يا حكومة .. الفساد أولاً .. لماذا الصمت ؟

mainThumb

17-11-2011 07:13 AM

عاشت معظم مؤسسات  الدولة الأردنية في السنوات الأخيرة حالة من التراجع في مستوى الأداء عز نظيرها ، فـ "لا تكامل".. التخبط .. الفساد الذي ينخر في أعمدة المؤسسات كالـ "سوس" ..الترهل !

 أصواتنا تعالت مطالبة بمكافحة الفساد وإعادة الهيبة لمؤسسات الوطن نظراً لإنعكاس ذلك على مستوى معيشة المواطن .. لترافقها أصوات ركبت الموجة ، مستغلة الربيع العربي، لتبدأ أنشودة الإصلاح..الإصلاح.. فأصوات جديدة أيضاً تدعو لملكية دستورية.. وأخرى تطالب بحكومة برلمانية وفق قانون انتخاب عصري.. ضجيج أصوات وأناشيد طغى على المسامع .. ولم يأبه أحد بما يريده الشعب ؟!

 فكل طرف من أطراف المعادلة الإصلاحية الأردنية يحاول أن يدير "النار على قرصه " بمعزل عن رغبات وتطلعات الشعب الرئيسية ؟!

تعاقبت على المملكة في العام الحالي ثلاث حكومات ، وفي كل يوم تشكلت فيه حكومة وودعنا أخرى أردد ما يردده الناس : "إن جاء س أم ص شو طايلنا" ؟!

ان العامل الاقتصادي هو الذي اشعل فتيل الربيع العربي من تونس .. وكان غلاء الاسعار وارتفاعها هو الذي اشعل فتيل الازمة في الاردن ، ليتطاير الشرار بعدها هنا وهناك ، نحو مطالب لا تعدو عن كونها مطالب حزبية وأشخاص يمثلون تيارات بعينها بعيداً عن مطلب الشعب الذي تحرك الشارع من أجله .. وهو الدفاع عن قوته ومقدرات وطنه ومؤسساته التي أصبحت تحت قبضة المتنفذين ليستشري فيها الفساد والنهب بلا مساءلة ! 

 وفي حسبة بسيطة لما شهدته الساحة الاردنية على مدى ثمانية شهور ماضية ، أي منذ انطلاق المسيرات والمظاهرات، فإن المتتبع للمشهد يجد ان الاعتصامات العمالية تجاوزت اكثر من 200 اعتصام عمالي وفق تصريحات وزير العمل السابق ، في حين نظم الحراك الشعبي والحزبي المطالب بالاصلاح مسيرات لا تتجاوز المئة زادت أم نقصت قليلاً .. وهذا ، إن دل على شيء، انما يدل على ان المشكلة الابرز عند الشعب الاردني هي تدني الظروف الاقتصادية والمعيشية مقارنة بموجة الغلاء التي شهدتها المملكة في السنوات الاخيرة الماضية والتي نجمت عن استشراء الفساد في المؤسسات.. والفساد ليس السرقة فحسب ، وانما الترهل والتخبط والتشرذم وغيرها.

هذه الحقيقة تؤكدها حالة التراجع في حراك الشارع المطالب بالاصلاح، حيث ان المملكة شهدت مؤخرا مسيرات لم يخرج بها سوى العشرات او المئات على ابعد تقدير.

لا أقلل من أهمية مطالب الاحزاب والتيارات السياسية الاردنية ، فقد تكون مطالبها في المجمل من شأنها الارتقاء بالاردن الذي نفتديه بالمهج والارواح ، غير ان هذه المطالب - إن تحققت - لن تسدد عجز الموازنة او تسدد مديونية المملكة لدى البنك الدولي التي تجاوزت الـ (17) مليار دولار!

ومن هذا المنطلق ووفق رأي ، أزعم أنه "شعبي" ، فإن الحل يبدأ من تعزيز ثقة المؤسسات بنفسها وبتلاحمها مع غيرها للعمل بشكل تكاملي وقانوني ومنهجي، وبملاحقة الفساد ومحاسبة المفسدين امام الملأ ، وبلا هوادة ، ومصادرة اموال المؤسسات والشعب المسلوبة ، لا التركيز على تعديلات وقوانين واعراف قد تزيد "الطين بلة".

بالأمس القريب غادرتنا حكومة اخطأت باعتراف خليفتها في ملف البلديات، حيث طالعنا وزير البلديات الجديد ماهر ابو السمن مؤخرا بتصريحات مفادها ان قرارات الحكومة السابقة غير قانونية فيما يخص البلديات.. وهنا نتساءل : هل تمت محاسبة تلك الحكومة عن تجاوز القانون؟! ولماذا هذا الصمت على من خالف القانون.. وألحق الضرر بالمال العام وبمؤسسات الدولة.. وأحدث بؤر توتر في مختلف أرجاء الوطن ؟.. لماذا الصمت؟!!!

هل الثناء على تلك الحكومة واستبدالها بحكومة اخرى هو الحل الوحيد في دولة قوامها انها "دولة القانون والمؤسسات" ؟!

قضايا الفساد أصبحت تحال من هيئة مكافحة الفساد بالـ "أكوام" الى دائرة الادعاء العام، لكن الأحكام التي صدرت عن المحاكم بشأن ملفات الفساد لا تتجاوز أصابع اليد.. قضايا فساد بـ "الجملة" والأحكام بـ"المفرق" ... ولا حول ولا قوة إلا بالله.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد