الى أثرياء الخليج

الى أثرياء الخليج

06-12-2011 07:09 AM

السادة أثرياء الخليج، تحية عربية طيبة وبعد،،، لا نخفيكم أن خبر ترحيب مجلسكم الكريم بانضمام الأردن والمغرب لمجلسكم الموقر كان له الأثر الكبير في نفوسنا... فنحن شعبٌ اعتاد على الدوام على طيبة القلب وافتراض حسن النوايا... ولا نخفيكم أيضاً أنه كان قراراً مخيفاً بعض الشيء لأنكم أنتم أصحاب المال... والمال يعني في هذا الزمان السلطة والقوة... أمّا نحن فإننا أناس اعتدنا بساطة العيش وأدمنا السعادة بقليل المال... وصنعنا من عشوائية حياتنا جمالاً لا يوازيه في قلوبنا جمال مبانيكم العالية، أو جزركم المصطنعة، أو حدائقكم التي نبتت في غير مكانها.

 فنحن ولله الحمد نرى الجمال ليس في مبنى يناطح السحاب، بل في مطرٍ يجود به السحاب ليداعب وجوهنا ويذكرنا برحمة الله جلّ وعلا لعباده.. ولنرى في كل قطرة مطر عشبة تنمو... ووردة تزهر... وشجرة تثمر... نحن يا سادة... لم نصطنع جزراً ولا حدائق... فقد جعلنا شوارعنا أجمل منتزهاتنا... وأكثرها ارتباطاً بذكرياتنا... نحن يا سادة... لا نفاخر ولا نسابق بإنجازات تسجل بأسمائنا ويصنعها غيرنا مقابل بذخ وإسراف... فكل إنجازاتنا تمت بأيدينا... الأردن في "بترائها" وحدها يا أباطرة الصحراء أوصلت للعالم أجمع أننا شعب قادر على تفتيت الصخر والجبل الأصم بعزمه وإصراره وجعله حضارة عربية تشرق في التاريخ كل يوم... نشكركم على هفوة أو زلة لسان صنعت لنا عالماً جديداً من الآمال التي رسمت لكل فرد فينا مستقبلاً جديداً بوجود آفاق جديدة في بلادكم تخفف ما علينا من هموم وتعب... نشكركم على حلم جميل بنينا فيه بيوتاً أجمل، واشترينا فيه سيارات أفخم، وأصبح لدينا حياة بلا هموم، وعمر من دون ضنك... أمّا اليوم... وقد تراجعتم عن قراركم بضم الأردن إلى مجلس أثريائكم، فإننا نرى فقاعات الأحلام التي اهديتمونا حلقتها تتلاشى من أمامنا... وهذا لم يهمنا، ولن يهمنا أبداً... فالقصة هي مجرد مزحة سعدنا بها ورسمنا ابتسامة على محيّانا ومن ثم عدنا إلى جدّ عملنا وتعبه الذي اعتدناه طوال قرون ونحن نبني أعرق الحضارات التي شهدت ميلاد الحضارة حتى من قبل الميلاد...

نحن شعب لا نهنئ إلا في أكل من صنع يدينا... لا من طباخ يدخل بيوتنا وكأنه ليس رجلا... نقدر عظمة عمل البنت مع أمها، والشاب مع أبيه... فهكذا نشعر بقيمة تعبنا... نرى في الفجر والصبح ميعاداً للرزق... لا موعداً للنوم بعد سهر طويل لأن لا عمل بعده... فمالنا من عملنا وتعبنا وهذا ما تربينا عليه...

 أعزائي... نحن لسنا أغنياء.. ولكننا أيضاً لسنا أغبياء... فنحن من أكثر شعوب الكون تعليماً وثقافة، آباؤنا يدفعون الغالي والنفيس في سبيل تعليمنا... فتراهم يبيعون أراضيهم فقط في سبيل تعليم أبنائهم لأنهم على يقين أن ما يبيعونه سيعود عليهم بإبن يعيد لهم ما دفعوه من علمه وعمله... بطولاتنا الرياضية تقام على ملعب واحد، فليس لدينا ملاعب مكيّفة، ولا مرافق رياضية عملاقة، لكننا ومع هذا من عمالقة آسيا وحتى العالم في العديد من الرياضات... لدينا حرية تعبير مصونة وفق الدستور... وسقف عالٍ من الحريات... و"الصحافة سقفها السماء"... وأفكارنا لا حدود لها... نحن شعب نتعامل مع الأشخاص حسب شخصياتهم وقدراتهم وكفاءاتهم... فجنسياتهم ليست هي من يحدد رواتبهم ومواقعهم... نفتخر بأن إنجازاتنا تتحقق بإيدٍ أردنية لا بوجود خبرات عالمية...

في النهاية، هذه هي مجرد كلمات من شاب أردني ليس بكاتب أو أديب لكن هذا هو لسان الحال. والسلام من أردن الحضارة والمجد والتاريخ


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد