هل يُصلح النظام نفسه ؟؟

mainThumb

23-11-2011 07:36 PM

 تجتاح عدة دول من الوطن العربي تحركات يصفها البعض بالثورة الشعبية , والبعض يقول إنها تمرد شعبي , وآخرون يصفونها بالحراك الشعبي , وهي في مجملها تطالب بالحرية والديمقراطية والإصلاح ومحاربة الفساد . إسقاط النظام تحقق بالحراك الذي قامت به فئات عديدة مختلفة العقائد والأهداف في كل من تونس ومصر, كان الحراك سلميا ًيتصدى لقوى أمنية لجأت إلى استعمال السلاح دفاعا ً عن النظام في هذين القطرين .

 سقطت رموزالأنظمة تلك, وانتقلت السلطة إلى قوى من رحم الأنظمة السابقة كمرحلة انتقالية , فوجدت القوى السياسية نفسها مسوقة إلى الحراك كي تتنافس على تحقيق المكاسب السلطوية التي تدخل في صميم أهدافها الوصول إليها ( أي إلى السلطة ) , وما زالت أوضاع هذه الدول بعيدة عن الاستقراروإعادة الأمن إلى المواطنين .

 في ليبيا هلك النظام الفردي الظالم السابق بتدخل قوى أجنبية جشعة في التكالب على مصادر البترول , ولم يستقر النظام الجديد بعد على إدارة الشأن العام باستقلالية المخدوشة بجرح عميق لأنها مضطرة تقديم تنازلات لحلف الناتومكافأة له على مساعدة الثورة بالقوة العسكرية , يقدرحجمها وقيمتها الحلف وليس النظام الليبي الجديد .

وكم كنا نتمنى أن يتمخض هذا الحراك , بما آلت إليه الحراكات البرتقالية في عدد من دول أوروبا الشرقية !!! بعد تفكك الاتحاد السوفياتي . عن الحراك في سوريا , فقد أوصلتنا مقالات بعض كتاب الصحف الأردنية , وفضائيات عربية وأجنبية إلى أن النظام السوري ذبح (الشعب السوري ) , ووصفت لنا شلالات الدم والمذابح التي تمت بالقصف المدفعي وقصف الطائرات بما يوحي أن في سوريا اليوم فقط رئيس وجيش وقوى أمنية وشبيحة , حتى أن بعض رموز المعارضة الخارجية التي أخذت تطالب القوى الأجنبية ( حماية الشعب ) فقط!!! فسرت أعداد المتظاهرين من الشعب السوري الضخمة الرافضة للتدخل الأجنبي , والتي فاجأت الحملة الصحفية والإعلامية وسببت لها الصدمة وأثارت حفيظتها , بأنهم مئات الألوف من حزب الله ومن قوات إيرانية مختلفة وليسوا سوريين .

وكان هناك موقف للجامعة العربية بقرارات وماقف , تذكرنا بإنذارات أميركا وبروتوكولاتها للعراق ومواقفها من صدام حسين , وإن كان يحوجها بعض ذكاء الصيغ الأميركية وتوقيتها ! " نحن في الأردن لسنا كغيرنا " عبارة نسمعها ونقرأها , ولكنها لا تليق بثقافة الأردنيين وبحسهم القومي وانتماءهم العروبي المطعم بالقيم الإنسانية , ولسنا دعاة تميزعابر للعقل العربي ولا ندعي التفوق على أي شعب لإي أي قطرعربي , فذلك كله تعنصر لا أرضية ولا مبرر .

 لنا نظام مختلف في تركيبه وفي توصيفه , وهذا حال كل دولة عربية . ويتيح لنا هامش حرية التعبيرفي بلدنا الأردن أن نتساءل : كيف يُصلح النظام نفسه ؟ وهويحكم منذ فترة طويلة , تعاقبت على سلطاته التنفيذية أكثر من ثمانين تشكيلة حكومية تنافست بياناتها الوزارية في الوعود بالتغيير والإصلاح , وتصادحت عباراتها بأنغام الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة وتحسين الأوضاع المعيشية ومعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية ونقل الأردن إلى المستقبل بثقة وثبات ؟؟.

وعلى الرغم من كل ذلك ما زالت الدعوات والمطالبات عينها تتكرر كما يتكرر محتوى البيانات الوزارية التي تحظى الحكومة من خلاله نيل ثقة مجلسي الأمة , وتكرار الأوضاع التي تستوجب الإصلاح على حالها بأفضل توصيف لها. ولكن هذا لا يلتقي مع مطالبات المعارضة للأحزاب السياسية التي ما زالت مصرة على التحدث باسم ( الشعب : راجع مقالاتنا السابقة عن ضبابية معنى مفردة الشعب في المجتمعات التعددية) , ولكن مطالباتها تتركز على تشريعات تعتقد إنها تضمن لها مواقع سلطوية , ومراكز حكومية تتولى من خلالها إدارة الشأن العام كما تراه عقائدها , متعذرة بالحق المستند إلى مبدأ الأغلبية – الأقلية كدليل على تمسكها بالديمقراطية , علما ً بأن الديمقراطيات الحديثة تخلت , منذ زمن بعيد عن هذا المبدأ وأدانته على اعتبار إنه يحمل دكتاتورية أغلباوية ويضعها في مراكز سلطوية تقود إلى وأد الديمقراطية ذاتها .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد