الإدارة بالشيخوقراطية

الإدارة بالشيخوقراطية

21-11-2011 10:36 AM

لعلم الإدارة منهجياته العلمية، وأساليبه وأدواته التي تعتمد بالوقت الحالي اعتمادا كبيرا على الطرائق الكمية وعلى التطبيقات التقنية والمعلوماتية؛ وتقوم المنظمات الحديثة بتطويع تلك المنهجيات من اجل زيادة انتاجها، فظهرت سابقا البيروقراطية والديموقرطية وادارة الجودة الشاملة ونظام الايزو وادارة المعرفة ونظم المعلومات وغيرها من المسميات والتي تدور في غالبيتها حول تسخير كل شيء لخدمة زيادة الانتاجية وتخفيض النفقات على الجميع من اجل كسب المزيد من رضا العميل، ونحن في العالم العربي والحمد لم نخلو من تلك المسميات فلدينا نظام الادارة بالشيخوقراطية الذي يتم على اسس شيخاوية بحتة في كل شيء، فاختيار الموظفين يتم بناء على صلة القرابة والتوريث والمناطقية، واثناء العمل داخل المنظمة مهما كانت طبيعة عملها واهدافها يعد الموظف الاكثر نفاقا والاكثر كلاما والاقل فعلا هو الافضل لانه لا يخطيء، ولماذا يخطيء فهو لا يعمل!!! فدوره الاساسي هو المديح والتضخيم للمدير الاعلى، فتجده يخاطبه بالقول: يا شيخ!!!، يا كبير!!! يا معلم!!! ولا يندم ان ركع وقبل يده!!!  الى غير ذلك من الاقوال والافعال الهلامية!!! التي بلا ادنى شك تقود المنظمة للاسفل ونحو الهلاك والفناء.

فالادارة الشيخوقراطية لا تعير القواعد والمبادئ والأساليب أي اهتمام، واحيانا كثيرة لا تعرفها اصلاً!!! فهذه الادارة مستهلكة فقط لقشور التقدم العلمي والحضاري، فلا بد من المكتب الفاخر واللاب توب الذي لا يجيد استخدامه سوا للشدّة وبعض الالعاب التافهة، فمثل هذه الادارة تؤدي إلى تشوّه العقلية الإدارية والقيادية في هذه المنظمات، وإلى ظهور العادات والممارسات الممتزجة بتلك التشوهات والإعاقات "اللاإدارية"، وإلى عجز الفكر الإداري فيها واضمحلاله وحشره في زاوية الشكليات الفارغة التي تقدم ولا تؤخر وبالتالي تقديم نموذج اداري غير صالح للاستخدام الحضاري. وبالتالي تبقى الشحنات الشيخاوية تتزايد باستمرار الى تطفو على السطح وتعد هي الاساس. الامر الذي ينتج عنه تكرس العصبية والفردية والأنانية والازدواجية والمزاجية والمحسوبية والشخصانية والتردد والسطحية وتأليه التقليد والعادة، فكان من الطبيعي أن يتم اقصاء الكثير من القواعد والمبادئ والأصول الإدارية والقيادية وتكريس الشخوقراطية، على شاكلة تحويل سيارة متخمة بالتكنولوجيا إلى عربة تجرها البغال.

لقد أصبح أولئك القاعدون على المناصب القيادية والإدارية العليا واحيانا كثيرة الوسطى في هرم الهيكل التنظيمي، يمثلون دور شيخ القبيلة، وحول هذا "الرمز الجديد" باتت تتحور وتتشكل تصورات الأتباع ومفاهيمهم الخاصة للقيادة، إلى الدرجة التي تكاد أن تشكل ظاهرة منفردة في علم الإدارة العربية يمكن الاصطلاح على تسميتها بالشيخوقراطية، مع أن هذا "الشيخ الرمزي" ليس بالضرورة أن يكون شيخا في الأسرة المالكة، ولكنه مصدر الإيحاء بالتصورات القيادية الجوفاء، وهي تصورات بعضها يتعلق بالنظرة الفوقية التي يرى بها المدير مَن تحته مِن العاملين، وبعضها الآخر يتعلق بالنظرة الدونية التي يرى العاملون بها أنفسهم، والتي تنعكس كلها بالضرورة على الممارسات والنشاطات والعلاقات والأساليب الإدارية.
 
ikhlouf@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد