ملفات إصلاحية أمام وزير التربية و التعليم

ملفات إصلاحية أمام  وزير التربية و التعليم

29-10-2011 11:15 AM

تريثت قليلاً معاليكم  بالكتابة حتى الانتهاء من تلقيكم  تهنئة و مباركة المهنئين لتوليكم  حقيبة التربية و التعليم ، لقد عرف عنكم التميز منذ دخولكم  معترك العمل في مجال التعليم  ، وكنتم و ما زلتم معلما مربيا حاملا في فكركم  وضميركم الأجيال ،   إن هذه الحقيبة الوزارية لحمل ثقيل حيث هناك الكثير من الملفات الإصلاحية بانتظارك معاليكم ، لعمري إن الأمر خطير ، و حلها ليس بالأمر اليسير ، و تحتاج إلى جهد مضن و كبير ، أرجو أن تجدوا  معاليكم وقتاً و متسعاً للاطلاع عليها .

لا بد من تذكير معاليكم  ببعض موضوعات الملفات الإصلاحية  التي تخص العمل في هذه الوزارة وهي ،   راجياً أن تجد الاهتمام و الدراسة المعمقة و الجدية : 

§        لا بد معالي الوزير أنكم قرأتم  قول أحد الحكماء، على أولي الأمر ألا يتركوا محسناً ولا مسيئاً ما دون جزاء؛ فإنهم إذا تركوا ذلك تهاون المحسن، واجترأ المسيء، وفسد الأمر، وبطل العمل. فحتى لا يفسد الأمر ويبطل العمل، عاقبوا المسيء وكافئوا المحسن. ففي وزارة التربية و التعليم اليوم الكثير من المحسنين يستحقون الثناء، وهناك موظفون مسيئون يستحقون العقاب، وأنا على يقين معاليكم أنكم لن تجدوا عناءً في العثور عليهم، فلقد أصبحوا عنواناً للفساد. تذكر معالي الوزير وأنت الرجل العالم المثقف  حكمة أفلاطون "الـمَلِك كالنهر الأعظم تستمد منه الأنهار الصغار، فإن كان عذباً عذبت وإن كان مالـحاً ملـحت".

§        لعلكم سمعتم معالي الوزير، إن ثقافة الواسطة و المحسوبية فاحت رائحتها حتى أزكمت الأنوف ، فهناك الكثير ممن يشغلون المناصب في الإدارات التربوية و التعليمية و المدرسية جاءوا بالواسطة و المحسوبية . وكما تعلمون، معالي الوزير، إن الزمن تغير و المراحل تبدلت و الظروف هي ليست ذات الظروف  ، ومع ذلك بقي هناك الكثير من يقاوم التغيير ، و ممارساتهم الإدارية بقيت كما هي . أرجو أن لا  تنضج تلك الأزمات الإدارية في وزارتنا لتصل مرحلة اللامهنية من ضياع الحقوق والمصالح واللاخلاقية من الإقصاء والتهميش ، أرجو أن يغيب عن معلمينا و موظفينا  الشعور بالظلم والغبن والتضييق ، أتمنى غياب المستفيدين من غلة الصيد في المياه العكرة. أرجو أن لا  تتعاظم دور سلطة المدير الظالم الذي لا يرى أبعد من سلطته  وراتبه ومكتبه ولا يسمع غير أصوات من يكلمونه عبر الهاتف ولا يقرأ غير المذكرات والفاكسات التي ترد على مكتبه، ، أتمنى أن لا  يقزم أصحاب الكفاءة ، ولا ينظر إلى الاسم الأخير في  الترقيات الوظيفية ، أتمنى من كل قلبي التركيز على الكفاءات والخبرة والنزاهة ، و بعيدا عن الواسطة والمحسوبية نكون بدأنا بتطبيق : الرجل المناسب في المكان المناسب قي المرحلة المناسبة .

§   هناك الكثير من قيادات رأس الهرمي التربوي في الميدان تتفرد بقراراتها ولا تؤمن بالإدارة الجماعية الجمعية  و التشاركية و التعاونية ، ولا تعير أي اهتمام لبطاقات الوصف الوظيفي التي تحدد الصلاحيات و المهام ، يديرون المديريات و كأنها بقالات و مزارع خاصة لهم و لآبائهم  ، لا يدركون إن عصر " أنا الدولة و الدولة أنا "  قد ولى من غير رجعة. حان  معاليكم أن تجتث مثل هذه القيادات المتهرئة و المتهالكة و آلايلة للسقوط  من جذورها لأن ضررها كثير وفوائدها قليلة , تأثيرها السلبي كبير ، أنها تعاني من سقم مزمن وأمراض لا يرجى شفاءها. نحن بحاجة إلى قيادات تربوية تتسم بالعقول المفكرة و الراجحة وصاحبة  الأخلاق العالية.

§   هناك حاجة ملحة معاليكم لإعادة النظر في الكثير من التشريعات التربوية و الأنظمة و التعليمات حتى تواكب روح العصر منها على سبيل المثال لا الحصر أنصبة المعلمين العالية ، و تعليمات الانضباط المدرسي ، و أتمنى على معاليكم العمل على سن التشريعات اللازمة التي تعيد للمعلم هيبته المجتمعية، فالمعلمون كما يقول الشاعر هم الذين يزرعون في الوطن أروحاً ، و يشعلون في الأفاق مصباحاً و يبنون منارات العلا شهباً،  أن توفير الاستقرار النفسي والوظيفي للمعلمين مطلب لا رجعة عنه . كما أرجو التركيز على تطوير مدرستنا الأردنية مما يسهم في الارتقاء بدورها الهام و الفعال في تربية النشء و بناء الأجيال و صناعة الإنسان .

§        أعتقد أن عقد لقاءات تربوية مع المعلمين و المعلمات هو الطريقة المثلى للحصول على تغذية راجعة بشأن تطوير  العمل التربوي شريطة عدم حضور القيادات التربوية في الميدان لتلك الاجتماعات ، و يمكن أن يتم ذلك وفق برنامج منظم و محدد . على  وزارة التربية  والتعليم أن تطور إجراءاتها ، و تنوع وسائل تواصلها مع جميع الشركاء الاستراتيجيين من معلمين و طلبة و أولياء أمور والمهتمين بالعملية التعليمية ، حيث لا بد من إطلاق خدمات التواصل الالكترونية وتطوير موقع الوزارة بحيث يكون أشد التصاقاً بالواقع التعليمي، مزوداً المجتمع بالمعلومات والبيانات بكل شفافية، فضلاً عما يوفره من مجال للحوار المفتوح بين الفئات المختلفة ومسؤولي الوزارة من جهة، وبين العاملين في الميدان التربوي وأولياء الأمور والطلبة من جهة أخرى. كل ذلك يمكن الوزارة من التعرف إلى نبض المجتمع ورؤاه وتطلعاته، فيما يخص الشأن التعليمي.

§        بات ترسيخ ثقافة ديمقراطية صنع واتخاذ القرار و العمل الجماعي في الميدان التربوي مطلبًا ملحًا للعديد من الاعتبارات، فإلى جانب كونه أحد دعائم النجاح لترسيخ فكر العمل التشاركي ، فإنه يمثل مدخلا أساسيًا للتعامل مع ثقافة المقاومة المتوقع ظهورها في مواجهة جهود التطوير المنشود، فضلا عن كونه آلية فاعلة لضمان مشاركة جميع أفراد المجتمع في جهود التطوير عن رضا وقناعة، خاصة عندما تتاح لهم فرص حقيقية في صنع واتخاذ القرارات .  معالي الوزير ،   أن العمل الجماعي   بات يمثل ركيزة أساسية لإنجاز أهداف أي تطوير ، باعتباره يساعد في بلورة رؤية متكاملة وتحقيق نظرة شاملة، لدى السعي لتطوير الأداء في أيٍ من مجالات العمل التربوي   المختلفة .

§        معالي الوزير ، ظلت قضية الرواتب و الحوافز المادية للمؤتمن على فلذات أكبادنا الحلقة المغيّبة في تقارير وبرامج الإصلاح التي تم تبنيها من قبل وزارة التربية و التعليم . و كما تعلمون معاليكم ، إن وضع عربة الإصلاح أمام الحصان  الذي يجرها كان من نتائجه الطبيعية، حالة الانسداد والتململ التي نعرفها كل عام بين صفوف المربين .

§        معالي الوزير، إن ساعة المراجعة الدقيقة والشاملة للمنظومة التربوية  قد حانت. وأن الأمر يستدعي إعادة تقييم شامل وإصلاح الإصلاحات العرجاء التي بوشر بها منذ زمن ليس بالقصير حيث وصلت إلى طريق مسدود وتحتاج إلى مراجعة شاملة وقرار سياسي حكيم قبل الوقوع في نتائج كارثية. لقد تم تحويل المدرسة إلى ثكنة لا تعطي طريقة صحيحة للتفكير للمتعلم  بقدر ما تملي أفكاراً معينة تنتقيها السلطات حسب أجنداتها  بعيدًا عن أي اعتبارات تعليمية ، أن المدرسة لم تعد مؤسسة اجتماعية لبناء الإنسان والإطار القادر على رفع التحديات  وأخلقة المجتمع وتكريس قيم التحضر والتمدن والثقافة بقدر ما أصبحت أداة لتجريب أفكار وطرق ومناهج تعليمية بطريقة عشوائية . معاليكم ، لا بد من رسم خريطة طريق يشارك بها المعلمون و كل أطراف المجتمع تحدد الأولويات و الخطوات الإجرائية التي يجب على الوزارة   السير على هديها لتحقيق أهداف التحسين والتطوير في كافة المجالات التربوية وصولاً للتنافسية العالمية .

     لقد أطلت و أثقلت على معاليكم مع خالص احترامي وتقديري و تمنياتي لكم بالتوفيق و السداد .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد