَعْمَارُ إِلاَّ أَعْوَامٌ؟وَهَلِ الأَعْوَامُ إِلاَّ أَيَّامٌ؟وَهَلِ الأَيَّامُ إِلاَّ أَنْفَاسُ يَقْظَةٍ وَمَنَامٍ؟ وَإِنَّ عُمُراً يَنْقَضِي مَعَ الأَنْفَاسِ لَسَرِيعُ الانْصِرَامِ؛قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:(مَا أَسْرَعَ هَذِهِ الأَيَّامَ فِي هَدْمِ عُمُرِنَا،وَأَسْرَعَ هَذَا الْعَامَ فِي هَدْمِ شَهْرِهِ،وَأَسْرَعَ هَذَا الشَّهْرَ فِي هَدْمِ يَوْمِهِ)،فالسعيد منا أشْتَغَلَ بِمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ،وَتَحَسَّرَ عَلَى مَا فَرَّطَ فِي أَمْسِهِ،وَمَنْ شَقِيَ منا بِالْفَسَادِ،َلَمْ يُوقِظْهُ هَوْلُ يَوْمِ الْمَعَادِ،وَلَمْ تَزِدِ الذُّنُوبُ قَلْبَهُ إِلاَّ السَّوَادَ.فَإِنَّهُ لاَ يَسَعُ الذَّاكِرينَ لِهَذَا إِلاَّ الإِقْبَالُ عَلَى الْبَرِّ الرَّحِيمِ،(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).

 اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا جَمِيعًا،وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ،اللَّهُمَّ اجْعَلْ قُلُوبَنَا مُطْمَئِنَّةً بِحُبِّكَ،وَأَلْسِنَتَنَا رَطْبَةً بِذِكْرِكَ ،وَجَوَارِحَنَا خَاضِعَةً لِجَلاَلِكَ،اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا،وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ،اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَارِنَا أَوَاخِرَهَا،وَخَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا،وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ.اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ،وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ،وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ،وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا.

 

جامعة العلوم الإسلامية العالمية

كلية الشيخ نوح للشريعة والقانون


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد