سباق التتابع إلى التبعية

mainThumb

26-11-2011 07:15 PM

لا زالت بوصلة الخطاب الرسمي الأردني تتجه نحو أمريكا منذ انطلاق المسيرات , وعلى عكس ما كان يسعى به الحراك الشعبي بأن يتم مخاطبته بشكل مباشر , من أجل الاطمئنان للمرحلة القادمة على أن النظام يتوجه نحو الإصلاح بخطوات عملية ملموسة.

هذا الخطاب , القادم من النظام وأدواته الحكومية وغير الحكومية , تتوجه بوصلته نحو دوائر صنع القرار العالمي , كاشفاً عن مخططات إصلاحية واسعة , تشمل الحريات والحقوق والتمدد الديمقراطي في مجتمعنا , وقد رافق هذه الرؤية أن صـُوِر الشعب الأردني بأنه غير جاهز لمثل هذه المراحل المتقدمة من الديمقراطية وتداول السلطة سلمياً , وأنه لا زال يعيش في قبـيلته العشائرية الرافضة للدولة المدنية والتي أظهرتها بعض الأحداث المفتعلة من الحكومة وأدواتها كموضوع البلديات (الفصل والدمج) وأحداث الرمثا , بأن هذا الشعب يرفض سيادة القانون , وبالتالي ما يقدم لهذا الشعب من إصلاحات هي كافية مرحلياً من أجل نقله تدريجياً إلى الدولة المدنية والتي تتطلب سنين طوال..فكيف من أجاد تداول السلطة سلمياً من خلال العمل الحزبي قبل 54 عاماً هو الآن غير جاهز وغير ناضج ديمقراطياً أو مدنياً؟!!...وإن كان فمن المسؤول عن هذا التراجع بدل التقدم على تلك المرحلة في الخمسينيات..؟!!!

للأسف , هذا الخطاب لم تتوجه به الدولة نحو الشارع الأردني , بل على العكس من ذلك , حيث لمسنا وعلى فترات متقطعة لغة مختلفة تماماً , اتسمت بالخطاب الموجه الفوقي والإملائي, بطريقة وصلت إلى حد العنف المحدود , وفي لحظات إنعطافية, أميزها موقعة سلحوب , التي أدت إلى سقوط حكومة البخيت , والتي أثبتت أن الخطاب الموجه إلى الشارع الأردني لا يحمل نوايا إصلاحية.

الدولة الأردنية , وبسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية , من عجز موازنة متوارث عبر السنين ومديونية أوصلتنا إلى حد السقوط إلى الهاوية , أن القرار السياسي فيها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي لا يرتبط بالمصالح الوطنية العليا , بل على العكس نراه يتجاوب مع الاملاءات القادمة من مراكز صنع القرار العالمي , والتي تتوافق مع مخططاتهم للمنطقة من الاستمرار في التبعية والحفاظ على مصالحهم بعيداً عن مصالحنا الوطنية , وما يصاغ من آليات لإنهاء القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار , وخاصة الأردن , واستبدال القوات الأمريكية في المنطقة بقوات عربية وبتكلفة خليجية وإدارة أمريكية , لإبقاء الهيمنة على منابع النفط في حوزة نادي الأثرياء الخليجي , وتقويض أي فعل تاريخي يقود إلى تبني الشعوب العربية لمشروعها بعيداً عن التبعية , وما يُؤسَف له , أنه تتولد في المنطقة أدوات جديدة بين الفينة والأخرى , لها القدرة من التأثير على قرارنا السياسي بما يتلاءم مع طموحات هذه الأدوات , من الصعود والانتشار , على القرار السياسي في المنطقة لتحقيق تطلعات مراكز القرار العالمي , وما يُلفت نظر المراقب للمشهد في المنطقة , أن هذه الدول الصاعدة (_وإن كانت عربية_) تسعى إلى الاستحواذ والتفرد في القيادة لمن يتبعها من دول , مستغلة ظروفها الاقتصادية والاجتماعية , ولكونها أدوات لقوى عالمية , تسعى لتحقيق مآربهم في خدمة ديمومة الكيان الصهيوني والبعيدة كل البعد عن رؤية الشعوب العربية , الساعية إلى التحرر من التبعية للغرب.

فهل , الحجم الجغرافي والديمغرافي لدولة مثل قطر يمنحها هذا الدور أم هو حجم التآمر وما يقدم من قرابين ؟!! أم المال كافي لمثل هذا الدور؟!!

الحلم الذي راود الشعوب العربية منذ الاستقلال الأول , في تحقيق وجود عربي موحد له حضوره في المنطقة , ويخدم الشعوب نفسها ويتحكم بقرارها السياسي والسيادي ليحقق مصالحهم القومية , ولا أعتقد أن الصحراء قادرة على تقديم رؤية مستقبلية للنهوض بالمشروع العربي , بل على العكس تماماً هي قُدمت لتكون أدوات طوعية بيد الغرب لقيادة هذه المرحلة وبالزمن المحدد!!!

الربيع العربي قادم من رحم المعاناة والتهميش رفضاً لهذا الواقع , والذي تتحكم فيه ثُلة من قيادات المنطقة أودت بشعوبها إلى مراحل متقدمة من الذل , فانتفضت على استسلامها سعياً لتحقيق الاستقلال الثاني الذي يمنحها الحرية والكرامة والسيادة , وهذا يقودنا إلى التساؤل من جديد , هل نعتقد أن هذه الدول البدوقراطية المحدودة جغرافياً والمعدومة ديمغرافياً والمتخمة بالمال , تتوجه بخطابها إلى الشعوب العربية, لتحريرها من أنظمتها المستبدة الفاسدة ومنحها الديمقراطية التي تتنعم بها؟!!

أم أنها تسعى إلى تحويل هذه الدول التي لا تملك قرارها السياسي إلى شركات مساهمة محدودة تتبع لإدارة تمتاز بأسلوب المال الانتهازي المنصاع للقرار الغربي الساعي إلى ديمومة الكيان الصهيوني؟!!

ونسأل , دولة تفتقر إلى أدنى مستويات الديمقراطية , هل قادرة على منح غيرها الحرية والديمقراطية والكرامة ؟ فأين هي من اليمن والبحرين وجياع الصومال؟!!!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد